الثلاثاء 19 مارس 2024 10:04 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. نبيل بوغنطوس يكتب: هل سقطت لبنان في يد إيران؟

النهار نيوز

لم يكن قرار رئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة اللبنانية السابق الشيخ سعد الحريري، بانسحابه من الحياة السياسية في لبنان بالقرار المفاجئ، وهي خطوة كانت متوقعة منه، ومنذ زمن بعيد، خصوصا وانه يمضي معظم اوقاته في الخارج، نتيجة نصائح امنية له بذلك وغيرها ايحاءات اكثر.
عانى الرجل ما عاناه طويلا، ولم يكن الى جانبه من سياسيي لبنان، الا من كان يسلفه مواقف على القطعة، وهو الآتي حديثا الى عالم السياسة بعيد اغتيال والده في العام 2005، سياسة عاش شبابه بعيدا كل البعد عن زواريبها الملتوية، لكن عملية اختيار العائلة له لاكمال مسيرة والده وتيار المستقبل، نقلته من ضفة الى ضفة وبشكل مفاجئ.
لم يكن الشيخ سعد، يتوقع ان بين ليلة وضحاها، سيحمل على منكبيه ارثا سياسيا كبيرا، بحجم ارث الرئيس الراحل الشيخ رفيق الحريري.
اول تداعيات خروج الحريري من الحياة السياسية اليوم، ستطال بشظاياها الطائفة السنية في لبنان، والتي مرة جديدة، ستجد نفسها مستهدفة بقسوة من كل الجهات، من الداخل ومن الخارج، من الاقربين ومن الابعدين، فالحريري، ما كان ليتخذ هذا القرار، لو لم يكن مدركا ان الدرب صعبة ووعرة، ومزروعة بالافخاخ، التي مل من انتزاعها منذ العام 2005 وحتى اليوم.
ان كان اغتيال الرئيس رفيق الحريري الجسدي، جاء في سياق اضعاف الدور السني في لبنان، تمهيدا لتغيير وجهه وصورته وتوجهاته، فان دفع الشيخ سعد للخروج بهذه الطريقة، انما هو استكمال لضرب هذا الدور، الذي عرف عنه مع الحريرية السياسية، انه مثال الانفتاح والحوار والاعتدال.
الاخطر في ما حدث، وفي هذا الخروج، دعوة الشيخ سعد كتلته النيابية، للخروج معه وعدم الترشح للانتخابات النيابية القادمة، ملخصا الدوافع بثلاثة اسباب، معاناته من النفوذ الايراني والتخبط الدولي في لبنان واهتراء الدولة. وهكذا، خسر من يقاومون النفوذ الايراني في لبنان، عضدا قويا يتمثل بطائفة باكملها، احس زعماؤها وعلى رأسهم السيخ سعد، انهم متروكون لمصيرهم، فلا الحضور والتدخل الدولي بشكله الحالي بقادر على وضع حد للنفوذ الايراني، ولا الدولة بقادرة على المجابهة. فهل سيكون الخروج السني من المجابهة مع ايران نهائي، وهل سيتم التسليم بفوزها المطلق على الساحة اللبنانية.
السؤال المطروح اليوم والذي سيقفز الى الواجهة، كيف سيتعاطى السنة بشكل عام ومؤيدو الرئيس الحريري بشكل خاص، بعد موقف هذا الاخير من الانتخابات، مع مسألة «حزب الله»؟ وهل سيمكن القول إن تيار «المستقبل» خرج نهائياً من هذه المواجهة بمختلف أشكالها ومستوياتها، تاركا حزب الله، ذراع ايران في لبنان، في مواجهة تطرف سني، سيبدأ بالتبلور والتمظهر قريبا جدا على الساحة اللبنانية.
فاذا كان السنة والشيعة في لبنان، تداركا على مدى سنوات، اية صدامات مذهبية فيما بينهما، فهما لم ينجحا بذلك، لولا الدور المؤثر لتيار المستقبل في ذلك، وهو نجح في اختراع ما يسمى بربط نزاع مع الحزب، اسهم اقله بعدم تفجر الخلافات بينهما، رغم ادانة المحكمة الدولية لاحد عناصر الحزب بعملية اغتيال الحريري الاب.
عمل الحريري على هذا النحو، درءا للفتنة في لبنان، وحقنا للدماء، وحفاظا على بنيان الدولة الذي اعلى والده القسم الاكبر منه بعد الحرب، فمن دفع بالحريري الى الخروج من الساحة السياسية بهدف شرزمة السنة، سيدرك عاجلا ام اجلا، اي فخ اوقع نفسه فيه. فقد تفتح الساحة السنية الباب واسعا على المزيد من التطرف السياسي والديني والذي سيضرب «حزب الله» في عقر داره، وبالتالي سيجد الخيرون في لبنان، انفسهم امام مرحلة عنوانها كيفية إيجاد البديل المعتدل القوي، وإن لم يكن متوفراً، ستطرح مسألة وضع اليد على القرار السني ومحاولة عدم شرذمته، وصولاً إلى المواجهة مع أي تطرف إذا اقتضى الأمر.

....................

خبير سياسي واقتصادي في الشؤون اللبنانية