الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:37 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

منوعات وتنمية بشرية

حنان الطيبي تكتب: كليوباترا ِ. الجانب المظلم من حياة أجمل ملكة على الأرض وفك لغز آرسينوي جعلها السفاحة بامتياز!

النهار نيوز

لا شك ان الأغلبية الساحقة تعلم الكثير عن حياة الملكة كليوباترا، فقد ذكرها التاريخ بزخم وتخمة، لكن من المؤكد أن الأقلية القليلة من تعلم قطعا أن الملكة كليوبترا كانت سافكة للدماء مقابل الاستيلاء على حكم مصر!.

بداية، ذكرت الدراسات التاريخية ان كليوبترا ليست مصرية الأصل مائة بالمائة، فهي من اصول مقدونية، وقد حكمت مصر مع شقيقيها بطليموس الثالث عشر وبطليموس الرابع عشر، كما واشتهرت كليوبترا بسبب حكمها لمصر في العصور القديمة وتأثيرها على السياسة الرومانية، بالإضافة إلى أنه عرفت بالمرأة الرومانسية الأولى منذ العصور القديمة، ناهيك عن جمالها الخيالي الذي سخرته كسلاح فتاك لنيل رغباتها الجامحة، وتعلمت اللغة المصرية منذ نعومة اظافرها خدمة للحكم والعرش معا.

كليوبترا الملكة الأسطورة التي سقط عنها القناع! :

كليوبترا اشهر نساء الأرض، واكثرهن جمالا وإغراء، هي ايقونة الحب المتقد، فقد استسلم على بنانها اعظم قادة وحكام عهدها، ولطالما عظمها التاريخ لآلاف السنين، مجدها ومجد حقبة حكمها، ونعتها بالنلكة الأكثر نفوذا وقوة ودهاء على مر العصور.

لكن ابدا لم يعرف احدا عن جانبها الدموي شيئا، والذي بقي مخفيا ومخيفا لعشرات القرون.. ، والمفاجأة الصادمة تم اكتشافها مؤخرا في مدينة "أفسيس"، ليسقط قناع الجمال عن الملكة الفاتنة ويظهر عنها الوجه الحقيقي للقبح والبشاعة الذي كانت تخفيه ملامح روحها الخفية!.

لغز تم اكتشافه في مدينة "افسيس" التي تتبع في يومنا هذا إلى دولة تركيا، بحيث تشير جوانبه المظلمة إلى جريمة تعود إلى آلاف السنين، نفذتها كليوبترا في حق شقيقتها الصغرى "آرسينوي ARSENOE".

لغز الشقيقة الصغرى لكيليوبترا:
وبداية اللغز نستهلها نستهلها من ثلاثية القرن الماضي، حيث كان علماء الآثار يعاينون ولأول نرة، قبرا في مدينة آفسيس. حيث تم العثور على قبر يحتوي على أجزاء لهيكل عظمي بشري بدون رأس!.
والصادم في هذا الاكتشاف ليس فقط وجود هيكل عظمي بدون حمجمة، بل ايضا كون العادات والتقاليد في الإمبراطورية الرومانية كانت تقضي آنذاك دفن الموتى الغير مرغوب فيهم خارج اسوار المدينة، فلمن يا ترى يعود رفاث القبر وما علاقة آرسينوي بالقصة ككل؟!.

بعد بحث دقيق ودراسة معمقة، وقع انتباه عالمة آثار امريكية على ملف الشقيقة الصغرى لكيليوبترا، وتساءلت إذا كان الرفاث يرجع إلى آرسينوي ولماذا قد تدفن هذه الأخيرة بعيدا عن مسقط رأسها مصر بآلاف الكيلومترات؟!.


الأسطورة تعود آلى العام 51 قبل الميلاد، حيث توفي والد كليوبترا تاركا حق اعتلاء العرش لها ولشقيقها بالمناصفة، وحينها كانت كليوبترا تبلغ سن 18 سنة، فقامت بالزواج من شقيقها اعتقادا منها انها تحمي الدم النبيل او الدم الملكي من اختلاط الأنساب، وفي الوقت نفسه كانت العادات والتقاليد الملكية آنذاك تسمح بهذا النوع من الزواج، فتزوجت كيليوبترا شقيقها الذي كان يصغرها سنا، ليتمكنا من حكم البلاد سويا دون منازع.

