الثلاثاء 19 أغسطس 2025 08:09 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

العالم

لوبن تستعد لتفجير مفاجأة وتقلص الفارق مع ماكرون إلى نقطة واحدة

النهار نيوز

تفيد جميع استطلاعات الرأي في فرنسا أن ماكرون ولوبن هما فرسا رهان الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية على التوالي سبق أن تواجها في الدورة الثانية من الانتخابات الماضية عام 2017، رغم زحف زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلونشون مؤسس ورئيس حزب ( فرنسا الأبية) بخطوات ثابتة وتقدمه في المراكز بفضل أصوات عرب ومسلمين فرنسا ومعظم الأجانب المتجنسين المؤيدين له ولخطابه المدافع عن حقوهم والتركيز على أولويات فرنسا وملفاتها الساخنة.

ويقول خبراء فرنسا بأنه في حال تكرار سيناريو الانتخابات الماضية ، وأكدت آرائهم خمسة استطلاعات للرأي بأن الرئيس ماكرون سيفوز في الدور الثاني المقرر يوم 24 أبريل بفارق جد ضئيل عبر نتائج ترجح نيله نسبة أصوات تراوح بين 51 و54 %. بينما تتراوح أصوات لوبن مابين 46 الى 49%. فيما تبدو فرص بقية المرشحين العشرة الآخرين محدودة جدا.

-" لوبن قد تفوز بالرئاسة"-

المفارقة، أن زعيمة ورئيسة حزب التجمع الوطني قلصت الفارق وبشكل غير مسبوق مع الرئيس المنتهية ولايته زعيم حزب الوسط ،مؤسس ورئيس حزب الجمهورية الى الأمام إيمانويل ماكرون ، حيث يتصدران المشهد السياسي وفي طريقهما للوصول إلى الدور الثاني ، وفقًا لآخر استطلاع لـمجلة لكسبرس وقناة BFM TV ، بالشراكة مع مجموعة SFR الإعلامية.

لقد نجحت لوبن إبنة جان ماري لوبن مؤسس اليمين المتطرف في أوروبا على مدى عقود، في إظهار حزبها بصورة أكثر اعتدالا مع شنها حملة مقنعة بعدما تخلت عن معظم الافكار العنصرية وتخلصت من النازيين الذين جعلوا من حزبها مصدرا لكراهية الاجانب والاسلام والمسلمين بشكل خاص وعلى رأسهم ساعدها الأيمن جان مسيحة الذين وجدوا مأوى سياسي آمن لهم في أحضان العنصري إيريك زيمور مؤسس ورئيس حزب الاسترداد. كما تخلصت لوبن من بعض سياساتها الانعزالة وخروج فرنسا من كل الاحلاف الدولية كالناتو والاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو والعودة للعملة الوطنية الفرنك الفرنسي الخ وركزت برامجها على ما يهم الفرنسيين من ارتفاع مستوى المعيشة والقدرة الشرائية والأمن وسيادة ومصالح فرنسا التي يضعها المواطنون أعلى سلم أولياتهم وكذلك تعزيز الاقتصاد ومحاربة التضخم جراء الحرب في أوكرانيا والأزمة الصحية العالمية.

وقد نجحت زعيمة التجمع الوطني من جعل حزبها القوة السياسية الثانية في البلاد، وقد يشهد العالم غدا مفاجأة بتقدم مارين لوبان في الدور الأول على حساب الرئيس المنتهية ولايته، ليواجه كل منهما الآخر للمرة الثانية على التوالي بعد أن استفادت من أخطائها السابقة واستمرت جيدا أخطاء الرئيس وحكومته في إدارة البلاد ولا سيما أزمة السترات الصفراء وتذمر الفرنسيين من سلسلة الأزمات التي اشتعلت في ولايته سواء الداخلية أو الخارجية حيث أوقع فرنسا في مشاكل كبرى مع دول مثل أستراليا وبريطانيا والمغرب والجزائر ،كما فشل في تفادي الحرب ضد أوكرانيا رغم لقاءه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدة مرات واتصالاته شبه اليومية به. وقد تستغل مارين لوبن عشق الفرنسيين للتغيير لتصبح اول سيدة تحكم فرنسا في التاريخ، حيث يراها البعض مع جان لوك ميلونشون في الدور الثاني وفوزها بالرئاسة في مفاجأة من العيار الثقيل، ولم لا وقد اعتاد الفرنسيون على مفاجأة رؤسائهم في الولايات السابقة واقصائهم مثلما فعلوا مع الرئيسين ساركوزي وهولاند في الانتخابات الرئاسية (2007 و 2012). بل أنهم أغضبوا زعيمه الخالد الجنرال شارل ديجول وجعله يرحل من قصر الإليزيه رغم كونه محرر فرنسا من النازية ومؤسس الجمهورية الخامسة ولم تشفع له أنه أرسى المؤسسات الفرنسية القوية وجعل بلادهم تمتلك السلاح الذري لتكون رابع قوة نووية على مستوى العالم.

