الجمعة 26 أبريل 2024 10:24 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

السياسة والبرلمان

الدكتور أيمن سلامة : الطائرات المسيرة ........ عشوائية الإستخدام وصعوبة االقيادة و السيطرة

النهار نيوز

كشفت الهجمات الأخيرة التي استهدفت منشآت مدنية في دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ، عن مدى خطورة استحواذ الفاعلين من غير الدول، و تحديدًا الجماعات المسلحة المتمردة ، على هذه الأسلحة الفتاكة فائقة التكنولوجيا وذاتية القصف وهذا ما حدث تماما بواسطة الطائرات المسيرة لجماعة الحوثي .

تتعدد مكامن خطورة استخدام هذه الطائرات المسيرة علي صعد كثيرة ، لكن أهم الشواغل تظهر وتتجلى عند عجز هذه الأنظمة الحديثة من الأسلحة على الإدراك الحقيقي لكل الظروف المحيطة بالمعركة ومدى الحاجة المُلحة لاستخدامها والحالات الإنسانية التي لا تستوجب استعمال هذه الأسلحة ، وهنا يمكن القول بعدم اعتداد الآلة بالأحاسيس الإنسانية للبشر فهي لا تخضع لاعتبارات الضمير الإنساني وتنفذ مهامها في ميدان القتال بعيدًا عنه ، وبالتالي لا تتراجع في الحالات الإنسانية القصوى ، مقارنة بالطائرات النمطية التي يتحكم في قائدها فضلا عن العناصر البشرية الأخرى المراقبة لتنفيذ مهمة الطيار والطائرة.

أصدرت منظمة الأمم المتحدة ومن خلال الأجهزة المعنية بحقوق الإنسان أكثر من تقرير فيما يخص موضوع القتل المستهدف بالطائرات المسيرة حيث تمحورت معظمها حول الدعوة إلى الامتثال لمبادئ القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان ، فضلا عن دعوتها لضرورة تأسيس قواعد جديدة تنظم استخدام هذه الأسلحة.

لقد أوصي مقرر منظمة الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء بأن بعض الحالات التي تستخدم فيها الطائرات المسيرة قد تخضع هجمات الطائرات المسيرة لقواعد القانون الدولي الإنساني وتمتثل لها ، لكن في حالات أخرى ثمة قلق بالغ من أن هذه الطائرات لا تمتثل لأحكام القانون الدولي الإنساني بل أن بعض الهجمات ربما حدثت خارج نطاق أي نزاع مسلح ، وبالتالي ينبغي قياسها وفقا لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان الأكثر صرامة وهناك حالات أخرى يكتنفها الغموض فعلا.

وذكر أيضا يكتنف الغموض فيما يتعلق بتفسير القواعد الهامة التي تحكم الاستخدام الدولي للقوة بهذه الأسلحة خطرة واضحة على المجتمع الدولي تترك هذه القواعد المهمة مفتوحة لمختلف الجهات قد يؤدي إلى سوابق غير محمودة تجعل الدول تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في إزهاق الأرواح وهذا يجعل الأمل بالمسائلة ضئيلا ويقلل هذا الوضع حماية الحق في الحياة كما يقلل سيادة القانون وقدرة المجتمع الدولي على الحفاظ على أساس صلب الأمن الدولي، واقترح على مجلس حقوق الإنسان أن ينظر في وجهات أخرى ذات صلة في التعبير عن آرائها حول الإطار القانوني الواجب تطبيقه على الطائرات من دون طيار .

كما ذهبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى أنه ينبغي الامتثال للقوانين عند استخدام الطائرات من دون طيار، حيث ذكرت أن الطائرات المسيرة مشروعة بحد ذاتها إذ لا تحظر قواعد الحرب المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني في صراحة استخدامها ولا تعتبرها عشوائية أو غادرة بطبيعتها حيث أنها لا تختلف في هذا الصدد عن الأسلحة الأخرى التي تطلقها طائرات يقودها طيار مثل المروحيات وغيرها من الطائرات المقاتلة ولكنها أكدت على أنه من الضروري أن يخضع استخدام الطائرات المسيرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني رغم أنها مشروعة في حد ذاتها في أثناء النزاعات المسلحة ويجب على أطراف النزاع عند استخدام الطائرات من دون طيار على سبيل المثال أن تميز دائمة بين المقاتلين والمدنيين وبين الأهداف العسكرية والمدنية وان تتخذ جميع التدابير الاحترازية الممكنة لحقن دماء المدنيين. وفي حال عدم وجود نزاع مسلح فان القانون الواجب التطبيق هو القانون الوطني ذو الصلة والقانون الدولي لحقوق الإنسان ومعايير إنفاذ القانون التي ينص عليها وليس القانون الدولي الإنساني .

جلي أن الدول يقع عليها - وبعد الآثار الكارثية التي خلفتها استخدامات عشوائية لهذه الروبوتات القاتلة - اتخاذ تدابير لحماية الأفراد من الأعمال الإرهابية، وأن تتفق هذه التدابير مع القانون الدولي الحقوق الإنسان، وعلى الدول أن تدرك أن القانون الدولي لحقوق الإنسان ، سِيّما الحق في الحياة ، ينطبق في جميع الأوقات بما في ذلك حالات النزاع المسلح، وهناك ضرورة ملحة تستدعي فرض شروط صارمة على استخدام القوة القاتلة .

أن انعدام الشفافية فيما يتعلق بظروف استخدام الطائرات المسيرة يشكل عائق أمام تحديد الإطار القانوني الواجب تطبيقه وضمان الامتثال له، كما يجب تحديد سياسات الدول بشأن استخدام الطائرات المسيرة في عمليات القتل المستهدف تحديدا واضحا بما في ذلك تحديد الأساس القانوني الذي يمكن أن يضفي المشروعية على هجمات الطائرات المسيرة ، ولكن مع هذا تفتقر هذه الأسلحة إلى الصفات البشرية اللازمة لتلبية قواعد القانون الدولي الإنساني، لأن هذه القواعد يمكن أن تكون معقدة وتنطوي على اتخاذ قرارات ذاتية تخضع لما يحكمه العقل البشري الذي لا تستطيع الطائرات من دون طيار فعلها.

ختاما، صارت الحاجة ملحة علي المجتمع الدولي وفقهاء القانون الدولي و الخبراء العسكرين من أجل تسريع الخطي لمراجعة دقيقة لشرعية استخدام الطائرات المسيرة سواء في أثناء النزاعات المسلحة أو أثناء السلم ، وماهية القيود القانونية التي تحظر عشوائية استخدامها .