الدكتور أيمن سلامة : الفصل العنصري الإسرائيلي البغيض ضد الفلسطينين .... متي المحاسبة ؟

وصف نيلسون مانديلا الأبارتيد بأنه " فارق اللون الذي مثيرا ما يعين من هو الغني و من هو الفقير ....... من يعيش في رخاء ومن يعيش في قذارة .... من سيحصل علي المأكل و الملبس و الرعاية الصحية .... ومن سيعيش ومن سيموت "

لقد تبني الحزب الوطني العنصري السابق في جنوب إفريقيا الفصل العنصري كنموذج لتطور الأعراق المنفصل ، وقد صنف ذلك النظام البغيض اللإنساني الأشخاص في جنوب إفريقيا إما بيضا أو بانتو (سود) أو ملونين ( عرق مزيج ) أو آسيويين ، وقد شملت هذه الإجراءات الإقصائية الكريهة : عدم الاهلية للتصويت ، وانشاء مناطق سكنية و تعليمية منفصلة ، و تصاريح سفر داخلية خاصة بالسود ، وسيطرة البيض علي النظام التشريعي و القانوني .

في 30 نوفمبر 1973 افتتحت الجمعية العامة للأمم المتحدة للتوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لقمع ومعاقبة جريمة الفصل العنصري. تعريف جريمة الفصل العنصري بأنها "أعمال غير إنسانية ارتكبت لغرض إنشاء وإدامة هيمنة فئة عنصرية من الأشخاص على أية مجموعة عرقية أخرى أو أشخاص وقمعهم بشكل منهجي".

ووفقا لهذه الاتفاقية تلتزم الدول بالقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، كما ترفض بصفة خاصة العزل العنصري والفصل العنصري وتتعهد بمنع وحظر وإزالة كل الممارسات المماثلة في الأقاليم الخاضعة لولايتها

عرف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جريمة الفصل العنصري أنها : "الأفعال اللاإنسانية ذات الطابع المماثل لغيرها من الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سياق نظام مؤسسي قائم على القمع والسيطرة بصورة منهجية من جانب جماعة عرقية واحدة على أي مجموعات أو مجموعات عنصرية أخرى وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام".

واقع الامر أن الأعمال التحضيرية لصياغة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية و علي وجه الخصوص المادة السابعة من هذا النظام التي تتناول الجرائم ضد الإنسانية لم تكشف عن ميل عام لوفود الدول لتضمين جريمتي الفصل العنصري و الإخفاء القسري ضمن القائمة المحددة للجرائم ضد الإنسانية ، بيد أن إصرار الدول الإفريقية فلح في إدراج جريمة الأبارتايد ضمن هذه القائمة ، كما فلح إصرار دول أمريكا اللاتينية في إدراج جريمة الإخفاء القسري في ذات القائمة .

تجدر الإشارة في ذات الصدد أن النظامين الأساسيين للمحكمتين المنحلتين الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والجنائية الدولية الخاصة برواندا لم يدرجا جريمة الأبارتايد ضمن أركان الجرائم المندرجة ضمن ولاية المحكمتين.

تمارس سلطات الاحتلال الإسرائيلي العديد من الممارسات التي تدخل في عداد أفعال الفصل العنصري ، ومن أهم ملامح هذه الممارسات ما يتعرض له الفلسطينيين من قتل وتنكيل وتعذيب وإذلال علي نقاط التفتيش الإسرائيلية ، وإقامة المستعمرات الإسرائيلية وجدار العزل العنصري الإسرائيلي الذي يعد أقبح صور الفصل العنصري ، فضلا عن عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، ، والنقل القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية تشكل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى جريمة الفصل العنصري بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، لذلك ينبغي مساءلة المسؤولين الإسرائيليين على ارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين ، أيضا تتمتع كافة الدول التي تمارس الولاية القضائية الشاملة باختصاصها نيابة عن الجماعة الدولية بتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة.