السبت 27 أبريل 2024 12:10 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الدكتور أيمن سلامة : هل الطائرات المسيرة تعد ٍسلاحا ذكيا في كل الحالات ؟

النهار نيوز

يتشكل القانون الدولي الانساني الناظم للعدائيات العسكرية في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية من مجموعة من القواعد التي تستهدف " أنسنة النزاع المسلح " و تتمحور هذه الأهداف حول حماية الاشخاص الذين لا يشاركون في الاعمال العدائية أو الذين كفوا عن المشاركة فيها، وتحقيقاً للحماية القانونية لهؤلاء سواء المدنيين أو الأعيان المدنية ، ويلزم القانون المقاتلين بالتمييز طيلة فترة النزاع بين المدنيين والمقاتلين، وأَن توجه العمليات ضد الاهداف العسكرية فقط .

إِنَّ مبدأ التمييز يوجب على اطراف النزاع ضرورة التمييز في جميع الاوقات بين الاهداف العسكرية – التي يجوز استهدافها - والاعيان المدنية اثناء سير العمليات العدائية، ولا يجوز توجيه الهجوم الى الاعيان المدنية التي يتم فيها تجمع المدنيين أو الجرحى أو المرضى لحمايتهم من اثار العمليات العدائية.

الا إِنَّ هناك العديد من العوامل التي تضعف من امكانية تطبيق هذا المبدأ، واهمها اسلحة القتال المتطورة ، ذاتيه التوجيه مثل الطائرات المسيرة ، فاغلبها لا تحقق مبدأ التمييز كالأسلحة الذكية المزعوم بإطلاقية ذكائها ، فكثيراً ما تصبح هذه الأسلحة (غبية) برغم كونها مزودة بتقنية عالية لإصابة الهدف الموجهة اليهِ .

تعد هذه الوسيلة تهديداً خطيراً لحياة المدنيين العزل، لاسيما أَن القانون الدولي الانساني يحظر الاسلحة التي لا تستوف المبادئ العامة المتمثلة في التمييز والتناسب والضرورات العسكرية، فضلاً عن الاحتياطات المتعلقة بحظر التسبب في معاناة لا مسوّغ ، وتجنب الأضرار الفادحة في صفوف المدنيين جراء استخدام هذه الأسلحة ، لذلك يتحتم وضع قواعد دولية جديدة تأخذ بعين الاعتبار هذا التطور الهائل في مجال التكنلوجيا العسكرية .

لقد تبين إن هذا النوع من الطائرات لا تملك القدرة على التمييز بين المدنيين والمقاتلين والاعيان المدنية والاهداف العسكرية، ولا تملك خلايا حسية لتمكنها من التراجع عن الهجوم اذا كان الهدف المطلوب يتواجد فيه افراد مدنيون يمكن أن تؤدي الغارة الى قتلهم .

إِنَّ هذا النوع من الطائرات يتم برمجتها على رصد وتدمير هدف معين, وعند تشغيلها تنفرد بتنفيذ الهدف المكلفة به بغض النظر عن العواقب التي تترتب عليه، ووفقا لذلك هي لا تملك التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وتقتصر مهمتها على ما تم برمجتها عليه ، لذا يتوجب توخي الحذر الشديد، فقد يسفر عن استخدامها اثاراً بعيدة المدى تطال القيم الاجتماعية وتشمل بشكل اساسي حماية الحياة وقيمتها والاستقرار والسلم والامن الدوليين.

وقد صرح الامين العام للأمم المتحدة بتقرير رفعه الى مجلس الامن بقوله "الروبوتات القاتلة التي تستطيع بعد تشغيلها اختيار الاهداف والاشتباك معها انها تثير القلق " واكد على ضرورة مناقشة هذه المسالة مع الجهات الفاعلة في الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر والمجتمع المدني.

جلي أن أجهزة الحاسوب الآلي لا تملك ذلك الحس البشري الذي وهبه الله للإنسان ، لأنها بالأصل لا تملك انظمة بصرية أو انظمة استشعار، ومن ثم لا يمكن لها الالتزام بقواعد الحرب وهي تفتقر الى قدرة التمييز بين المدنيين والمقاتلين ، بل إنها تفتقر القدرة على التمييز بين الانسان والدمى لأنها من صُنع البشر وليس من صُنع الخالق جلت قدرته في وضع هذه المشاعر والاحاسيس في النفس البشرية .

تدليلا علي ما سبق ، في عام (2009) وبعد حملة الرصاص المصبوب لجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة ، صدرت تقارير تفيد بان(42)غارة جوية في الاقل استخدام فيها هذا النوع من الطائرات تسببت في سقوط(87) مدنيا فلسطينيا من بينهم (48)حالة وثقتها منظمة العفو الدولية، كما اثار تحقيق اجرته منظمة (هيومن رايتس ووتش) في فبراير(2013) الى ان(18) غارة جوية اسرائيلية على الاقل قد وقعت في اثناء عملية واحدة على قطاع غزة تسببت هذه الغارة عن مقتل 44 مدنيا فلسطينيا من بينهم(12) طفلا .

كاتب المقال : عمل سابقا مستشارا قانونيا لقوات حلف النيتو في البلقان .