السبت 27 يوليو 2024 01:18 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أنا وجمال عبدالناصر وأغاثا كريستي في… ”الشهباء

النهار نيوز

(. الذكرياتُ الجميلة وإن سكنت خلف صمتِ الأحاسيسِ لا تموتُ او يطفأ الماضي مداها او يطويها ومنها على سبيل المثال لا الحصر ايام سنينُ الدّراسةِ، والعُمُرُ الأخضرُ

ربيعُ الحياةِ، وبستانُها المزهرُ او امكان عشت فيها سكنا وعاشت فيك نبضا والمدن التي زرتها انها تعود حين يغفو العقل بعيدا عن الواقع، فيعاود الإحساس رسمها بفرشاةٍ سحريةٍ غالبا ما تختفي؛ ويغادرنا العقل الباطن على عجلٍ حين يقاطعنا صوت الكون الواقعيّ

(. الحياة فيض من الذكريات و مشكلتي الحقيقية ليست النسيان، مشكلتي كثرة الذكريات التي مرت من كلّ الأزمنة، ملامحها تتناقل كالنصوص وسكنت في عمق مشاعرنا، وترتعش بها أجسادنا حين تذكّرها.

(. مـــا أجــمـل الأيــام مضت غـفـلة جري فيها زمن الـصـفـاء عـجـلات،ورغم أني وكــبــرت لــكـنـي صــغــرت لأنــنـي مــــازال قــلـبـي صـــادق الـنـبـضات لان الخلود لا يمكث إلا في القلوبِ الرقيقة، والحبُّ لا يعبث في الأوراق البيضاء، والحنينُ كالدمِ لا يتوقف عن النبضِ في أوردتِنا كما الحياة! فذكرياتنا الجميلة لا تموت؛ تنبضُ بأرواحِنا.

(. ورقة صغيرة، كتبت فيها بشكل مؤجز لصديق عمري ،عنواني عندما سألني أين التقيك في مدينة حلب الشهباء "البارون...مصطفى جمعة "،والبارون اقدم فندق في المدينة السورية العريقة ،لكن صديقي ظل يناديني ب"البارون"ك لقب (الرجل المحارب او الرجل الحر)"حتى انتقل الي الرفيق الأعلى ،ونسي كل شيء عن هذا الفندق الذي كان يعد من الفنادق النادرة قبل اغلاقه العام ٢٠٠٣ لقدمه ونمطه المعماري او النزلاء من الشخصيات المهمة والمؤثرة في مسيرة التاريخ السوري والعالمي التي أقامت في غرفه وأجنحة الفندق .

(. وحرص أصحاب الفندق على إبقاء الغرف التي أقام فيها المشاهير كما هي بأثاثها ومقتنياتها، فما زال السرير كما هو، وما زالت طاولات وكراسي الجلوس كما هي في كل غرفة من الفندق".

(. ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وإلقائه منه خطابه الشهير لأهالي مدينة حلب إبان الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958،والكاتبة البريطانية أغاثا كريستي التي خطت فيه أبرز راويتين لها هما "جريمة في قطار الشرق السريع"، و"جريمة في بلاد الرافدين" لدى زيارتها الفندق عام 1934 وإقامتها في الغرفة 203،لكن الفندق أصبح اليوم ضمن بازارات البيع والشراء، لتنتهي حقبة تاريخية سطرها هو وضيوفه الاستثنائيون منذ تأسيسه عام 1909 وسط المدينة القديمة.

(. ولعل هذه الذكرى التي خرجت منها ب"لقب البارون" ،جعلتني اشتاق الي سورية التي غني لحنها الكون وأدار باسمه مغزلها فشاع شموعاً ضوؤها الأخضر قلوبا نباضتها كضوء فج،وكل لحظة وانا بعيد عنها تطوف ايامها في وجداني ذكرى ،وهفا فؤادي باسمها عشقا ، فانسابت في ذاكرتي صور جمال مدنها من برج صافيتا الي باب الهوى ومن اللاذقية الي البو كمال ، بسماتٌ على الروح فانتشت ، وكيف لا وهي صخرة الوجود وشعبها الابي لا يرضي أن ينال من العلا أسهله ،فكل فرد فيها حرُّ القلبِ ،اسد لدى الوغى .

(. ايها المتقاعس عن سلوك دروب العشق، للفيحاء دمشق ،والشهباء حلب ، شاد أركانهما وشد ذراهما وابتنى صرح مجدهما العلا ، اسرع اليها فهي لخافق العرب صدرا ، حفظ عهد المحبة القديم وشادا منها صيتاً ورفَّعا منها ذكرا فسلوا عنها كرائم أوسعنا دراريَّها احتفاظاً وقدرا .

زمن الصفاء