الأربعاء 20 أغسطس 2025 09:20 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. سحر الخزاعي تكتب : متى ينتهي كابوس اختطاف أبناءنا من قبل مؤسسات رعاية الأطفال؟

النهار نيوز

للأسف انتشرت في الدول الأوروبية ظاهرة اختطاف الأطفال من أحضان أهلهم عبر العديد من المؤسسات الحكومية المختصة تحت هدف سامي ألا وهو متابعة حالات العنف ضد الأطفال والتأكد من نمو الطفل داخل بيئة صحية، وحصوله على كامل حقوقه من التغذية والصحة.
غير أن ممارسات تلك المؤسسات تسبب لغطاً وجدلاً واسعين إثر انتشار عدة حالات سلب أطفال عرب ومسلمين عنوة من أهلهم، بعضها بسبب طرق التربية العربية التقليدية التي عفا عنها الزمن كضرب الأب أو الأم للطفل أو نهي الطفلة ذات الإثني عشر ربيعاً عن الممارسات الجنسية مع صديقها للمحافظة على عفتها حتى زواجها الخ، فالطرق التربوية العربية وإن كانت تبدو قاسية مقارنة بالغربية إلا أنها تهدف الى تقويم الأخطاء وردع الكوارث التي قد تحدث بالتسيب والاستهتار في زمن الأباحة والإنحلال الأخلاقي وعصر النت والحرية المطلقة، لكن حتى ضرب الأبناء غير المبرح ممنوع في أوروبا وأمريكا بل قد يسجن الطفل والده او والدته لو شاء تحت إذن القانون.
بيد أن الموقف جد خطير وله إنعكاسات سلبية على مستقبل الأطفال ونفسياتهم، ناهيك على تعرضهم لعملية غسيل أدمغة سيما البنات بل قد يتم حتى تغيير الديانات والسلوكيات لمعظم الأطفال مع تحبيذ الحريات الجسدية والدينية والانحلال الخلقي تحت بند الحرية الشخصية والتي أدخل فيها مؤخراً حرية الجنس الثالث ( المثليين) والذين بعد أن تم الاعتراف بزواجهم من قبل الدول الغربية ،رأوا أنهم يحتاجون لتبني الأطفال لبناء أسرة رغم ما يقومون به من دمار لنفسية الطفل الذي يقع في يدهم لكن بعض ضحاياهم من هؤلاء الأطفال.
لا بد من وضع حد لظاهرة سحب حضانة الأطفال بصفو عامة والعرب والمسلمين في الغرب بصفة خاصة وإن كثرت مؤخراً في الدول الاسكندنافية حالات أخذ مئات الأطفال العرب والمسلمين عنوة من أهلهم، ممَّا تسبب في ذعر للأهالي حديثي الإقامة والعهد بالقوانين الأوروبية.

المؤسف أن يحدث ذلك في مؤسسات دول أوروبية راقية ،تأتي في صدارة تلك المؤسسات التي أثارت جدلاً واسعاً مؤسسة "يوجندأمت" (Jugendamt) الألمانية لرفاهية الطفل، ومنظمة "كافكاس" (Cafcass) البريطانية لدعم حقوق الطفل، ومركز "السوسيال" السويدي (Socialstyrelsen) المختص بالخدمات الاجتماعية داخل السويد ومؤسسة حماية الطفل في النرويج ( Barnevernet)

في الواقع الافتراضي. هناك حالات تخول السلطات سحب حضانة الأطفال، وقد لاحظنا أن ذلك يقتصر على اللاجئين والأجانب الذين يجها معظمهم السبيل لاستعادة الحضانة.
أثيرت في الأشهر الماضية، على سبيل المثال لا الحصر الجدل حادثة سحب "دائرة الخدمات الاجتماعية" (السوسيال) والشرطة السويدية لثلاثة أطفال سوريين من والديهم ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي. المعلومات المتوافرة حول القضية جد محدودة. وحسب ما وصلني من معلومات حتى الآن يبلغ أعمار اثنان من الأطفال 14 و12 عاماً. أما الثالثة فهي رضيعة ومريضة حسب قول والدتها.
وقد شاهدت فيديوهات الحادثة على مواقع التواصل كالنار في الهشيم. وسمعنا فيها صراخ وعويل الأم وهي تجري خلف الشرطة حافية القدمين على الثلج، قبل أن ترديها شرطية أرضاً وتسيطر عليها. في حين ألقى البعض باللائمة على السلطات، متهمين إياها بـ"سرقة أطفال اللاجئين"، فيما دافع البعض الآخر عن فعلة الشرطة معتبرين بأن للسلطات مبرراتها.

