الكاتبة د،فاطمة عطية عمران تكتب : الصمت وقت الغضب يهزم إرادة التدمير و بلاغة ما بعدها.. بلاغة


(. الطفل يحتاج إلى اوقات قليلة لكي يتعلم الكلام، ولكن البالغ بشكل عام يحتاج إلى اعوام ليتعلم الصمت" الذي يعتبر وجه من أوجه الكلام، بل أحيانا يصير له الوقع الأقوى والأثر الأبلغ من كل أنواع الكلام
(. . من دون شك الكلام يعد أساسا في عملية التواصل، التي مهدت الطريق للإنسانية نحو التقدم والرقي والازدهار في مدارج التحضر. ويكون فضيلة إذا لم يكن في الفاضي والمليان لان الإفراط فيه دون تمييز بين ما هو مفيد وما هو غير مفيد، قد يؤدي إلى عدم التركيز، وفقدان المصداقية، وتشويه السمعة، وحتى إيذاء الآخرين.
(.والصمت ليس مجرد غياب الكلام ، انما هو طاقة يتمتع بها بعض البشر عندما يرون ان ما يبدو امامهم قد تجاوز حدّ الرخص، وان ما سيصدر منهم من قول او فعل انما سيكون هدرا. بل هو لغة من اللغات التعبيرية ، بل لغة أنيقة ومميزة، تضيف لصاحبها وقاراً وعظمة وتعطيه قوة أكثر من الكلام،
(. وما بين الكلام الذي في غيابه قد يشكل خطراً كبيراً على العلاقات الاجتماعية بين الناس ،والصمت الذي له نفس التاثير، فهو احيانا تعبير عن حالة التردد في البوح بكثير من الكلمات التى تحمل فى طياتها كماً من المشاعر لو قيلت فى وقتها، لجنبتنا الكثير من المشاكل ، تباينت الحضارات الإنسانية في التعامل معهما فالحضارة اليونانية اعتبرت الكلم تعبيرا عن البراعة والقدرة على إنتاج خطاب مقنع ومؤثر، في المقابل قدس . المصريين القدماء الصمت على اعتباره منجي الناس من مغامرة غير محسوبة العواقب والهنود اعتبروا
(. الصمت هو عودة الفرد إلى ذاته، حيث يمارس التأمل والتفكير وحتى الحلم، وينتقل بتفسه إلى عوالم الطبيعة والسجية والطمأنينة والهدوء والصفاء. اما البوذيين اعتبروه ، رياضة للذهن، ومصفاة للنفس، ونافذة للتأمل.
(. ومخطىء من يعتقد ان الصمت سلبية ودليل على الجمود في الفكر والأفكار وانما من يتحلى به فهو شخص عابرا لحدود اللغة لانه به المزيد من المعاني التي يعجز البوح عن توصيلها ولذلك وصف بانه خير الفضائل، لأن عن طريقه تستمع للآخرين، لان هناك كلام لا يقول شيئا، وهناك صمت يقول كل شيء".
(. وهذا ما اكد عليه لقمان الحكيم ، بأن الصمت حكمة وقليل فاعله"، ولذلك هو أنفع للناس، كما السكون أنفع للطير، لأن الطير إذا نبش قبض وحبِس"، بل اعتبر الأديب
الفلسطيني غسان كنفاني بإنه صراخا أكثر عمقا، وأكثر لياقة بكرامة الإنسان". ووصفه امير الشعراء احمد شوقي بانه من اكبر الوسائل الفعالة في التواصل بين العاشقين ، في قصيدته "يا جارة الوادي حيث قال "وتعطلت لغة الكلام وخاطبت…عيني في لغة الهوى عيناك". وشدد شاعر المهجر خليل مطران، بإن بعض السكوت يفوق كل بلاغة/ في أنفس الفهمين
(. ويحتاج الإنسان الحصيف إلى الصمت في ابعض المواقف التي تتطلب منه الحكمة، و الاتزان، لاسيما تلك التي تتعلق بالحوار والنقاش الحاد وعرض الآراء وغيرها، التي لا تخلو من التوترات وكثيرا ما يشوبها التشويش والتعكير.
(. واذا كان الكلام لحظتها يشكل احيانا خطراً كبيراً على البشرية إذا تجاوز حدود العقل والتعقل، فإن الصمت وقت الغضب قوة تهزم إرادة التدمير، التي يمكن أن تخرج مع كل حرف غاضب.و لحظتها يعد بلاغة ما بعدها بلاغة