الجمعة 29 مارس 2024 04:24 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

الحوارات

سيدة الأعمال ناهد حيون: رمضانيات المغرب لها خصوصيَّة حضارية وسلوكية جديرة بالانتباه

النهار نيوز

قضاء شهر رمضان بين عائلتها شيء لا يقاس ولا يقدر بثمن, ترى بأنه شهر تتجلى فيه مظاهر التعاون والإخاء، وهو فرصة لإعادة حسابات الفرد مع خالقه, تتوق إلى تحقيق النموذج المثالي الذي ترسم خيوطه كل يوم بشكل متفرد على الأقل بعيداً عن تكرار مسيرة كل امرأة، فكيف تعيش سيدة الأعمال المغربية المقيمة في الإمارات ناهد حيون طقوس رمضان؟ ماذا عن ذكرياتها وعاداتها خلال هذا الشهر الكريم؟ ما هي أحلامها وطموحاتها وجديدها خلال الفترة المقبلة ؟ التقيناها ففتحت لنا قلبها وتحدثت في كل شيء بصراحة

*- ماذا يعني لك شهر رمضان؟
شهر رمضان الفضيل ؛ بقدر ما هو شهر التأمل والصبر وتهذيب النفس والشعور بالآخرين ، هو أيضاً شهر الجود والشكر وصقل طاقتك الإيجابية، من خلال إحياء الروح وتجددها بالإيمان والحب والمودة والبساطة والتوازن والسكينة ؛ باختصار نشعر فيه بنعم الله علينا، التي يتناساها المرء أحياناً على مدار العام بحكم انشغاله.
التكافل الاجتماعي يبرز بالتأكيد خلال شهر رمضان، والذي نأمل أن يبقى متواصلاً على مدار العام، ليس فقط بالتعبير عنه بالمال والغذاء ، وإنما أيضاً بالمواقف التي تؤازر الناس وتقضي حوائجهم على اختلاف أشكالها.

*- ما أكثر ما يسعدك في هذا الشهر؟
انتظاره ؛ أنتظره بفارغ الصبر لأنني على يقين بأنّ الغاية منه تجمع الأمة أفراداً جنباً إلى جنب، على نحو تتجلى فيه مظاهر التعاون والإخاء، وهو فرصة لإعادة حسابات الفرد مع خالقه، في ظل فترة تشهد تغيرات عالمية تستحق التأمل، بعيداً عن أي نظرة طبقية أو فئوية بين الناس.
الابتعاد عن كل ما يشتت الغاية التي خُلقنا من أجلها، عبر تحقيق الترابط الأسري من جهة، وكذلك المجتمعي من خلال الأصدقاء والمعارف، فالشهر الفضيل فرصة لغربلة أفكارنا وعلاقاتنا مجدداً بناءً على تصرفات مَن حولنا.
يسعدني أيضاً شعور الترابط ومراجعة النفس وتساؤلاتها في حال وجود أي تقصير بحق أنفسنا أولاً، ومن ثم والدينا وعائلتنا، هو رسالة ضمنية لبني آدم بالدرجة الأولى الذي يمثل الرقم واحد في أسرته، وكذلك المرأة التي تتكئ على سند تعلم أنه لا يميل.

*- كيف تصفين طباعك في الصيام؟
أشعر بالهدوء النفسي والحاجة إلى التأمل، ورغبتي الدائمة في العطاء والود وعمل الخير على اختلاف أشكاله.. أراقب أيضاً طباع الناس من حولي لأخذ العبرة أو إسداء النصيحة إذا كان من الأشخاص المقربين مني مثلاً، أو حتى على مستوى الصداقة؛ لذلك هو شهر التأمل بامتياز.

