أحمد قنديل يكتب ”معركة جهينة بصمة مشرفة ”

لاشك أن التاريخ أعظم شاهدا على الأحداث ، وقد تكون تلك الأحداث شرف لأبطالها الذين اختاروا أن تكتب أسمائهم بأحرف من نور ، وتكون بطولاتهم التي رويت بدمائهم الطاهرة ، دفاعا عن العرض والأرض ورفض الظلم والمهانة بصمة مشرفة ومضيئة على مر العصور

لقد ضرب أبناء جهينة أروع الأمثلة في الاستبسال والنضال ضد المغتصب بصمودهم ضد أسلحته وآلياته ليوقفوا زحفه تجاه الوجه القبلي في معركة ذكرها المؤرخون بأنها من اشرس المعارك التى خاضتها الحملة الفرنسية

استطاع هؤلاء الأبطال كسر أنف المحتل وافشال غزوه
حينما جاءت فرنسا بحملتها الشهيرة علي مصر وزحفت بجيوشها إلي الجنوب ولاقت الحملة مقاومة شديدة بمدن وقرى المحافظة وحدثت معارك عديدة أظهرت كفاح المصريين عامة وعدم رضوخهم للذل والاستعباد ومن أهم تلك المعارك التي خاضها أبناء سوهاج هي معركة سوهاج 3 يناير 1799 م – ومعركة طهطا 8 يناير 1799 م – ومعركة الصوامعة – مارس 1799 م – ومعركة برديس 6 أبريل 1799 – ومعركة جرجا 7 أبريل 1799 م.
أما أكبر المعارك التي خاضها أبناء الإقليم هي معركة جهينة 10 أبريل 1799م وكانت المعركةالاشرس والفاصلة التي أرغمت الإحتلال الفرنسي على الرحيل حيث كان القتال فيها ضاريا

امتلأت الشوارع بالجثث ورغم ذلك ظل أبناء المحافظة يدافعون عن أرضهم وعرضهم وهذان يمثلان لدى المواطن الصعيدى خطا احمر لايجوز الإقتراب منه نهائيا
‏فهذه عقيدة راسخة لم تتغير منذ آلاف السنين أن الأرض هى العرض لدى المصريين عموما وأبناء الصعيد خاصة
‏
ذكر المؤرخ عبدالرحمن الرفاعي فى سرده لتاريخ الحركة القومية في مصر أن قائد الحملة الفرنسية إلى صعيد مصر الجنرال دافو أمر القائد موراند بمهاجمة برديس فى يوم السادس من أبريل من نفس العام فتجمعت الأهالى والقبائل العربية وسكان القرى المجاورة والتحموا فى معركة شرسة مع الفرنسيين و اجبروهم على التقهقر إلى جرجا للحفاظ على ما تبقى من مواقع الحملة الفرنسية
وبدأت معركة في جرجا فى يوم السابع من أبريل شهدت معارك طاحنة بين ثلاثة آلاف مواطن تجمعوا من سكان المنطقة وعرب الحجاز والمماليك مع القوات الفرنسية
بكل عتادها وأسلحتها فأسقطوا العديد من القتلى والمصابين بين صفوف الجنود الفرنسيين

ويقول الرافعى إن ثورات هذه القرى جعلت ثورة الأهالى تمتد إلى طهطا وتستولى على الحكم القائم فيها وطلب الفرنسيون مددا لقمع ثورة الأهالى في القرى المجاورة فأقبل الضابط لاسال بجنوده قادما من أسيوط وكانت
معركة جهينة فى يوم العاشر من أبريل عندما تصادم مع الثوار فى جهينة وشهدت ساحات القتال والحصون المختلفة معارك طاحنة نتج عنها عدد كبير من القتلى من الجانبين مما اضطر جنود الحملة إلى مغادرة جهينة والانسحاب من سوهاج حيث لم يستتب لهم الأمر نتيجة المقاومة العنيفة وثورة الأهالى

تقع محافظة سوهاج في مركز متوسط بالنسبة لمحافظات الصعيد حيث تبعد عن القاهرة 467 كم ومن أسوان 412 كم، يقسمها نهر النيل إلى جزئين شرقى وغربى ويحدها شمالاً محافظة أسيوط ، وجنوبا محافظة قنا، وشرقاً محافظة البحر الأحمر، وغرباً محافظة الوادي الجديد.
تاريخ_سوهاج

وتعتبر سوهاج من البلاد القديمة ذات التاريخ العريق، حيث يرجع تاريخها إلى الملك مينا موحد القطرين، حيث حكم مصر من هذه المنطقة، وكانت عاصمة مصر في عهد ملوك الأسرة الأولى والثانية، وتوجد آثار بالقرب من مركز البلينا تدل على وجود المدينة المقدسة "أبيدوس" مركز الحج في عهد الفراعنة، كما يوجد بها معبد سيتي الأول الذي اكتشف عام 1859 ومنقوش عليه في لوحة كل أسماء ملوك مصر منذ مينا حتى سيتي الأول، كما عثر على "كتاب الموتى" وهو أشهر كتاب ديني عن الفراعنة في نفس المنطقة. كما استقرت بعض القبائل العربية بسوهاج في عهد عمرو بن العاص مثل قبيلة "جهينة" العربية.
شعار سوهاج

وتتخذ محافظة سوهاج الملك مينا موحد القطرين شعاراً لها وهو من أبنائها الذين قاموا بتأسيس أول دولة موحدة في العالم القديم (4300 ق.م)