في الواقع ،هذا السيناريو ليس نستحيلا ولكن صعب المنال حاليا، حيث يشير أغلبية المراقبون السياسيون والعقلانيون الى فوز الرئيس ماكرون بولاية رئاسية ثانية لكونه نجح في تحقيق أغلب وعوده الانتخابية التي قطعها على نفسه في انتخابات 2017 , بالإضافة إلى حسن أداءه العام في إدارة البلاد خلال الأزمات خصوصا الصحية والاقتصادية والتي عبر خلالهما بفرنسا الى بر الأمان، فيما رفعت حرب أوكرانيا من شعبيته وأضافت إلى رصيده.

وفي هذا السياق، توقع أحدث استطلاع للرأي اليوم أن يحصل غدا على 26 ٪ من نوايا التصويت ، بانخفاض نقطتين عن آخر استطلاع للرأي جرى بتاريخ 5 أبريل لكنه يبقى متصدرا جميع المرشحين ، فيما توصف حصول مرشحة التجمع الوطني على 25٪ من الاصوات بزيادة نقطتين، لم تكن الفجوة ضيقة بين المرشحين بهذا الشكل من قبل. فيما ارتفعت أسهم جان لوك ميلينشون أيضًا عن التقدير الأخير ، بزيادة نقطتين ليحصل على نسبة ( 17% ) ، لكنه لا يزال بعيدًا عن التأهل للدور الثاني حيث يحل ترتيبه الثالث وفي الخلف ، العنصري إريك زمور (8.5%) بالتساوي مع مرشحة الحزب الديجولي (الجمهوريون) فاليري بيكريس بنفس نسبة التصويت (8%) ، فيما تحل مرشحة الحزب الاشتراكي آن هيدالجو بعدهما بنسبة 6% من الأصوات.

-"أزمة غياب الناخبين تقلق الإليزيه"-

في الواقع، إن ما يثير قلق الإليزيه ومعسكر الرئيس ماكرون هو عزوف نحو ثلث الناخبين المتوقع عن اقتراع الغد حيث سيسهل من ارتفاع حظوظ وأسهم مرشحين أقصى اليمين واليسار على السواء في سياقٍ غير مسبوق ، لهذا كافحت الطبقة السياسية الحاكمة لجعل صوتها مسموعاً لدفع الناخبين إلى التصويت وتجنّب الامتناع الجماعي في الجولة الأولى المقررة غدا 10 أبريل.

كما يخشى القائمون على استطلاعات الرأي مشاركة نصف الناخبين، بنسبة منخفضة تاريخياً في الانتخابات الرئاسية. ووفقاً لدراسة حديثة أجرتها شركة "Ipsos" للدراسات الاستبيانية، يمكن لـ 65 إلى 69% فقط من الناخبين التوجه للتصويت. وبالتالي يمكن أن يتجاوز الامتناع عن التصويت حاجز الـ 30% ، وهو ما سيشكل رقماً قياسياً للانتخابات الرئاسية في ظل الجمهورية الخامسة، متجاوزاً نسبة 28.4% المسجلة في الـ 21 من أبريل 2002، خلال الجولة الأولى التي أدّت إلى التأهل المفاجئ لمؤسس الجبهة الوطنية"جان ماري لوبان" أمام جاك شيراك وإقصاء اليسار التقليدي المتمثل في رئيس الحزب الاشتراكي ليونل جوسبان، فيما وصل الامتناع عام 2017 إلى 22,2%.

وبعد 20 عاماً، اختلفت أسباب عدم الاهتمام بالانتخابات الرئيسية، مع انتشار وباء Covid-19 وأصداء الحرب في أوكرانيا وتهديد أمن أوروبا واقتصادها، ولهذا يكافح القائمون عن الحملة الرئاسية لتثبتوا أنفسهم في الحياة اليومية للفرنسيين. لكن رفض التصويت يُلوّح الفرنسيون به كسلاح احتجاج من قبل العديد من الناخبين المحبطين من إفلاس الأحزاب السياسية وعدم ثقتهم في زعمائها. ولهذا قررت السلطات الفرنسية التعاقد مع شركات تطبيقات التواصل الاجتماعي وسناب شات لحث نحو 25 مليون شاب وشابة على التصويت.

فهل ستغير فرنسا وجهها السياسي غدا أم يعيد الفرنسيون انتخاب إيمانويل ماكرون؟

هذا ما ستخبرنا به صناديق الاقتراع وإن غدا لناظره قريب.