*- هل تجيدين الطبخ؟ وما هو طعامك المفضل في رمضان؟
لا نريد أن نجعل شهر الصيام، يقترن بالأكل والشرب والأطباق، فهو أعمق من ذلك بكثير. لكنني سأجيب على هذه الجزئية لطالما سألت، نعم أجد متعة في إعداد أطباقنا المتوارثة على اختلافها، طعامي المفضل الأسماك المشوية، شربة الحريرة مع التمر المجهول وأحيانا شربة دشيشة طبيعية مع زعتر" شربة الشعير" ، رزة القاضي "الرزيزة"

*- تعيشين أجواء رمضان على الطريقة المغربية أم الإماراتية؟
أجواء شهر رمضان الفضيل تكاد تكون موحدة في أصقاع الأرض قاطبة، نتلمسها ونقارنها بيننا وبين أنفسنا بأجوائنا التقليدية، بالتأكيد أفضل عيش أجواء رمضان على الطريقة المغربية " التطوانية " بالتحديد، حيث رسخت في ذاكرتي منذ الطفولة، وأدمجها مع أطباق شعبية إماراتية مفضلة اعتدت عليها كالهريس الذي يتكون من (القمح المغلي المهروس، الذي يُطهى مع لحم الضأن)

*- ماذا بقي من ذكريات سنواتكم الأولى في الصيام؟ وكيف كانت أجواء رمضان في المغرب قديماً؟
كل الذكريات باقية لطالما حافظنا على أصالتها مع مَن نحب ، أذكر فترات صيامي الأولى وأنا طفلة في مدينتي "تطوان" طقوس وعادات جميلة توارثناها عن أجدادنا منذ زمن بعيد، وعندما نصوم كما ينبغي ، نحظى برعاية واهتمام لا نظير لهما، لا بل تكون جائزتنا "ارتداء اللباس التقليدي العريق، المعروف "بالشدة التطوانية".
أذكر بما قامت به أمي من أجلي حينها عندما بدأت تزين ثوبي، كما تتزين العروس ليلة زفافها ، تضع التاج وسبنية البحر وغيرها من الحلي والمجوهرات الثمينة، للاستعداد لآذان المغرب، ويتجمع حولي بقية أفراد أسرتي، يهللون باسم الله وينشدون لي العلا, وفي حضرة هتافات "الصلاة والسلام عليك يا رسول الله..." وغيرها من الابتهالات
والمدائح، تكون طفلة "الشدة" قد أعلنت رسمياً انتقالها من مرحلة قبل السبع سنوات، لمرحلة جديدة من حياتها، فسابقاً، كان يعتبر ذلك، أشبه بنهاية مرحلة الطفولة، أي المرور نحو مرحلة أخرى، تصبح عليها التزامات تربوية داخل المنزل، تساعد خلالها والدتها، لتعلمها ما تعلمتْه هي في صغرها
وبانتظار الثواني الأخيرة قبيل آذان المغرب، صعدتُ بحلّتي سلالم معدة مسبقاً بالزينة احتفاءً بهذه المناسبة، تتردد خلالها المدائح ذاتها و انا أصعد درجة درجة، وفي كل مقام مقال تتردد الهتافات الجميلة مع كل درجة أصعدها، حتى الوصول إلى أعلى السلم حيث كان ينتظرني كرسي لأجلس عليه، وأتناول التمر مع الحليب من يدي والدتي، التي تشرف على هذه المناسبة منذ بدايتها، وترافقني فيها طيلة فترة الاحتفال

