السبت 22 نوفمبر 2025 10:53 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

الفنون

“الشرنقة: منحوتة الماضي والمستقبل بتوقيع الفنان إبراهيم عبد العزيز المحارب”

النهار نيوز

في قلب المشهد الحضري السعودي، يتجلى عمل فني غير اعتيادي، ليس لأنه فقط جميل المظهر، بل لأنه يحمل في جوهره فلسفة وطنية عميقة. إنه “مجسم الشرنقة”، أحد أبرز أعمال المصمم والنحات العالمي إبراهيم عبدالعزيز المحارب، الذي استطاع في هذا العمل أن يربط بين الماضي بكل جذوره، والمستقبل بكل آماله، من خلال تصميم فني عبقري بالهوية النجدية.

شرنقة الزمن ,أطلق عليه اسم “الشرنقة” لأنه يُجسّد القميص الخارجي للماضي، واللباس الداخلي للمستقبل، في توازن بصري مذهل. المجسم لا يحاكي فقط الشكل، بل يحاكي الزمن، وكأننا أمام كائن حضاري يتحول من تاريخ عريق إلى طموح مستقبلي متجدد.

الخطوط المنحنية التي تُلف المجسم توحي بالحركة، بينما النقوش النجدية التقليدية تنبض على سطحه، حاملة رسالة واضحة: لن ننسى أصلنا ونحن نُعيد تشكيل مستقبلنا.

من الورق إلى المجد ,هذا العمل لم يولد على عجل. أمضى الفنان إبراهيم المحارب ساعات طويلة بين الورق والإسكتشات الأولى، يرسم بقلم الفحم تفاصيل الفكرة، ويعيد تصور الأبعاد والنسب والتوازن البصري. ثم انتقل إلى برامج النمذجة الهندسية مثل AutoCAD وRhino، حيث بدأ بتحويل الحلم إلى هيكل رقمي، بدقة هندسية لا تحتمل التنازل.

لكن جمال الفكرة لم يكن كافيًا؛ تطلّب الأمر اختيارات دقيقة في الخامات، حيث اختار خامات معدنية ونقوشًا محلية مقاومة لعوامل التعرية والشمس والرياح والرطوبة، لتصمد لعقود، وربما قرون، ويصبح المجسم إرثًا بصريًا تتوارثه الأجيال.

تجسيد الهوية النجدية , ما يميز “الشرنقة” أنها ليست فقط منحوتة جميلة، بل إنها مرآة للهوية النجدية. التفاصيل المستوحاة من الزخارف الطينية التقليدية، وألوان الحوائط والأقمشة، نجدها مطعّمة بخامات حديثة، مما يجعل المجسم نقطة التقاء حقيقية بين التراث الحي والتكنولوجيا المعمارية الحديثة.

رسالة للأجيال , يقول المجسم بلغة صامتة: “تمسّك بأصلك، ولا تخف من المستقبل”. لقد خلق إبراهيم المحارب عملاً يمكن أن يقف أمامه الطفل فينبهر، والشيخ فيتأمل، والمهندس فيُحلل. إنه ليس فقط فنًا… بل موقفًا حضاريًا.

“الشرنقة” ليست مجرد مجسم. إنها بيان بصري عن المملكة العربية السعودية، كما يراها أحد أعمدة التصميم المعماري في العصر الحديث — إبراهيم المحارب. إنها دعوة لأن نبني وطننا كما يُبنى هذا المجسم: بحبٍ لجذورنا، وشغفٍ بمستقبلنا، ودقة في كل خطوة، ووعي بما نتركه لمن بعدنا.