الدكتور أيمن سلامة : لماذا ستنجح المبادرة الكويتية تجاه لبنان ؟

نافل القول حتي تنجح جهود المساعي الحميدة أو الوساطة التي يقوم بها الطرف الثالث بين أطراف النزاع الدولي من المهم بمكان توافر شروط عديدة في ذلك الوسيط ، وفي ذلك الصدد ، فقد تميزت الكويت في محيطها الإقليمي و الدولي منذ استقلالها في عام 1961 بخصائص ذاتية وتوجهات سياسية ، فقد تبنّت الكويت منذ استقلالها خيارات أساسية ، وتَبَدت هذه الخيارات بشكل أساسيٍ في عدم التدخل في الشؤون السيادية الداخلية للدول ، و بذل جهود الوساطة و المساعي الحميدة لتسوية النزاعات الدولية سواء في محيطها الإقليم أو خارجه .

لا مِريَة أن لعب دور الوسيط المحايد العادل يُعد من أهم خصائص سياسة الكويت الخارجية، خصوصًا خلال المرحلة الأولى التي أعقبت استقلال البلاد في عام 1961، وما فَتِئت تلعب الكويت ذات الدور الذي يُعظّم من مكانة الكويت في محيطها الإقليمي و الدولي ، اقتناعا من القيادة الكويتية اقتناعًا راسخًا بأهمية آلية الوساطة الدولية في تسوية وحل النزاعات الدولية ، فضلا عن التزام الكويت بمبادئ و أهداف منظمة الأمم المتحدة التي وردت في ميثاقها خاصة .

جَلِي أن الحيادية التي تتمتع بها وتنهجها الكويت تُعد السمة الرئيسية التي جعلت الكويت و بمبادرة منها تعرض جهود وساطتها علي طرفي أو أطراف النزاع الدولي ، وفي حالات أخري طلبت هذه الأطراف من الكويت بذل جهود وساطتها التوفيقية المحايدة العادلة ، والمبادرة الكويتية تجاه لبنان تعد مثالا كاشفا في هذا الصدد .

لم تمض سوي أربعة أعوام علي استقلال الكويت حين قامت بدور الوسيط منتصف الستينات من القرن الماضي، وذلك عندما قامت بالوساطة بين مصر والسعودية لحل الصراع الذي ظهر بين الدولتين في اليمن في عام 1965 ، وفي نهاية الستينات، أسهمت الكويت بجهود وساطة لحل قضية مطالبة شاه إيران بالبحرين والتي انتهت بإجراء استفتاء شعبي واستقلال البحرين في عام 1971.

لم تقتصر مساعي وساطة الكويت لتسوية النزاعات بين الأشقاء العرب ولكن سعت أيضا إلى حل النزاع بين باكستان وبنغلاديش في بداية السبعينات من القرن الماضي و ذلك في الجولة الثالثة من الصراع المسلح الهندي الباكستاني في عام 1971 ، كما حاولت الكويت التوسط بين تركيا وبلغاريا في عام 1989 لحل مشكلة الأقلية التركية في بلغاريا.

شاركت الكويت في جهود تسوية الصراع المسلح الذي حدث بين المملكة الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، في سبتمبر/أيلول 1970، والذي عُرف بـ"أيلول الأسود"، كما سعت الكويت إلى حلِّ النزاع بين اليمن الجنوبي السابق واليمن الشمالي في عام 1972، وكان للكويت دور رئيسي في حلِّ الأزمة التي نشبت بين سلطنة عُمان واليمن في عام 1984.

قامت الكويت أيضا بالوساطة بين اليمن الجنوبي وعُمان؛ حيث استطاعت أن تتوصل إلى اتفاق أنهى الأزمة بين الطرفين وتم توقيعه في الكويت في أكتوبر/تشرين الأول 1982، كما لعبت الكويت دورًا مهمًّا في إعادة العلاقات التي قُطعت لأكثر من عام بين ليبيا والمملكة العربية السعودية في عام 1982 ، ولعبت أيضا دورا فاعلا في تسوية النزاع السوري-العراقي، والخلاف السوري-الأردني، والنزاع بين السعودية واليمن الجنوبية السابقة ، و بين السعودية والإمارات.

صُفوة القول ، يُعد نجاح الوساطات الكويتية لرأب الصدع بين الأشقاء من الدول العربية خُطوة مهمة لرأب الصدع بين هذه الدول ، ورافعة قوية لتوطيد التضامن العربي .