الأحد 23 نوفمبر 2025 12:02 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

شرين عصام تكتب: أكل الميراث… جريمة تُرتكب باسم القرابة وتدينها السماء

النهار نيوز

يُعدّ الميراث في الشريعة الإسلامية أكثر من مجرد تقسيم للتركة أو توزيعٍ للمال؛ فهو تشريع إلهي محكم وضعه الله تعالى بميزان دقيق يضمن العدالة بين الورثة ويصون الحقوق دون ظلم أو استبداد. وقد أكد القرآن الكريم ذلك بآيات واضحة تُبيّن أن الالتزام بحدود الله فريضة، وأن تجاوزها إثم عظيم، قال تعالى:

﴿تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين﴾ [النساء: 13–14].

ورغم هذا الوضوح الشرعي، أصبحت ظاهرة أكل الميراث بين أفراد العائلة مشهدًا مؤلمًا يتكرر في المجتمع، حيث يتحول المال إلى محرك للطمع، وتتحول القرابة إلى شعارات بلا معنى. فكم من أخت حُرمت حقها الشرعي! وكم من يتيم استولى الأقربون قبل الغرباء على نصيب رزقه! وكم من أسر تهدمت، وضاعت روابطها بسبب حفنة مال لا تدوم.

إن أخطر ما في أكل الميراث ليس المال المسلوب بحد ذاته، بل ما يتركه ذلك السلوك من ندوب عميقة في العلاقات الأسرية. فالقلوب الملوّثة بالطمع تفقد دفء القرابة، وتنسى وصايا الله بالرحم والضعفاء، لتتحول البيوت إلى جزر متفرقة يعشش فيها الخصام، وتُغلق أبواب التواصل، ويتصدع جدار الثقة الذي يصعب ترميمه مهما طال الزمن.

أبعاد الظاهرة

1. انهيار الروابط الأسرية:

حين يتقدم المال على صلة الدم تتلاشى المودة، وتُستبدل الرحمة بخصومات لا تنتهي.

2. ظلم اجتماعي واضح:

تشير الوقائع إلى أن النساء هنّ الأكثر تعرضًا للحرمان من الميراث، رغم وضوح نصوص الشرع التي كفلت لهن الحقوق كاملة.

3. إثم شرعي كبير:

أكل الميراث بغير وجه حق يُعد من كبائر الذنوب، وهو مال حرام يسلب البركة من البيوت ويزرع أسباب الشقاء.

أسباب الظاهرة

  • الجهل بأحكام الميراث وتفاصيله الشرعية.
  • تغليب العادات الموروثة مثل مقولة “المال لا يخرج من العائلة” على أحكام الدين.
  • الجشع وضعف الوازع الديني، واعتبار المال معيارًا للقوة لا للعدل.

الحقيقة الغائبة

قد يتغافل المجتمع، وقد يتستر البعض خلف الأعراف، لكن السماء لا تتغافل.

فالمال الحرام لا يستقر، وقد يأتي على صاحبه في صور مختلفة: مرض، خسائر متلاحقة، مشاكل لا تنتهي، وأبواب رزق تُغلق بلا مبرر. فالظلم لا يصنع ثروة… بل يصنع لعنة تلازم الظالم ما لم يتب ويردّ الحقوق لأصحابها.

الحلول المقترحة

  • نشر الوعي الديني والقانوني بأحكام الميراث عبر المؤسسات الدينية والإعلامية.
  • تطبيق القانون بحزم لردع من يعتدي على حقوق الورثة.
  • تعزيز قيمة صلة الرحم وتقديمها على أي مصلحة مادية.

خاتمة

الميراث ليس مجرد مال، بل امتحان حقيقي للضمير.

يمتحن الله به من يحسن فيأخذ حقه بلا تعدٍ، ومن يظلم فيبيع ضميره من أجل مال زائل. ويظل الفارق واضحًا بين من بارك الله في رزقه لصلاح نيته، ومن أبعده جشعه عن رحمة الله والناس