الخميس 25 أبريل 2024 12:55 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

حنان الطيبي تكتب: ”السفنج المغربي” .. أكلة مغربية توارثها اليهود وقدسوها في أعيادهم الدينية

النهار نيوز

يعتبر "السفنج" (بتسكين جميع الحروف) أكلة مغربية خاصة ضمن مجموعة من الأكلات المنفردة والمتميزة التي اشتهر بها المغاربة عالميا عبر المطابخ العالمية ككل.

وبتعبير ادق، فإن "السفنج" لا يمكن تصنيفه لا كأكلة ولا كوجبة ولا حتى ك "كاطو"، إنما يمكن تصنيفه ضمن مجموعة "المقليات" عموما!.

كيفية تحضير السفنج وقصة ظهوره وكيفية تقديمه:

وعن كيفية تحضير السفنج المغربي، فهي طريقة سهلة جدا وهي عببارة عن خلط الدقيق الأبيض الصافي مع خميرة الخبز وقليل من الملح، ثم تترك العجين إلى حد الاختمار ومن ثمة تقطع قطعا صغيرة وتقلى في الزيت المغلي، وبهذا نكون قد حصلنا على السفنج.

وبالحديث عن طريقة تحضير السفنج فقد يبدو الأمر للوهلة الأولى أنه يسير، إلا أنه ومع سهولة الطريقة فهي تحتاج إلى الكثير من الاحترافية والتركيز، وهذا يعود لكون العجين ما يفتيء يختمر حتى يتلاصق على الأصابع، كما ان مستوى حرارة الزيت يجب أن تكون بين الدفء والغليان حتى لا يحترق العجين، بحيث يجب الحرص على أن تكون النتيجة المثالية والنهائية بقرمشة من خارج السفنج وهشاشة بداخله، كما انه يجب ان يكون لونه محمرا وليس محترقا!.

ويحكى أن السفنج لم يتم اختراع طريقة تحضريه ولم يكن يعرف في الثقافة المغربية من ذي قبل، فقد جاءت "اكلة" السفنج اعتباطيا عن طريق الصدفة، إذ يقال إن رجلا كان يمسك بعض العجين في يده حينما كان وعاء الزيت يسخن على النار بقربه، وكان العجين سلسا ولزجا في يد الرجل فحاول إضافة بعض الدقيق الأبيض على العجين ليتماسك أكثر، وهكذا وقبل أن يضيف الدقيق سقط من يده بعض العجين في وعاء الزيت الساخن، وهكذا والصدفة نضجت "سفنجة" بالمقلاة ومن ثمة اثبث السفنج ولادته في المغرب ثم في العالم اجمع!.
وإذا ما تم شراء السفنج من المعلم "السفناج" من السوق فإن السفنج يباع في "الزلاك"، وبمعنى آخر فإن زلاك السفنج هو تبارة عن شريط من عشبة "الدوم" وهي شريط اخضر يتم نزعه من شجرة النخل، بحيث يتم رص السفنج، والذي هو عبارة عن حلقات، عبر شريط الدوم الأخضر ليتشكل بذلك "زلاك" السفنج.
أما في البيوت فيتم تقديمه في اطباق حيث يتم تناوله عادة مع الشاي الأخضر المغربي بالنعناع ليتم هضم ما تشبع به من زيوت، وما عدا ذلك فهناك الأقلية التي تحب تناوله مع القهوة والحليب.

السفنج ثقافة مغربية منذ عهد المرينيين قدم في البلاط واصبح أكلة الفقراء!

ذكر بعض المؤرخون أن المرينيين "امازيغ" حكموا اغلب مناطق المغرب بين القرن الثالث عشر والخامس عشر، فيما كان يعرف آنذاك بالمغرب الأقصى، وكان السفنج لا يطهى إلا في مطابخ القصور ولا يقدم إلا إلى الملوك والطبقات الراقية، وعرف السفنج في عهد المرينيين بكثرة، وكان يطلق عليه آنذاك إسم "الخركوني" وهي كلمة قريبة الى الأمازيغية، وحين اكتشفه العامة من الشعب اطلقوا عليه إسم "مثقوب عينه"، وبقي السفنج كذلك إلى ان تم تداول فيلم وثائقي فرانكو-مغربي (فرنسي-مغربي) حول طقوس العرس المغربي بمنطقة تاليوين بالمغرب سنة 1934، وخلال الفيلم كان قد ظهر رجل بالأبيض والاسود يقوم بقلي السفنج، ومنذ ذلك الحين عرف السفنج كما تعرف النار على العالم، واحبته القبائل العربية التي اختلطت بالأمازيغ وأطلقوا عليه إسم السفنج نسبة للإسفنجة في صلابتها شكلا وهشاشتها تكوينا.. وقد بقي السفنج محتفظا بإسمه الأخير إلى يومنا هذا كما انه اصبح صديقا للطبقات الشعبية واكلة تدخل بيوت الأغنياء والفقراء على السواء.

اليهود أحبوا السفنج وأدخلوه في الثقافة اليهودية:

أحب اليهود المغاربة السفنج كما أحبه اهل المغرب أنفسهم، وجعلوه رمزا مهما في إحياء أعيادهم الرسمية والدينية، فلا مجال للاحتفال بدون تقديم السفنج على المائدة، فعيد "حانوكا" وهوعيد الأنوار لدى اليهود، وكذلك "عيد ميمونة" وهو آخر أيام عيد الفصح، لا يستغني اليهود عن السفنج المغربي في تقديمه على موائد الأعياد إلى جانب الحلويات والكعك، إلا أن اليهود غيروا إسم السفنج وأصبح يعرف لديهم ب "لاموفليطة"!!، كما هو الشأن للفرنسيين الذين قاموا بتكبير حجم السفنجة واصبح إسمها" بينييه"، حيث تقدم محلاة إما بمسحوق السكر او المربى.

وفي الأخير، وإن تغيرت أسماؤه، فإن السفنج يبقى أكلة مغربية بامتياز وموروثا ثقافيا مغربيا منفردا، وهوإذ يقص حكاياته منذ القدم مايزال محافظا على هويته ب "نوستالجيا" خاصة وتاريخ كبير رغم بساطته وشعبيته.