الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب .. قنا حبيبتي بين ”ضفتين”


في بلدي قنا ، الدين لله والوطن للجميع " ليس ذلك شعارا وإنما هي حقيقة تسري في دمائنا وتطبع ثقافتنا نسمع من خلالها دقات اجراس الكنائس كأنها نبض قلوبنا
" وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ،" صدق الله العظيم
نردد الآذان " حي على الصلاة ،حي على الفلاح" كأنه عزف اروحنا ، ونرفعهما للواحد القهار ان ينعم على نحن ابناء قنا بموفور الإخوة وسلامة الوحدة والترابط والمودة الخالصة من كل شائبة ونائبة.
لذلك ليس بغريب وبهذه المشاعر الاخوية بين أبناء قنا
ان لا يسكنك البرد أو الخوف او تعوزك الحاجة ، فانت هناك ما بين "نادي البحر " وحتى ما بعد مسجد سيدي عبدالرحيم ، تدفئك قلوب مملؤة بالحب ، لا تعرف الكره ، حتى في الإساءة ، وان كان شعارها لا تفريط فيما يمس الكرامة .
وما بين الضفتين الحياة ( النيل) او البحر في عامية أهل قنا ، والموت (المقابر ) خلف مقام القنائي ، تستطيع أن تمرح وتسرح مطمئنا لأنك بين كفوف كل عملها أن تصفق لك اذا احسنت ، وتمنعك من الوقوع إذا تعرقلت ، وتدفع مسيرتك إلي الأمام إذا تراخيت ، وتقفزك الي عنان السماء إذا انتصرت .
ومن ايام قنا التي لا تغيب عن القلب قبل الذاكرة كنا نأكل "بليلة "عم رضوان" او سندوتشات زبدة بالمربي من عند العم "برغوت" ، ثم نشرب شاي أو قهوة على مقهى العمال "الفنانين " في شارع الجميل ( التي أبت ألا تبقى بعد رحيل أحيائها وتحولت الى لافوار)،وانت لا تعرف من يدفع ، لان الكلمة المعتادة في كل الاحوال : الحساب ادفع .
أيتها الحبيبة قنا تسكني في أعماق أعماقي فرغم البلاد والعباد أعاني من خواء لا مثيل له من رأسي وحتى أخمص قدمي وأنا بعيد عنك ، وسعادة الطفل في حضن أمه عند العودة إليكي.