الخميس 25 أبريل 2024 11:28 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

أدب وثقافة

قصة حب وهمية ” قصة قصيرة”

النهار نيوز
بقلم- احمد قنديل


تدور أحداث القصة مع شاب اسمه "علي"..إستقل القطار القادم من أسوان ، إلى الإسكندرية من إحدى محطات محافظات الصعيد ، متجهاً إلى عمله بإحدى شركات البترول بمدينة الإسكندرية الساحرة حيث الشواطئ الخلابة ..

أخذ "على" يتنقل داخل العربة فوجد أحد المواطنين جالساً على مقعده ، فطلب منه النهوض حتى يستريح بالمقعد المخصص له حسب تذكرة القطار الخاصة به بالفعل نهض الراجل ، واجلسه هو على مقعده

كان قد جلس بجواره بالمقعد شيخا كبيراً إسمه "نور الدين " تعرف على هذا الرجل المسن ، ودارت بينهما أحاديث كثيرة ، حدث بينهما إنسجاماً روحانيا إعتبره علي في مقام والده ، وكذلك الرجل بادله نفس الشعور .

سألا بعضهما الأخر عن أسمه ، وطبيعة عمله ، ومقصده من السفر ، لقد إمتزحت الرحلة بالمودة ، والإحترام المتبادل
وأخذ علي يستفيد من تجارب الشيخ فى الحياة ، ويستمع لروآياته.

وآصل القطار السير ، حتى وصل إلى محافظة بني سويف وقد أخذت الشيخ سنة من النوم ، ثم إستيقظ على صوت أبطال القوات المسلحة ، وهم يرددون الأغاني الوطنية ، والأناشيد ، وأغاني الفلكلور الشعبي الحماسية ، وبعضها كانت أغاني غزلية تتغزل فى الفتاة المصرية التى تصبر على فراق حبيبها ، أو ربما زوجها ، أو حتى أخاها الذي يقوم بأداء الواجب الوطني .

ضحك الشيخ ، وإبتسم إبتسامة عريضة ، ولكن يشوبها الحزن ، والقلق ، ثم همس فى أذان "علي " ياترى هيرجعوا لأهلهم ولا ربنا هيمنحهم شرف الشهادة ".. حينها توقف "علي" عن التصفيق، وظهرت على وجهه ملامح الحزن ، وقال :- ربنا يحفظهم " محدش بيموت ناقص عمر" !
رد الشيخ "فعلاً ربنا يحفظهم " هذا واجب وطني على كل إنسان حر..

ثم قال الشيخ :- " أومال لو محماش الوطن أبناءه مين هيحميه " ؟

وصل القطار إلى مدينة الجيزة طلب الشيخ من "علي " أن يحضر له حقيبته ، ويساعده حتى يتمكن من النزول ، قال "علي" :- ولكن مازال الوقت باقياً ، لم نصل محطة القاهرة بعد ؟
رد الشيخ " يا بني أخشى أن يفوتني القطار " أنا راجل عجوز " لابد أن أستعد للنزول قبل أن يتوقف القطار

شكر "علي" الشيخ على ما قدمه له ، من نصائح ، من خلال روآيته لبعض الأحداث ، التي مرت به ، فى حياته ، وقام بإيصاله ، إلى الباب ،وإنتظر بجواره حتى توقف القطار وأمسك بيده ، وأنزله من القطار ، ووضع له الحقيبة على الأرض ، وودعه ، وقبل يده ، ثم سمع صافير القطار إذانا بالرحيل بكي الشيخ ، وكذلك "علي" وقال الشيخ هكذا الدنيا لقاء ، وفراق !

إستدار "علي" ظهره مسرعاً إلي باب الصعود والدموع تملأ عيناه ، وأخذ يودع الشيخ ، ويولح بيده ، وصل إلى معقده وإذا به يرى فتاة جميلة، فى العقد الثالث من العمر تقريبا ، وقد جلست مكان الشيخ ، حسب رقم التذكرة الخاصة بها ، ألقى عليها السلام ، ثم جلس ، وهو يبكي !