*- ما العادات والتقاليد المغربية خلال شهر رمضان المبارك؟
المغرب معروف بثقل موروثه الحضاري وتنوع روافده الثَّقافيَّة، فإن رمضانيات المغرب لها خصوصيَّة حضارية وسلوكية جديرة بالانتباه، ولكل مدينة عادات وتقاليد يتوارثها جيلا بعد جيل، منها ما يتعلق بالملبس والمأكل، وبعد صلاة التَّراويح يقوم بعض المغاربة بجلسة عائلية، أنيسهم فيها كأس شاي وحلوى السفوف أو سلو، وهي حلوى شعبية تجهزها النِّساء خلال شهر شعبان، وتتكون من طحين قمح او شعير محمص ولوز وسمسم وشمر وحبوب الذخن "إيلان" وحبة حلاوة (بذور اليانسون) و الشوفان مع عسل الطبيعي ومواد أخرى، ويفضل المغاربة هذه الحلوى في رمضان لأنَّ عناصرها تمنح الجِّسم طاقة وقوة تساعدهم على الصَّبر وتحمل ساعات الصِّيام والصَّلاة, أما بالنسبة لارتداء الأثواب، فالجلباب يُعَد الزِّي التقليدي من تفاصيل رمضان الَّتي يتمسَّك بها المغاربة، فيحرص الرِّجال والنِّساء والأطفال على ارتدائه خلال الزِّيارات العائلية، وعند أداء الصَّلوات في المساجد خاصَّة في صلاة التَّراويح

*- مارأيك بمن يقول أنّ شهر الصيام هو عبارة عن "مونديال" تتنافسن فيه النساء على إثبات مهاراتهن في الطبخ؟
شهر رمضان بسيط جداً، شهر عبادات ومواقف خير ونموذج لعدم الإسراف.. لكن هناك من يفضلن الاستعراض والتباهي بهذا الجانب، وأعتقد أنها عادات وتقاليد متوارثة يجب إعادة النظر فيها

*- ما الأطباق الرمضانية المشهورة بها المائدة المغربية؟
مائدتنا الإفطار التطوانية، كما هو شأن باقي مدن المغرب، لا تخلو من شوربة الحريرة تعد مكون رئيسي في موائد الإفطار بالمغرب، نظرًا لغنى مكوناتها بالعناصر الغذائية الضرورية للجسم، تمزج بين الخضروات والقطاني واللحوم والبهارات، وإلى جانبها بعض "الشهيوات" والحلويات التطوانية الأصيلة، كالبقلاوة وبريوات اللوز والكوليش (الشباكية وتحضر من الدَّقيق والعسل والسمسم وماء الزَّهر)، والبيض و التين المجفف و الحليب أو عصير البرتقال الممزوج بماء الزهر والقرفة، ويفضل آخرون تناول طاجين سمك الأنشوبة "الشطون"، وبعض أنواع المملحات (البريوات والبسطيلة) والجبن البلدي المنتوج محليا، إلى جانب أطباق أُخرى مثل الفطائر (المسمن والبغرير) والعصائر

*- ما اللقب الذي تحبين لكل من حولك أن يلقبوكِ به؟
حيونة أكثر .. رغم اللقب الذي كان يناديني به المرحوم والدي وأمي حفظها الله " نانا " كلاهما محبب إلى قلبي، لكنني أفضل " حيونة " الذي يحمل اسم العائلة، وقصته معي أعمق من أن تُحكى.

*- هل لديك رغبة تودين تحقيقها في هذا الشهر الكريم؟
بالطبع في الشهر الكريم الذي يتسم بخصوصيته الدينية والدنيوية، لا بد من وجود رغبات روحية بالدرجة الأولى تختلف بمرور السنوات حسب مرحلة النضج التي نصل إليها، بدءاً بأداء العمرة والحج، مروراً بأعمال طيبة على اختلافها مع القريب والغريب، وليس انتهاءً بتحقيق السلام الداخلي الذي نستمده ممن حولنا، هناك أهداف إيجابية عظيمة لا يمكن تحقيقها دون توفر بيئة حاضنة متفهمة تلبي الطموحات بكل ما للكلمة من معنى، والفرق بين الرغبات والطموحات، هامشها أكبر وفقاً لطبيعة التحديات
على الصعيد الشخصي وببساطة أحاول دوماً التغلب على الصعاب على النحو الذي تربيت عليه، وتجاوز المخاطر وتقلبات الزمن المرتبطة بالاقتصاد المجتمعي، الذي يتأثر بالعالم، وبناء أسرة متماسكة متميزة مثمرة، وأن يعمّ السلام بالمعنى الحقيقي والشمولي في كافة أنحاء المعمورة