لكن كما أن هذه المؤسسات الخيرية لها مبرراتها، فلابد من انشاء مؤسسات خيرية لحماية حقوق الأسرة تعمل على تصويب الأخطاء من جهة ورصد حالات الأطفال لتتبين حقيقة المخاطر التي قد يتعرضون لها، لتكون بمثابة همزة الوصل بين الأسرة ومؤسسات حماية الطفل، فهناك بالفعل حالات نادرة تستلزم حماية الأطفال من الآباء مدمني الخمور والمخدرات لكن في نفس الوقت يجب أن تمنع مؤسسات رعاية الأبناء من سحب الأطفال من أحضان الآباء إن وجدت في تقريرها ودراستها الميدانية أنه لا يستلزم الأمر التفرقة بينهم. إذ يجب أن تدرس مؤسسات حماية الأسرة التي نقترح انشاؤها جميع الحالات التي تؤثر على رفاهية الطفل سواء من الناحية الجسدية أو النفسية؛ فالأمر لا يتعلق بالعنف الجسدي فقط بل النفسي أيضاً، وحتّى الإهمال من ناحية غذاء الطفل أو صحته تشكل سبباً لسحب الحضانة. لتبقى تقدير الحالة من صلاحيات "دائرة الخدمات الاجتماعية" والمحكمة وليس تحت رحمة مؤسسات حماية الطفل التي تجاوزت أهدافها النبيلة وكانت معظم نتائجها عكسية.

فهي لا تقتصر العنف على الجسدي فقط ولكن اللفظي أيضاً ،بل لا يقتصر ذلك على العنف اللفظي تجاه الطفل فقط، فإذا ما استفحل الخلاف بين الوالدين ووصل إلى الصراخ والى العنف اللفظي أيضاً يعتبرون بأن رفاهية الطفل في خطر.

كما يجب ألا يرتبط سحب الحضانة بدين الأهل أو أثنيتهم أو كونهم أجانب. فهناك الكثير من العائلات الأوروبية يعاني أولادها نتيجة الإهمال، وخاصة مدمني المخدرات.

المشكلة أنهم يسلمون الأطفال المسحوب من أهلهم في البداية إلى دار الحضانة، ولكن وفي كعظم الحالات يُسلم الطفل إلى عائلة ترعاه، دون وضع شروطاً صعبة يجب أن تتوفر في العائلة المستقبلة. فهناك عائلات تتخذ من دار رعايا الأطفال كخدم لها وبعض الآباء مرضى بشهوة الأطفال ولكن تعمل الغالبية العظمى من تلك العائلات على تغيير الديانات وسلوكيات للطفل المتبني رغم أن أهله أحياء.
فالأمر ليس بهذه السهولة التي تصورها الحكومات الغربية ومنظماتها الخيرية الرسمية والخاصة على السواء، إذ يتوجب أن تعقد سلسلة من الاجتماعات مع الأهل للتأكد من عدم أهليتهم لأطفالهم بل يجب أن يتم نصحهم لتعديل سلوكهم تجاه أطفالهم. ولكن في حال وجود ظروف تستوجب الإسراع في أخذهم لإنقاءهم، لابد هنا أن تقوم "دائرة الخدمات الاجتماعية" بمساعدة الشرطة، إن اقتضى الأمر، بأخذ الأطفال لحين بت المحكمة بالقضية ومن هذا المنطلق تكمن هنا ضرورة انشاء مؤسسات لحماية الأسرة لتقوم بهذا الدور ، وكذلك توعية للوالدين المسحوب أبنائهم استرجاع حق الحضانة عبر الرجوع إلى المحكمة والاعتراض.
بالطبع يمكن للآباء رؤية أطفالهم والاتصال بهم، تحت ما يسمى قانونياً "حق الإراءة" ،إلا إذا كان سبب فقد الحضانة هو التحرش بالطفل أو استغلاله جنسياً من أب مريض نفسياً أو مدمن مخدرات أو قاتل أو مجرم.

تابعت العديد من الانتقادات التي وجهت الى مثل هذه المؤسسات السيئة أهمها اتهامها باستهداف أطفال العائلات المهاجرة، واختلاق حالات غير حقيقية لسحب حضانة الطفل من أبويه، وذلك بُغية الحصول على تمويل إضافي من الدولة حسب عدد الأطفال الذين تعتني بهم وتتذرع للسلطات في بعدة أسباب لسحب حضانة الوالدين لأطفالهما.

قابلت كوكبة من الخبراء والحقوقيون وياسمين الرأي بل وجهوا جملة من الانتقادات لممارسات العديد من المؤسسات الأوروبية، لدرجة أنهم لاحظا انتشار حالات تتجنب فيها العائلات المهاجرة في أوروبا اصطحاب أطفالها إلى المستشفيات أو الأطباء النفسيين، وذلك خشية أي إبلاغ قد تقدمه تلك الجهات إلى مؤسسات رعاية الطفل التي تأخذ بدورها الأطفال عنوةً من أهلهم دون التثبت من حقيقة وضع الطفل، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تأثر صحة الطفل كنتيجة غير مباشرة لممارسات منظمات حقوق الطفل. وقد حدث بالفعل حينما سحب مكتب تابع لمؤسسة "يوجندأمت" الألمانية حضانة طفل منتسب إلى عائلة "توبراك"،
التركية إثر نقل ابنهم إلى المستشفى بعد أن علقت رقاقة في حلقه، بينما ادعت المؤسسة أنها سحبت حضانة أطفال آخرين بزعم أن "عائلاتهم أفسدوا أطفالهم بإظهارهم اهتماماً مفرطاً بهم"!!!

