الجمعة 26 أبريل 2024 04:16 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : قوات حفظ السلام الدولية ................ تهديدات وتحديات مستجدة .

النهار نيوز

تعمل قوات حفظ السلام للأمم المتحدة في بيئة مغايرة تكتنفها العيد من المخاطر و التهديدات الحالّة، وصار حفظة السلام يعانون بالفعل على أساس يومي من هذه المخاطر و التحديات، و أصبح من الصعب على نحو متزايد عزل قضية معينة أو تحدي من آخر، وأكثر من ذلك من السياق السياسي والأمني الأوسع.

إن التغير الدراماتيكي الملحوظ في طبيعة النزاعات المسلحة وصيرورتها نزاعات مسلحة غير دولية في معظم الحالات منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991 وتغيير طبيعة النزاع ، ألقي بظلاله الكثيفة حول مسائل جد مهمة و عديدة ، بيد أن تعرض المدنيون وقوات حفظ السلام بشكل متزايد لمخاطر وتهديدات مستجدة في الإقليم الذي تنتشر فيه هذه القوات أضحي هاجسا يقض مضاجع القوات ذاتها فضلا عن منظمة الأمم المتحدة و الدول المساهمة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام الدولية .

أيا ما كانت المخاطر و التحديات و التهديدات التي تطال قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام الدولية ، فإن الأمر يستدعي معالجة هذه التحديات وغيرها ، كما يستدعي تحسين سرعة الأمم المتحدة وتوقعها واستجابتها للنزاعات و ما تكتنفه هذه النزاعات من تهديدات وتحديات ، ولذلك يستدعي الأمر التغيير الشامل سواء في الثقافة أو في المناهج المختلفة المتعلقة بهذه القوات علي مختلف الأصعدة ، ويتوازى التطوير والتغير المشار إليهما مع الطلبً المتزايد من جانب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لنشر هذه القوات في هذه الدول ، لعوامل عديدة أهمها الجاهزية ، الموارد ، والقدرات والبنية التحتية التمكينية، التي تتمتع بها المنظمة و القوات أيضا.

تسلط استراتيجية الأمم المتحدة في نشر قوات حفظ السلام الضوء على بعض التحديات التي تواجه عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ، مع التركيز على الحاجة إلى مزيد من الوعي والقدرات التحليلية من أجل فهم أفضل لكيفية تأثير التغييرات التي تعتمد على التكنولوجيا في بيئة الصراع على تنفيذ التفويضات للقوات ، والبنية التحتية لحفظ السلام بشكل عام ، ويصعب حصر المخاطر و التهديدات التي تجابهها هذه القوات في سُفر واحد ، ولكن الأهم في هذا الصدد ، المستجد من التحديات و المخاطر التي لم تخبر بها منظمة الأمم المتحدة وقواتها لحفظ السلام من قبل .

لا جرم أن أحد أهم التحديات و التهديدات في آنٍ التي تتعرض لها قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام الدولية في الآونة الأخيرة تشمل الاستخدامات الخبيثة للتقنيات الرقمية في سياقات حفظ السلام ، من خلال بث المعلومات المضللة والتحريض على العنف من خلال خطاب الكراهية ضد هذه القوات ، وتعد دولا بعينها جنوب الصحراء في إفريقيا مثالا صارخا لمثل هذا النوع الحديث من المخاطر التي تحيق بسلامة أروح وممتلكات هذه القوات ، وتؤثر علي عقيدتها القتالية الخاصة وتحد من فاعلية القوات في تنفيذ قواعد الاشتباك للقوات ، ويفضي ذلك في نهاية المطاف إلي الحد من فاعلية تنفيذ القوات لمهمتها سواء في حفظ ، أو صنع ، أو بناء، أو انفاذ السلام .

يعد اتفاق المركز القانوني SOFA الكتاب المقدس المتضمن لتفويض القوة و أهليتها وحقوقها وواجباتها ومسؤولياتها ، ومن ثم فأي إغفال قانوني أو عملياتي في هذا الاتفاق يستدعي التعديل الفوري لسد الثغرات والشغور في ذلك الاتفاق ، حيث يعد الأخير المرجع و الحجة علي الدولة المضيفة للقوات و الجماعات المسلحة الأخرى و القوات ذاتها .

تتصدر المعلومات الاستخباراتية قبل و أثناء نشر القوات البيئة العامة في أرض المهمة التي تنتشر فيها القوات، ولا يقتصر الأمر علي جمع المعلومات علي المستوي التكتيكي وحسب، بل يتخطاه ليشمل المخططين و صناع القرار في إدارة حفظ السلام للأمم المتحدة في نيويورك، ويعد تجاهل العناصر الوطنية في أرض المهمة في ذلك الصدد خطرا حالا ومداهما لأرواح وممتلكات وفاعلية القوات بشكل عام .

تمثل التكنولوجيا الرقمية و الأمن السيبراني المعلوماتي أيضا أحد العوامل المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار لمجابهة التحديات و التهديدات التي تتعرض لها القوات ، ولذلك من المهم بمكان إدخال التكنولوجيات الموجودة والناشئة في بيئات حفظ السلام لدعم تنفيذ المهام ، وكيفية إدارة هذه البيانات والبيانات التي تجمعها وتخزنها وتعالجها العناصر المختصة و المخصصة لهذا الشأن .

تتعرض قيادات قوات حفظ السلام الدولية و المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في أرض المهمة لهجمات سيبرانية خطيرة ، أفضت في حالة سابقة لإفشال ابرام اتفاق سلام بين الحكومة المركزية في أحد الدول و الجماعات المتمردة المسلحة ، ويصل الأمر ل " صيد إلكتروني " سواء للمبعوث الخاص أو القائد الميداني أو حتي الكتائب العاملة في المهمة ، ولذلك فعدم التأهيل الكافي لهذه القيادات في مواجهة الهجمات السيبرانية سواء الإرهابية أو غيرها يفضي إلي مخاطر جمة .

يعد البطئ أو اهمال الدعايات المضللة في وسائل التواصل الاجتماعي من جانب القوات سبيلا سريعا لإفشال المهام في بعض القطاعات من أرض المهمة ، ولذلك فسرعة الاستجابة الفاعلة الحصيفة في الرد ودحض هذه المزاعم التضليلية ضد الوات أحد آليات الاختراق الإيجابية التي تلجأ إليها القوات العاملة في الميدان ، ولا تقتصر الاستجابة علي وسائل التواصل الاجتماعي وحسب ولكن يتطلب الأمر اصدار بيان رسمي سواء من البعثة الأممية أو القوات في أرض المهمة لدحض الهجمات الاجتماعية و السيبرانية ضد القوات .

أحد الإجراءات العَجِلة الكارثية التي أفضت لمقتل عدد ليس قليل من قوات حفظ السلام الدولية ، هو التعويل الموثوق المتعجل علي البيانات المعلوماتية التي تجمعها الطائرات المسيرة Dronesالتي زادت وتيرة استخدامها من قبل قوات حفظ السلام الدولية ، ولذلك فدون تحليل فني حصيف للمعلومات التي أتاحتها الطائرات المسيرة سيكون الفشل وإزهاق أرواح القوات المآلين المحتومين لهذه القوات .