الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 05:23 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

جودة أبو النور يكتب: كيليان مبابي… من أحلام بوندي إلى مجد مدريد

النهار نيوز

يُعد كيليان مبابي أحد أبرز نجوم كرة القدم في العصر الحديث، فقد جمع بين الموهبة الفطرية والذكاء الميداني والطموح اللامحدود. انطلاقته من ضاحية بوندي الباريسية وصولًا إلى مجد ريال مدريد ليست مجرد رحلة كروية، بل قصة إصرارٍ وحلمٍ تحقّق. انتقاله إلى النادي الملكي لم يكن صفقة عادية، بل حدثًا عالميًا غيّر وجه اللعبة وأعاد رسم خريطة النجومية في كرة القدم الحديثة.

البدايات في “كليرفونتين

وُلد كيليان مبابي في العشرين من ديسمبر عام 1998 في ضاحية بوندي شمال باريس، وسط أسرة رياضية عرفت معنى الانضباط والعمل. منذ صغره، لفت الأنظار بموهبته وسرعته المذهلة، لينضم إلى أكاديمية “كليرفونتين” الفرنسية، المعروفة بأنها منبع النجوم ومهد تطوير المواهب في فرنسا.

تُعتبر الأكاديمية حجر الأساس في نجاح الكرة الفرنسية الحديثة، إذ تخرّج منها عدد من كبار اللاعبين مثل تييري هنري، ونيكولا أنيلكا، وويليام غالاس، ولويس ساها، وصولًا إلى مبابي، الذي يُعد أبرز خريج في الجيل الحالي.

في أروقة “كليرفونتين”، تعلّم مبابي الانضباط التكتيكي، وتطوّرت مهاراته الهجومية إلى مستويات جعلت منه مشروع نجم عالمي منذ سن المراهقة.

موناكو… بداية الطريق إلى الأضواء

بدأ مبابي مسيرته الاحترافية مع موناكو عام 2015، وسرعان ما لفت الأنظار بموهبته الخارقة. في موسم 2016–2017، قاد الفريق للفوز بلقب الدوري الفرنسي بعد غياب طويل، وسجّل أهدافًا مؤثرة في دوري أبطال أوروبا أمام فرق كبرى مثل مانشستر سيتي وبوروسيا دورتموند.

في تلك المرحلة، تحوّل مبابي من لاعب واعد إلى نجم عالمي، وأصبح محط أنظار الأندية الكبرى في القارة العجوز.

باريس سان جيرمان… حقبة الأرقام والهيمنة

انتقل مبابي إلى باريس سان جيرمان في صيف 2017 مقابل 180 مليون يورو، في واحدة من أغلى الصفقات في التاريخ. مع النادي الباريسي، عاش فصولًا من التألق المتواصل، إذ حصد ستة ألقاب دوري فرنسي وأربعة كؤوس محلية، وأصبح الهداف التاريخي للنادي متجاوزًا حاجز 250 هدفًا.

بفضل سرعته، مهارته، وحسه التهديفي، أصبح مبابي أيقونة للكرة الفرنسية الحديثة. ومع ذلك، ظل حلمه الأكبر هو ارتداء قميص ريال مدريد، الحلم الذي راوده منذ طفولته.

المنتخب الفرنسي… من الموهبة إلى الأسطورة

على الصعيد الدولي، كانت مسيرة مبابي مبهرة منذ بدايتها. انضم إلى المنتخب الفرنسي عام 2017، وساهم بشكل مباشر في فوز “الديوك” بكأس العالم 2018 في روسيا، مسجّلًا هدفًا في النهائي أمام كرواتيا.

وفي مونديال قطر 2022، كتب ملحمة جديدة حين أحرز ثلاثية في النهائي أمام الأرجنتين، وتُوّج هدافًا للبطولة.

أصبح مبابي رمزًا لجيل جديد من اللاعبين الذين يجمعون بين الموهبة والمسؤولية، وصار قائدًا للمنتخب الفرنسي وأحد أبرز نجوم العالم.

ريال مدريد… الحلم الذي أصبح واقعًا

في يونيو 2024، أعلن ريال مدريد رسميًا عن تعاقده مع كيليان مبابي بعد نهاية عقده مع باريس سان جيرمان. وقد تم تقديمه أمام عشرات الآلاف في ملعب سانتياغو برنابيو وسط أجواء احتفالية غير مسبوقة.

