ثمانون عامًا من ”الوعد بالسلام”.. ميثاق الأمم المتحدة وثيقة تأسيسية منتهَكة عبر التاريخ


في ذكرى مرور 80 عامًا على توقيع ميثاق الأمم المتحدة، سلّط تقرير أممي الضوء على حجم الانتهاكات التي تعرّضت لها الوثيقة المؤسسة لأكبر منظمة دولية في العالم، والتي وُلدت من رحم الحرب العالمية الثانية في مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945، بوعد واضح: "إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب".
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الميثاق لا يجب أن يُختزل في كونه وثيقة قانونية، بل هو "وعد بالسلام والكرامة والتعاون بين الأمم"، رغم أن التطبيق الواقعي له شهد على مدار ثمانية عقود خروقات عديدة.
ويشتمل الميثاق على 19 فصلًا و111 مادة، تحدد المبادئ الأساسية في العلاقات الدولية، أبرزها احترام السيادة وحل النزاعات بالطرق السلمية، لكنه في المقابل يمنح مجلس الأمن الدولي صلاحيات واسعة في فرض العقوبات واستخدام القوة، ما أثار انتقادات بشأن هيمنة الدول الخمس دائمة العضوية واستخدام "الفيتو" كأداة سياسية، تُعطل العدالة الدولية أحيانًا.
ورغم وجود آليات لمحاسبة الدول المنتهِكة، إلا أن الواقع أثبت صعوبة تطبيقها، فلم تُفصل أي دولة من عضوية الأمم المتحدة رغم تجاوزات كبيرة. كما لم يُحاسب أي طرف على الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أو العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا عام 2022، في ظل تفسيرات متضاربة لبنود الميثاق، خصوصًا ما يتعلق بحق الدفاع المشروع أو السيادة الوطنية.
وشكلت المواقف الدولية الأخيرة، لا سيما اتهامات إيران للولايات المتحدة بخرق الميثاق إثر استهداف منشآتها النووية، نموذجًا جديدًا للتأويل المتباين لبنود الميثاق، ما يُبرز الحاجة إلى مراجعة آليات التنفيذ وليس فقط المبادئ.
ورغم أن ميثاق الأمم المتحدة لا يزال الوثيقة التأسيسية الأهم في النظام الدولي، فإن التحديات المستمرة والانقسامات الجيوسياسية باتت تُهدد جوهره، وسط دعوات دولية لإعادة تفعيل بنوده بما يضمن العدالة لا الانتقائية، والشرعية لا ازدواجية المعايير.