الكاتب فادي السبتي يكتب: قراءة مغترب لذلك الغريب!

متعة لا تضاهيها متعة حين تخترق كلماتك حاجز المسافات وتلامس وجدان قاريء واع يعكس بعيون المغترب رؤيته ل "ذلك الغريب"؟
الرواية كلها تذكرني بالدراما الاجتماعية السويدية والفرنسية من خلال تحليل الشخصيات و الغوص في خفاياها و أسرارها.
من الأشياء التي لفتت نظري اختيار بعض الأسماء الغير دارجة كالاسماء الأخرى بالمجتمع المصري ك اريج و نسرين.
حقيقة ان الرواية اشعرتني بمزيج متجانس من عدة روايات ربما بسبب ذكر بعضها ( الأجنحة المتكسرة و الكوميديا الإلهية؟أو اسم الرواية نفسها( ذلك الغريب) او من خلال التقارب القوي في شخصية مدحت و فريدريك نيتشة من خلال الوسوسة في انتقال الأمراض و تامر المحيطين.
عجبني جدا طريقة سرد الرواية بذكر اسم صاحب الحدث او الفصل في الأعلى و استرسالك على لسان كل شخصية في سرد الجزء الخاص بهم في الرواية حسب التسلسل الزمني.
فلسفة استعادة الحياة بنظرة او لقاء اريج و ذلك الغريب بلحظة و استرجاع الاحاسيس الجميلة بعد التعمد بقتلها من خلال العلاقة المريضة بين اريج و مدحت رغم انه في نظري دلالة على ضعف اريج بغض النظر عن الأسباب.
الأمل في وجود رجل يكون سند و دافع للمرأة لتحقيق ذاتها و تنجح و تحب نفسها هذا بحد ذاته يعطي قوة هائلة و لذة بالانتصار. بصفتي من المناصرين للمرأة و حقوقها، لم يعجبني ضعف و خنوع اريج كل هذه السنوات لكن تمردها في الاخر شي جميل رغم انه منها سنوات و مني كقارئ طاقة غاضبة مناصرة لها ك امرأة و زوجة و ام.
على الرغم من حب نسرين و نادر لامهم لكنهم لم يتخذوا موقف لمساعدتها حتى و ان لم تبح لهم بكل المشاكل و انما اكتفوا باعلان التمرد على والدهم مدحت، كل واحد منهم شق طريقه و وجد سعادته بعيدين عن اريج و هذا نابع من أنانية طبيعية بنا كبشر.
تحليل مدحت و شخصيته واسباب مشاعره وحب التملك لديه اتضحت للقارئ وذكرها في آخر الرواية يختلف حسب نظري عن لو ذكرت في البداية، لأن لو عرفت الأسباب بالبداية قد يعطى العذر بقسوته وعدم دعم زوجته و أبنائه في بناء مستقبلهم او في عملهم، لكن اكيد لا يعطي له العذر بخيانته او بالطريقة الغربية التي كان يقوم بها في مقابلات العمل، لذلك أرى انه ذكاء من المؤلفة انه جعلتني اكره شخصية مدحت.
اثر بي بشكل كبير مشهد اللقاء الاخير بين اريج وذلك الغريب في آخر لحظات حياته، كذلك مشهد الأحاسيس القوية المتمثل باعطاء ليلى الظرف لأريج.
من الأشياء الملفتة و التي اعجبتني هي النهاية الغير متوقعة و بطريقة مستفزة بالنسبة لي كقارئ، هذا بالتأكيد يحسب بإيجابية في صياغة الرواية.
شكرا جزيلا على الرواية الجميلة والابداع العالي.