ارادت كيليوبترا التحالف مع الرومان وتبادل الخبرات السياسية معهم، إلا ان شقيقها منعها من ذلك وهددها بإخراجها من سلطة الحكم، ودعته في رفضه القاطغ اخته الصغرى آرسينوي، وعندما حاولت كيليوبترا فرض قرارها على إخوتها، قامت حرب عائلية نتجت إلى القرار بنفي كيليوبترا!.
لم ترض كيليوبترا بالقرار، وطلبت من شقيقها وشقيقتها إمهالها بعض الأيام إلى حين رحيل القائد الروماني"يوليوس سيزر"، والذي كان في غرفة الضيافة بجانب القصر الملكي بمصر، وهنا رسمت الملكة خطة ماكرة للانتقام من شقيقها شر انتقام.
خطة كيليوبترا احرقت الأخضر واليابس، وجرت الويلات على القائد الروماني سيزر وعلى المملكة المصرية في آن واحد، فقد استغلت كيليوبترا جمالها وصغير حجمها في التسلل في إحدى الليلات إلى غرفة نوم سبزر، وجعلت الحرس يفطنون إلى ما قامت به، وعند فجر نفس الليلة، اكتشف شقيقها عبر الحرس نفسه انه تمت خيانته وخيانة العرش وتدنيسه، فأعلن للعامة عما وقع في التو واللحظة، وكان ان شن المصريون هجوما قويا على قصر بوليوس سيزر، وقاموا بإحراق كل شيء، فلم يعرف هذا الأخير ما يفعله وسط الفتنة، إلا ان قام باخذ آرسينوي الشقيقة الصغرى لكيليوبترا كرهينة للنجاة بحياته، ثم ما فتئ ان أمر حراسه القلائل بإضرام النيران ببيوت الأهالي، وذلك ليشغلهم عن مطاردته ويجد مخرجا لما هو فيه، فاستدعاء التعزيزات العسكرية وقتها لم يكن ممكنا خصوصا في وضع امني طارئ مماثل!.

خرج سيزر محتميا بآرسينوي كرهينة، وما إن ابتعد قليلا عن القرية حتى استطاعت رهينته الإفلات منه، فكان ان القى بنفسه في نهر النيل ليعود سابحا ثم راكبا إلى ان وصل إلى مملكته.
وبمجرد عودته قام باستدعاء التعزيزات العسكرية وشن هجوما داميا على المملكة المصرية ككل.

لكن قبيل ذلك وحين هروب آرسينوي من الأسر، تم تتصيبها مباشرة ملكة على العرش، خصوصا ان الأهالي ثاروا ضد كل شيء.

لم يتقبل يوليوس سيزر هذه الهزيمة الشنعاء، وشن هجومه على آرسينوي، وكانت النايجة ان تكلل الهجوم الروماني بنجاح باهر وأسفر عن ثلاثة نتائج، فكانت النتيجة الأولى قتل ملك مصر، "باطلموس 13"، وهو زوج وشقيق كليوبترا، اما الثانية فكانت أسر آرسينوي من جديد، لكن هذه المرة سيكون الأسر مستديما، واما التايجة الثالثة فهي إعادة العرش لكيليوبترا.

ماذا حدث لآرسينوي بعد أسرها؟! :

بعد اسر آرسينوي تم اقتيادها إلى المملكة الرومانية مكبلة الأيدي والأرجل بسلاسل حديدية اثقل من وزن جسمها نفسه، ووضعت في قفص خشبي متين كما توضع الحيوانات، وعند وصولها إلى روما اعلن سيزر أنه سيتم إعدام آرسينوي في الساحة العامة أمام الشعب الروماني، وعند حضور اليوم المعلوم، تطلع الجمهور إلى آرسينوي التي لم تكن تتحاوز 15 سنة من عمرها، ثم اشفقوا من حمل سلاسلها ووضعها المحزن، فتعاطفوا مع حالها وطالبوا سيزر بالعفو عنها بلإجماع، فكان ان تراجع حاكم الرومان عن قراره وتبديل حكم الإعدام بالنفي، وتم منعها من الرجوع إلى مسقط رأسها مصر، ونفيها في معبد آرتيموس بمدينة آفسيس التركية مدى الحياة!.
وكانت آرسينوي في وضع ما يشبه في يومنا هذا ما يعرف باللجوء السياسي، لكن ما حدث بعدها اثار الكثير من الجدل والشكوك حول اليد الخفية التي تحرك كل هذه الشخصيات في شبه خطة مرسومة بدهاء وذكاء ماكرين، فبعد أسر آرسينوي في المعبد المذكور بسنتين، تم العثور على سيزر مطعونا حتى الموت بقصره!. وهو الشيء الذي وضع حياة آرسينوي في خطر، لأن سيزر كان تعهد امام شعبه ألا يقتل آرسينوي وأن تبقى رهينة المنفى طوال حياته.