منذ انضمامه، لم يحتج مبابي إلى وقت طويل لإثبات نفسه؛ فقد أصبح سريعًا أحد الأعمدة الرئيسية في تشكيلة الفريق الملكي، بفضل سرعته في التحرك خلف المدافعين، وقدرته على إنهاء الهجمات بدقة عالية.

كما أسهم حضوره في تعزيز التفاهم الهجومي مع فينيسيوس جونيور وجود بيلينغهام، ليشكّل ثلاثيًا يُعد من الأقوى في أوروبا حاليًا.

تأثير مبابي في ريال مدريد وفرصة الفريق في الفوز بالدوري

منذ بداية الموسم الحالي، فرض كيليان مبابي تأثيرًا واضحًا في أداء ريال مدريد. فقد أضاف للفريق بُعدًا هجوميًا جديدًا قائمًا على السرعة والتحوّل السريع من الدفاع إلى الهجوم، وهو ما أعاد للريال أسلوبه الهجومي القديم القائم على المباغتة والفاعلية.

بفضل أهدافه الحاسمة، بات ريال مدريد يتصدر جدول ترتيب الدوري الإسباني بعد الجولة التاسعة، متقدمًا على غريمه برشلونة وأتلتيكو مدريد.

يرى المحللون أن وجود مبابي يمنح الفريق أفضلية كبيرة في سباق اللقب هذا الموسم، خصوصًا في ظل الانسجام الواضح بين عناصر الهجوم والصلابة الدفاعية التي أظهرها الفريق تحت قيادة كارلو أنشيلوتي.

كما ساهمت روح مبابي القيادية في بثّ الحماس في صفوف زملائه، ليعود ريال مدريد إلى تقديم الأداء الممتع الذي ينتظره جمهوره.

وبهذا الأداء الثابت، تبدو فرصة ريال مدريد في الفوز بلقب الدوري الإسباني قوية جدًا، مع طموح مشروع في المنافسة على لقب دوري أبطال أوروبا أيضًا.

الكلاسيكو الأخير… بصمة فرنسية على الكامب نو والبرنابيو

في أكتوبر 2025، كتب مبابي اسمه في تاريخ “الكلاسيكو” من أوسع أبوابه عندما سجّل هدفًا رائعًا في مرمى برشلونة خلال الشوط الأول من المباراة التي انتهت بفوز ريال مدريد 2–1.

جاء الهدف بعد انطلاقة خاطفة وتسديدة قوية عجز الحارس عن صدها، ليثبت مبابي أنه لاعب اللحظات الكبرى.

ذلك الهدف عزز موقع ريال مدريد في صدارة الترتيب، وأكد أن مبابي قادر على صناعة الفارق في أهم المواجهات، تمامًا كما كان يفعل أساطير النادي في الماضي.

ظاهرة رياضية واقتصادية

لم يقتصر تأثير مبابي على الجانب الرياضي فقط، بل امتد إلى الجانب الاقتصادي والإعلامي.

فقد أسهمت صفقة انضمامه في ارتفاع القيمة التسويقية للنادي بشكل قياسي، وزادت مبيعات القمصان بنسبة غير مسبوقة.

كما أصبح وجهًا إعلانيًا بارزًا في عالم الرياضة، وواحدًا من أكثر الشخصيات متابعة وتأثيرًا في وسائل الإعلام العالمية.

يمثل مبابي نموذجًا للاعب المحترف الذي يجمع بين الأداء الراقي والمسؤولية الاجتماعية، ليصبح قدوة لجيل كامل من الشباب حول العالم.

خلاصة القول فمن أكاديمية “كليرفونتين” إلى مجد ريال مدريد، ومن أحلام الطفولة إلى كتابة التاريخ، يواصل كيليان مبابي مسيرته بخطى واثقة نحو المجد.

بموهبته الفريدة وشخصيته القيادية، أصبح أكثر من مجرد لاعب؛ إنه رمز لجيلٍ جديدٍ من النجوم الذين يصنعون الفارق داخل الملعب وخارجه.

واليوم، مع تألقه المستمر في صفوف ريال مدريد، يبدو أن النجم الفرنسي يسير بثقة نحو هدفه الأكبر: أن يخلّد اسمه بين عظماء كرة القدم إلى الأبد.