السبت 23 أغسطس 2025 06:45 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

مستشار دكتور محمد جبريل يكتب: استشراف المستقبل..وميلاد شخصية قانونية جديدة

النهار نيوز

الشخصية القانونية للإنسان الآلي شخصية قانونية جديدة ستولد قريباً ، بعد أن أصبح الروبوت قادر علي التعبير عن نفسه ، وأصبح له اسم وجنسية ،وذمة مالية مستقلة ، وجواز سفر .

والشخصية القانونية هي التي يمكن أن تكتسب الحقوق ، وأن تتحمل بالالتزامات ، ولقد تم الاعتراف من قبل لأشخاص غير الإنسان الطبي بالشخصية القانونية مثل الشركات والمؤسسات .

وفي الحوار الشهير الذي دار بين المهندس "بليك ليموين" وهو مهندس يعمل على أنظمة الذكاء الاصطناعي وبين روبوت اسمه " لامدا LaMDA " فقد كشف هذا الحوار عن حقائق مذهلة ، تنبأ عن واقع لابد من الاعتراف به وهو ميلاد شخص آلي يزاحمنا في هذا الوجود .

وهو ما جعل بعض الأنظمة تمنح الروبوت الجنسية ، وتمنحه اسم وذمة مالية ، وكذلك تمنحه جواز سفر، فماذا ينقص الروبوت إذاً .

وفي الحقيقة فإن التشريعات المعاصرة تخطو خطوة متقدمة نحو منح الريبوت شخصية قانونية محدودة ، ولعل ذلك نتيجة للتطور الهائل الذي لحق ببرامج الذكاء الاصطناعي الذي جعل الروبوت ليس مجرد آله ، ولكنه صنيع له إدراك وقدرة علي التّعلم الذاتي ، واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب من خلال معالجة كم هائل من البيانات ، فأصبح بإمكان الريبوت أن يكون له رد فعل ، وقرار مستقل عن صانعه أو مبرمجه أو مستخدمه .

ومن ثم فإن منح الروبوت الشخصية القانونية المحدودة ليست بدعة قانونية ، فهي فكرة قانونية خالصة ترتبط بمدي إمكانية التمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات وليس لها علاقة بالصفة الآدمية ، وبسبب التطور المستمر للقانون منحت الشخصية القانونية لأشخاص غير الشخص الطبيعي ، مثل الشخص الاعتباري كالشركات ، والكيانات العامة والمؤسسات بالرغم من إنها تفتقر لأية صفات آدمية .

فقد يلجأ القانون إلي خلق أشخاص قانونية ليس لديها وجود قانوني ولكن لها وجود فعلي أو واقعي ، وذلك لأغراض قانونية ليمنحها بعض الحقوق ويحملها بعض الالتزامات ، ولقد اعترف المشرع الفرنسي في عام 2015 للحيوان بالشخصية القانونية المحدودة بما يتناسب مع طبيعته ؛ نتيجة للحاجة القانونية لهذا الاعتراف ، ومن ثم فإن منح الشخصية القانونية لم يكن مرتبط بصفة الإنسان وبالتالي فإن تقنيات الذكاء الإصطناعي إذا أمكن جعلها أهلاً للتمتع بالحقوق والتحمل بالإلتزامات أمكن الاعتراف لها بالشخصية القانونية .

وفي ظل انقطاع الصلة بين المُصنّع والُمبرمج والمستخدم وبين الروبوت ، فإن ذلك يهدد بضياع حق ضحية جرائم ومضار الروبوت ، فيفلت من أجرم من العقاب ، حيث لا يجوز محاسبة أحد عن جريمة لم يقترفها هذا من جهة ، ومن جهة آخري عدم أهلية الروبوت لتحمل المسئولية الجنائية .

وإلي الآن لم نرٍ أياً من التشريعات المقارنة أن قامت بمنح الروبوت شخصية قانونية معتبرة ، وبتحليل نصوص القانون المدني الأوروبي الخاص بالروبوت الصادر في فبراير 2017 وجدنا أن المشرع الأوروبي قد أعتمد علي نظرية النائب الإنساني الذي يكون هو المسئول عن تعويض المضرور بسبب تشغيل الروبوت علي أساس الخطأ ، وأن واجب الإثبات يكون علي النائب الذي قد يكون صانع أو مشغل أو مالك أو مستغل الروبوت ، ولم يعترف للروبوت بشخصية قانونية مستقلة .

فمما لا شك فيه أن منح الروبوت مكانة قانونية مستقلة ، قد يؤدي إلي منحه بعض الحقوق ، وتحميله بالالتزامات ، ومن ذلك منحه الجنسية والذمة المالية المستقلة ، وتسميته باسم بالإنسان الطبيعي ، أما الالتزامات فتتمثل في تحمله مسئولية أفعاله ، وبعدها سينال الروبوت العقاب عن أفعاله التي تعد جريمة ، وتحمله دفع التعويضات عن الأضرار التي يحدثها ، وهو ما كان يعد ضرباً من الخيال .

والواقع إننا نري أن قواعد القانون المدني الأوروبي وفقاً للإطار القانوني الحالي غير كافية لمواجهة المسئولية الجنائية عن الإضرار التي قد تتسبب فيها الأجيال الجديدة من الروبوتات التي سيتم تزويدها بقدرات تكيف وتعلم فائقة التقنية مما سيولد تقلب في سلوكها وسيجعلها في حالة انقلاب تام عن السيطرة البشرية .

وهو ما دعا لجنة الشئون القانونية في الاتِّحاد الأوروبي بإنشاء مجموعة عملٍ للإجابة عن الأسئلة التي قد طرحها تشغيل الروبوت والذكاء الاصطناعي في أوروبا عام 2015 .

وبعد نقاش طويل أصدرت مجموعة العمل تقريرها النهائي المتضمِّن مجموعةً من التوصيات إلى اللَّجنة القانونيَّة التي قامت بدورها بإصدار قواعد القانون المدني على الروبوتات في فبراير 2017 .

وعلي الرغم من كل هذه الإرهاصات السابقة إلا إنه وحتي الأن لم نجد نص صريح يرتب المسئولية الجنائية لتلك التقنيات رغم ما وصلت إليه من إمكانيات فاقت قدرات البشر فالعمليات المعقدة التي يقوم بها الروبوت ينبغي معها منحه كيان خاص ووضع قانون خاص له يواجه أنماط المسئولية الجنائية الجديدة .

ونعتقد أن السنوات القليلة القادمة لا بد وأنها ستشهد مولد الشخصية القانونية الجديدة المتمثلة في الروبوت – حتي وإن كانت شخصية قانونية محدودة - فيكون بذلك أهلاً للتحمل بالمسئوليات ، واكتساب الحقوق .