المفاجاة هنا، ان كل ما جرى من الأحداث كان يجري لصالح كيليوبترا، فلم يعد امام الملكة عائقا من التخلص من شقيقتها الصغرى وتنفيذ مخططها الشيطاني للانفراد بالحكم المطلق نهائيا.
لم تتوان كيليوبترا في تحقيق مخططها، وكانت شرعت بقتل اخيها الأصغر والأخير والذي كان يقيم معها في القصر ولا يتدخل لا في حكم ولا في عرش، إذ انه كان مايزال طفلا، ثم بعد تنفيذ جريمتها، القت حبها على القائد الروماني الجديد "مارك آنطوني"، والذي استلم الحكم بعد سيزر مباشرة، وبعد رسائل عشق وهدايا وإغراءات قدمتها كليوبترا لآنطوني، والذي كان يتمركز في مدينة آفسيس حيث تقيم آرسينوي، وقع آنطوني في غرام كليوبترا التي لم يكن لأحد ان يصد جمالها وسحر انوثتها، فأغدق عليها هو الآخر بالهدايا والكنوز، ولأن أسلوب حياته كان ترفا وبذخا، تجمعت على كاهله ديون ضخمة، فكان ان طلب من كيليوبترا التحالف معه والزواج به لاستغلال الموارد المصرية، فوافقت الملكة عليه لا لشيء سوى للوصول لاختها الصغرى لقتلها والتخلص منها نهائيا.

ووافق آنطوني على رغبة كليوبترا، وتم قتل آرسينوي بدم بارد وفصل راسها عن جسدها، وعندما علم الشعب الروماني ما حصل سخط على الحاكم خصوصا ان عملية القتل جرت في حق إنسان برئ وداخل معبد مقدس!.

آرسينوي ماتت مقتولة والتاريخ لم يذكر شيئا:

عندما تم العثور على قبر أفسيس، حاول العلماء الاستعانة بمهندسين متخصصين في مسح القطع الحجرية وذلك لإنتاج نماذج ثلاثية الأبعاد، وبالتالي تركيبها افتراضيا على برامج الحاسوب لمعرفة كيف كان الشكل الحقيقي والكامل للقبر، وللعلم فهناك قطعة حجرية من القبر محفوظة في متحف فيينا، وقد اكدت الدراسات على ان تصميمها يعكس الثقافة المصرية بامتياز.
ورغم ان علماء الآثار حين اكتشاف قبر أفسيس لم يجدوا راس الهيكل العظمي، إلا انهم حاولوا الاستعانة ببعض البرامج المتطورة من تصميم جمجمة طبق الأصل لتلك المفقودة، والتي تم اعتناد نسخها من سمك ونوع العظام ولون البشرة وغيرها مما أوحت به البرمجة الافتراضية، وكانت المفاجأة ان حصلوا على راس افتراضي يوضح ملامح فتاة سمراء البشرة في سن المراهقة ونحيفة البنية ومن اصول مصرية!، وهو ما قطع شكهم باليقين أن رفاث قبر أفسيس يعود إلى جثمان آرسينوي الأخت الصغرى لكيليوبترا.

وفي الختام، لا شك ان الملكة كيليوبترا كانت تظهر امام الشعب المصري ملكة عظيمة بدون منافس، فقد قدسها العامة إلى حد شبيه بالعبادة، كما كان يحبها الجميع لطريقة تعاملها النبيلة مع الشعب وكذا لجمالها الفاتن والفتاك، لكن مالم يعلمه احد آنذاك وحتى على طول آلاف السنين، أن كيليوبترا كانت تسكنها روح الشر وسفك الدماء، فقد قتلت جميع افراد اسرتها من أجل الاستيلاء على عرش مصر، وكانت ظلت قصة اختها الصغيرة ملغومة بالألغاز، إلى ان كشفت الدراسات التاريخية وعلماء الآثار في وقت قريب، في زمن التكنولوجيا والبرمجة، وبفضل أبحاث مكثفة، عن سر اختفاء آرسينوي التي لم يذكرها التاريخ إلا أسيرة!، ولم يتكلم عن مقتلها إلا بعد اكتشاف قبرها ومعاودة تنسيق الأحداث التاريخية بعضها ببعض للتوصل إلى الحقيقة المطلقة!، وهي حقيقة الملكة الجميلة المخيفة والقاتلة كيليوبترا، والتي لا عجب انها اختارت نهاية موت لها تشبه ملامح روحها الشريرة، الا وهي الموت منتحرة بلدغة ثعبان تم دفنه معها في قبرها وهي في التاسعة والثلاثين من عمرها.

0c8f4765116e.jpg
1a38410ddcab.jpg
2a63164220d8.jpg
3a509658388c.jpg
46272fe96818.jpg
5cae918a1f89.jpg
f6f94125c23f.jpg