لا تخلو ممارسات هذه المؤسسات من أخطاء ونتائج سلبية، فمن أبرز النتائج العكسية لمركز "السوسيال" على سبيل المثال، نشأة حالة من العدوانية داخل بعض الأسر، نتيجة سوء استغلال أطفالها لحقوقهم التي تكفلها لهم الدولة ولم تستطع الدولة حل مشكلتهم بل ولم تعاقب المؤسسة الألمانية.

-《 غياب التوعية اللازمة عند المهاجرين 》-

يُرجع انتشار حالات سحب حضانة الأطفال بين الأسر العربية في العالم الغربي إلى قلة الخبرة والمعرفة بثقافة وقوانين البلد الذين يقيمون به. فهناك مبدأ أساسي يُتبع في الدول الأوروبية، ألا وهو إعطاء الأولوية القصوى لمصلحة الطفل، حيث يعطي القانون في أغلب الدول الغربية الصلاحية للقضاة أن يطبقوا هذا المبدأ على العديد من القواعد القانونية المتعلقة بالهجرة والجرائم والإدمان وغيرها.

ولكن يجب وضع رقابة لكي تتخذ المؤسسات المعنية برعاية الطفل إجراءات احترازية للتأكد من سلامة الطفل قبل كل شيء، ثم تتخذ بعد ذلك مسار تحقيق للبت في حقيقة الوضع ومدى صحة الادعاء بتعرض الطفل لعنف أو أذى محتمل، لكن نما إلى أسمائنا انتشار الاتهامات والانتقادات من حقوقيين غربيين توجه إلى تلك المؤسسات بأنها تختلق حالات وتسرع في سحب الطفل من أسرته قبل التأكد من صحة الادعاءات بعضها بسبب الحصول على امتيازات ومساعدات مالية من الدولة مستغلة جهل المهاجريين بقوانينهم ولغتهم وضعف أحوالهم.

على طرفي نقيض هناك مراكز تؤدي دورها بأمانة فبعض مراكز السويد لا تفرّق بين أطفال الأسر الوطنية والمهاجرة، بل تطبّق قوانينها على كل الأطفال داخل السويد، كما أن السلطات النرويجية تعتبر حماية الطفل من مسؤوليتها، ويمكن فهم ذلك في إطار أوسع بالنظر إلى برامج المساعدات الشهرية التي تصرف لكل الأسر صاحبة الأطفال، وذلك دون النظر إلى حالتهم المادية.

بيد أن هناك حالات نادرة لمن هم دون 18 عاماً، تعرض إباءهم لحالات تهديد وفي بعض الأحيان "ابتزاز" من قبل أطفالهم وهذا الأمر لم يتم دراسته ولكنه فرض نفسه بقوة من جراء هذا التسيب وعدم وجود كيان يراقب ويحقق ويقدم تقارير ودراسات لكل حالة.
من جهة أخرى، هناك غياب العدل في التعامل بين الأطفال المهاجرين في دول أوروبا، فمعظم المركز تعتمد في قراراتها بالأساس على الشكاوى المقدمة من قبل الجيران الذين غالبا ما يكونوا عنصريين، كما أن الأطفال المقيمين في أحياء تشبه "الجيتو" يقطنها المهاجرون العرب فقط يحرمون من حقوقهم، نظراً لصعوبة عملية تتبع حالات العنف ضد الأطفال داخل تلك الأحياء، على عكس الأحياء الأخرى ذات الغالبية.

ووفقاً للمركز النرويج للمعلومات الحكومية، فإن أغلب مراكز رعاية الأطفال تأخذ نحو 20 ألف طفلاً سنوياً من أسرهم، ويعيد توزيعهم على أسر أخرى. ونفس الحال في بقية دول أوروبا مع تفاوت ضئيل في النسبة السنوية لكنها تزداد كل عام.
لاجرم أن حماية الطفل متفق عليها من قبل كافة دول العالم ولاسيما دول الاتحاد الأوروبي، لكن قد تختلف الآلية بينها ،فمثلا الدول الإسكندنافية تشدد أكثر من غيرها في رعاية الطفل. هناك اختلافات في الإجراءات لكن ما ينطبق على السويد وهولندا وبلجيكا وفرنسا ينطبق أيضا على النرويج أيضاً.
لا أنكر أن المسعى جميل والهدف نبيل فيجب حماية الطفل من كل مخاطر، لكن نتائج هذه المؤسسات غالباً ما تكون كارثية ولهذا يقتضي منا مزيد من الإهتمام ودق ناموس الخطر والعمل على انهاء هذا الكابوس المزعج، ألا هل أبلغت؟ اللهم فاشهد.

مؤسسات رعاية الأطفال