الإثنين 20 مايو 2024 11:51 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الدكتور أيمن السيسي يكتب: موريتانيا.. الضغوط والتحرشات والحظيرة الروسية

د.. أيمن السيسي
د.. أيمن السيسي

تسبح الدولة الموريتانية منذ فترة وحيدة في بحر متلاطم الأمواج بالإرهاب والتهريب والإنقلابات العسكرية والتعقيدات العرقية، والخلافات الأيدلوجية والحدودية.
لكنها استطاعت الحفاظ على قرارها السياسي والعسكري بسبب تماسك نخبتها الحاكمة ونبل ووضوح رؤية رئيسها محمد ولد الشيخ الغزواني وقوة وصلابة وزير دفاعها الفريق حننا ولد سيدي حننا "أسد أفريقيا" الذي أثبت كفاءته العسكرية طوال خدمته خصوصا عند تبؤه رئاسة قوة مجموعة دول الساحل الخمس وتوحد رؤيته مع الرئيس غزواني، تجاه قضايا المنطقة، خصوصا في ظل حساسية علاقات الجوار مابين دول بينها خلافات قديمة تتجدد باستمرار مثل الجزائر والمغرب بسبب "الصحراء الغربية" التي تتنازعان عليها مابين الدعم الجزائري والرغبة المغربية في ضمها.
وتعددت حوادث الإستهداف لعدد من الموريتانيين على الحدود مع المغرب ومع الجزائر، هذا في ظل نزاعات دولية وتكالب "استعماري جديد" بين فريقي الشرق "الأوراس"، الصين وروسيا، والغرب "الأطلسي"، أوربا وأمريكا على أفريقيا خصوصا منطقة الساحل الأفريقي جنوب الصحراء لأهمية المنطقة سياسيا واستراتيجيا، فضلا عن أهميتها الإقتصادية لما تحفل به باطن أراضيها من ثروات غاية في الأهمية مثل الذهب واليورانيو والماس والغاز.
ومع استمرارالأزمات على الحدود مع مالي الذي استكان للتوجيه الروسي ضد فرنسا في إطار تبدي الولاءات الدولية، وأدى إلى الإطاحة بفرنسا وطرد قواتها "برخان" طردا مذلا، بل ودعم الإنقلاب في النيجر لطرد فرنسا، حتى طرد الأمريكان وإلغاء الإتفاق العسكري وإنهاء الوجود العسكري الأمريكي (قاعدة أجاديس) شمال النيجر، لطائرات المراقبة بدون طيار التي تراقب غرب ووسط إفريقيا وليبيا.
وبلغ عدد جنودها 1100 جندي أميركي وكانت مهمة جدا للأمريكان، وهوما يعني تصفي المعسكر الغربي في دول الساحل الأفريقي، إلا أن موريتانيا تقف على مسافة متباعدة من هذه التكالبات الإستعمارية نأيا بقرارها السيادي عن الرهن داخل غرف التحكم والتوجيه في عواصم هذه الدول وأجهزة استخباراتها، وإن ظلت العلاقات مع الجانب الغربي في مسارها الطبيعي الآمن أكثر دفئا بحكم العلاقات القديمة والقرب والجوار والذي تمثل في دعوة الرئيس غزواني لزيارة الناتو وحضور قمة مدريد يونيو 2022، باعتبار موريتانيا شريكا من خارج الناتو، وهو ما أثار تكهنات بإحتمال إنشاء قاعدة للناتو على ساحلها الأطلسي ذو الأهمية الاستراتيجية، وإن كانت موريتانيا - فيما أظن - لن تسمح بذلك، مثلما رفضت الإنضمام إلى القوة الجديدة التي كونتها بوركينا فاسو والنيجر ومالي بديلة عن قوات G 5، وإن كان توسع التعاون الأمني مع الناتو مدفوعا برغبة الإتحاد الأوروبي في وقف الهجرة غير الشرعية من أفريقيا، التي تعد موريتانيا إحدى أهم بوباته عبر جزر الكناري.
وقد يكون عدم حضورالرئيس غزواني للقمة الأفريقية الروسية في سانت بطرسبرغ خلال يوليو 2023، بسبب عدم رغبته في أن تجر موريتانيا إلى حلبة موسكو مع بقية دول الساحل فأوفد رئيس وزرائه ولد بلال مسعود برغم أن وزير الخارجية الروسي لافروف، الذي زاره في نواكشوط قبلها قد أعلن عن رغبة بلاده حضور الرئيس غزواني للمؤتمر.
وهنا يكمن السؤال هل تعاقب موسكو نواكشوط على ذلك باستخدام ميليشتها العسكرية التي دأبت منذ وصولها إلى مالي على تحرشاتها تحت مظلة الجيش المالي المتكررة بموريتانيا، ووخربشاتهما على الحدود الموريتانية بقتل عدد من الرعاة والمنميين الموريتان تحت دعوى مطاردة العناصر الإرهابية والجماعات المسلحة والتي بلغ عددهم إلى أكثر من 50 موريتانيا على الحدود المشتركة بين البلدين، واعتقال العشرات تعسفيا ومصادرة سيارات ومواشي، واقتحام عدد من القرى الموريتانية الحدودية المتنازع عليها بين الدولتين ومنها قريتي "دار النعيم"، و"مد الله"، سكانهما يحملون الجنسية الموريتانية ويتمتعون بالخدمات الأساسية والإدارية من موريتانيا، وهو ما أثار غضبا واسعا في موريتانيا، حدا بوزير الدفاع الفريق حننا إلى زيارة هذه المناطق وبرفقته وزير الداخلية لطمأنة السكان ووعدهم بعدم تكرار هذه التوغلات مستقبلا، وبقدرة الجيش على حمايتهم على طول الحدود بين موريتانيا ومالي التي يبلغ طولها 24400كم، والاستعداد للتعامل بحزم مع مختلف أنواع التهديدات، التي قد تفرزها حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة.
في وقت بدأت المعركة الإنتخابية على مقعد الرئيس وتنافس شفاف وديموقراطي تؤطره حرية تامة للصحافة والإعلام، حيث احتفلت موريتانيا بتصنيف منظمة مراسلون بلا حدود لها كأفضل بيئة للعمل الصحفي في أفريقيا والوطن العربي، وجاءت في المركز 33 بعد النمسا وقبل الولايات المتحدة الأميركية، وهي قفزة نوعية حيث تقدمت بـ53 نقطة هذا العام، بعدما حصلت العام الماضي على المرتبة 86 عالميا، فهل ستتزايد الضغوط الحدودية على موريتانيا والداخلية من خلال حرية الصحافة باستخدام بعض الأصوات للإنضمام إلى الحظيرة الروسية؟!.

ايمن/السيسي