السبت 23 أغسطس 2025 06:35 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

أدب وثقافة

الشاعر الإماراتي كريم معتوق يكتب: بزيارة البيت القديم

الشاعر كريم معتوق
الشاعر كريم معتوق

ومررتُ بالبيتِ القديمِ

وقد بدا لي صامتاً ومعاتِبا
كالكهلِ في سكناتهِ
مُتأمِّلاً عطبَ السنين
وقد كساه العنكبوتُ ذوائبا
متحَمِّلاً قصْفَ الفراقِ
وطَعنَ إِزْميلِ المواسِمِ
حينَ تُرْفِدُهُ الرياحُ خَرائِبا
فالبئرُ تشكو من ظَمَا
والسُّلمُ المهجورُ أمسى عاشِبا
فاستأذَنَتْ روحي لأدخُلَ
لم أجدْ باباً لأطرقَ
لا جدارَ أقامَ دوني حاجِبا
وأردتُ أنْ أبكي
فبادرَ باسماً
ــ لا تبتئسْ فلقد عرفتُكَ يافعاً ومُشاغبا
ولقد طحنْتُكَ في رحى صدري
صبياً لاهياً وبكل ألوانِ المسرَّةِ واثبا
لم تعرفِ الأحزانُ بَوْصَلَةً إليكَ
وكنتَ آخرَ مَن يُغيثُ الخوفَ من غدِهِ
فيرجِعُ خائِبا
هذي خُطاكَ قديمةً
أعرفْتَها ؟
والشوقُ أنْ تأتي وكنتَ الغائبا
لقد انتظرتُكَ أن تعودَ إلى هنا
لا شَيْبَ عندَكَ لا انكسارَ
لقد عرفْتُكَ آيِبا
وعرفتُ أنكَ في غدٍ
ستكون شيئاً رائعاً
لما لمستُ على يديْكَ مَواهِبا
أغَدَوْتَ شيئاً رائعاً ؟
ــ قد صرتُ شاعرَ رقةٍ
من حِرفَتي غَسْلُ الهُمومِ
وأنْ أخُطَّ من الخيالِ عَجائِبا
وأقَبِّلَ الأيتامَ؛ أمسَحَ دَمْعَهم
فكأنني بالشعرِ حيناً ناسِكاً أو راهبا
وبقلبيَ المكلُومِ رُكنُ حديقةٍ
فيها الحنينُ إلى القديمِ تجاذبا
وبها إلى الشوقِ الجميلِ حكايةٌ
وأرى الوفاءَ على ثراها ناشِبا
ولذا أتيْتُكَ كي أعيدَ بَراءتي
تلك التي خُطِفَتْ بقافلةِ السنينِ
السالكاتِ الناهباتِ مَشاربا
وعَبَرْتُها نَكِداً وحيناً فرحَةً
لما مَدَدْتُ على السنين غَياهِبا
فرأيْتُ بالأصحابِ مِن بَعدِ الغِنَى
يَسْتَكْلِبونَ على الفقيرِ
وقد أمدّوا من يديْهم للضعيفِ مَخالبا
ورأيتُ مما قد رأيتُ مرابعَ الحُملانِ
والطيبَ القديمَ من الصحابِ
وقد غَدوْنَ ثَعالِبا
ورأيتُ دَعْني ..
فالبكاءُ يُرِيحُنِي
دعني فلم أَستَثنِ مِن جُرمِ الجَفاءِ أقارِبا
***
أطرقتُ مُكتئباً وطافَ بخاطِري
وجهٌ طفوليّ الحياءِ
عليه تعتمرُ الحياةُ رغائبا
هذا هو السطحُ الصغيرُ يَلُمُّنا
للنومِ والصيفُ استعاذ مِنَ النهارِ لَواهِبا
وهنا بِزاويَةٍ غَفا
قفصُ الحمامِ وقد تآكَلَ من متانتِهِ
القديمةِ جانبٌ
ولقد أقام جوانبا
متعكِّزاً كَتِفَ الجدارِ بضعْفِهِ
فكأنما شيخٌ تهاوى عزمُهُ ضعفاً
فأسنَدَ للبقاءِ مَناكِبا
***
لِمَ ضاقتِ السِكَكُ القديمةُ حولَهُ
بالذكرياتِ ظننتُ واسعةً
كباحاتِ القصورِ إذا ارتديْنَ مَضارِبا
ورأيتُ بالغرفِ القديمَةِ ضِحكَتِي
والشَخْبَطاتِ على جدارِ البيتِ صِرنَ مشاجِبا
وعليه كلُّ الأُمْنِياتِ بخَطِّنا كُتِبَتْ
ولم نُدركْ منَ الأيامِ منها واجباً
وهنا أفاضَ البيتُ بالصَوْتِ العتيقِ مُسائِلاً
أرَضِيتَ بالبيتِ الجديدِ
وقد بلغتَ مَطالِبا
قُل هل يُحبُّكَ مثلما حَجَرِي يُحِبُّكَ
أيُّها الطفلُ الذي
قد نالَ من قلبي وكان الواهِبا
قل هل يحبُّكَ ؟ هل له سطحٌ كسطحي
هل له جارٌ كجاري حينما
أخفيتَ في بعض الجوارِ مَآرِبا
ولإبنةِ الجيرانِ تلك حكايةٌ
ما زلتُ أكتُمُها وأضحَكُ حينما
ألقاكَ مِن سطحٍ لسطحٍ واثِبا
كالقطِّ تُمسي خاتلاً
بكمينهِ متفَحِّصاً ومحاذراً ومُراقِبا
فأفَقْتُ من سُكْرِ الحديثِ ودَمْعَتي
فتحَتْ على جُرْفِ الخدود مَساربا
فبكيتُ ..
وانْتَبَهَتْ بقلبي غُصَّةٌ
وعرفتُ أني بالزيارةِ
قد حصدتُ مَتاعِبا

5eead443e507e5c2e1f18d36ec0d29b7.jpeg
9377a95b2c6a661d415d8cbb9ae97d00.jpeg
e3f3c89d3553f07b459f5a09fb1184d3.jpeg
مريم معتوق