*- ماهي صفات سيدة الأعمال الناجحة؟
السؤال عام ويحتاج أكثر لتفهم خصوصية كل امرأة، هذه الخصوصية التي تحمل بين طياتها أسراراً لا يمكن أن يعيها أحد لا يحترم المرأة ولا يقدّرها، أو على الأقل باستطاعته إخراج هذا الإبداع المكنون في دواخلها, الصفات باختصار من ناحيتي تتجسد بعد خبرة المرء المتواضعة في الحياة، القدرة على التكيف والتأقلم بشكل يعكس أفضل ما فيها على المجتمع، وكذلك التدرب على إمكانية القيام بأعمال ومهام متعددة، بالمثابرة والفراسة والحدس، والتعامل بذكاء اجتماعي لا يخل بمنظومة الأخلاق أو الأعمال عبر تحسين الذات على نحو مستمر، وأخيراً الحياة بإيجابية رغم استعدادها لأي سيناريو سيء، قد يكون خارجاً عن الإرادة، وهو ما نشاهده في العديد من دول العالم حالياً

*- هل تمارسين الرياضة في شهر الصيام؟
أسعى لذلك بالتأكيد ؛ مَـن منا لا يرغب بأن يجد وقتاً تتوفر فيه سُبل الراحة النفسية بعيداً عن ضغوطات الحياة، نحو فضاء أرحب يمارس فيه مختلف هواياته من خلال الأنشطة الرياضية أو حتى الفكرية، كلما سنحت لي الفرصة، أهرب نحو الرياضة أحياناً، وأتشجع أكثر برفقة شريك وأصدقاء يتفهمون "حيونة" بكل جوانبها، ويسعون لسعادتها

*- ما جديد أعمالك؟
قادني قطار التجارب مؤخراً إلى تأسيس شركة جديدة تابعة لمجموعة حيون " فينيكس لينكد " تربط الأعمال بين القطاعين الخاص والحكومي على نحو ريادي، تم تطويرها لدعم تفويض ما بعد معرض إكسبو 2020 دبي ، لتقديم الحلول والابتكارات إلى خطة حكومة الإمارات العربية المتحدة الطموحة والخطة الحضارية الرئيسية لدبي 2040، ونحن فخورون جدًا بالنجاح الأكبر لشركتنا ,هي بالطبع تعرض الخدمات المرتبطة بالأعمال التجارية في جميع أنحاء العالم، التي بدورها تساهم للشريك الوطني والدولي والمستثمرين ورجال الأعمال، وتسهل لهم فرصة الوصول إلى رؤوس الأموال التجارية الاقتصادية مع قطاع المشاريع والخدمات الضخمة في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة. وتعد فينيكس لينكد Phoenix Linked فرصة مبتكرة، لوضع المهتمين بالسوق في صورة أحدث منتجات وخدمات شركائنا المعتمدين, تمّ تمثيل 30 دولة خلال حفل الإطلاق الذي حضره أكثر من مئة شخصية حكومية ومن القطاع الخاص، لجذب الاستثمار مع شركائنا في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي و دول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا و آسيا

*- ما طموحاتك المستقبلية؟
الطموح لا يتوقف، والعبرة بالاستمرار ,كَوني سيدة أعمال منذ مطلع العشرينيات من عمري وحتى اليوم؛ أتوق إلى تحقيق النموذج المثالي الذي أرسم خيوطه كل يوم بشكل متفرد على الأقل بعيداً عن تكرار مسيرة كل امرأة، لا حدود لطموحاتي لطالما أنها تصب في خدمة كل امرأة تريد أن تكون قدوة لغيرها في الوطن العربي والعالم، وأعتقد أنّ ذلك يتأتى أيضاً بالمرور بتجارب بناءة ضمن مراحل، يجب أن تتدرج بها.
صفوان الهندي