أحست الفتاة أنه قد يكن فقد شيئاً غاليا ، قالت: هل أستطيع مساعدتك ؟
قال: شكراً لك .
قالت: هل فقدت نقودك ؟
قال: لا .
‏ قالت: هل فقدت شيئا ثميناً ؟
‏قال: نعم .
‏قالت: هل أبلغت الشرطة بنقطة القطار ؟
‏ قال: لا .
‏ ‏قالت: لما ؟
‏قال: لن يجدي ذلك شيئاً !
‏ قالت: لماذا !
‏قال: لقد فقدت أبي مرتين .
تعجبت الفتاة !!
ثم قالت: ماذا ؟
قال: نعم مثلما سمعتي
قالت: هل لي أن أسمع منك ما الخطب إن كنت تسمح بذلك ؟
قال: نعم ، وأخذ يروى لها قصة الشيخ من بداية الرحلة حتى نهايتها .
وقال هكذا فقدت أبي مرتين مرة عندما مات أبي ، والثانية عند فراق الشيخ .

صمتت الفتاة ، وتذكرت أباها المتوفي فبكت هي أيضاً
قال: مالذي يبكيك ؟
قالت: أبكاني ما أبكاك !
أنا أيضاً فقدت أبي منذ ثلاثة أعوام
قال: أعتذر على ما سببته لك من ألم
قالت: لا ، لاشئ ، لاعليك
قال: هل لك أن تخبريني بإسمك ؟
قالت: نعم ، إسمي " علياء "
قال ، وأنا " علي"
ضحكا لهذه الصدفة "علياء " و "علي" بالطبع إنها صدفة !

أخذا يخبر كلآهما الآخر عن تفاصيل حياته ، ربما وجدا إرتياحاً نفسياً ، في حديثها ، إلى أن ذكرت له أنها متزوجة ولديها أبناء ، ولكنها ليست سعيدة ، فى حياتها ، وهو أيضاً قال لها أنه كذلك ، ولم يكن راضياً بهذه الزيجة ، وإنما فرضت عليه ، إبتسما وقالا إنها رحلة الصدف ، نشأ بينهما شئ من التقارب الفكري .

هو إعتبرها زوجة مثالية ، وهي شعرت بذلك نحوه ، ولكن ما العمل إنها فى عصمة رجل ، وهو أيضاً لديه زوجة
نظر إليها ، وصارحها بما تسلل إلى قلبه تجاهها.
هي أيضاً قالت له إنها أحست نحوه بشئ غريب يجذبها إليه ، أخذ ينظر كلاهما إلي الآخر.

توقف القطار ، وغادر من وصل مقصدة ، وركب أخرون، وإذا برجل يحمل حقيبة سوداء مستطيلة الشكل ، جلس في الجهة المقابلة لهما ، وما لبث إلا وأخرج من حقيبته آلة موسيقية وترية "كامنجا " ، وأخذ يعزف عليها
طلب "علي" منه أن يعزف لهما " اغنية " القلب يعشق كل جميل " أخذ الرجل يعزف وهما يدندنان بحروف الأغنية مع أنغام الوتر ، وينظران فى عيني بعضها البعض .

أخذا يتبادلان الإبتسامات ، والنظرات ، أمسك بيدها ، وأمسكت بيده ، وظنا أنهما لن يفترقا ، عاشا ساعات جميلة
ولكن دقت أجراس المحطة ، وأعلن المذياع إنتهاء الرحلة بوصول القطار لآخر محطاته ، وإستقيظ الحبيبان على أنهما عاشا قصة حب وهمية ، وأن كلاهما سيرجع إلى أحضان نصفه الآخر الذي قدر له الله أن يكن من نصيبه

"كن راضياً بما قسم الله لك لعله خيراً "

قصة حب وهمية قصة قصيرة احمد قنديل حب قصة وهمية علي علياء قطار الصعيد الاسكندرية