حرفيات من تونس يطلقن صيحة فزع : التهميش أنهكنا و”الكورونا” دمّرتنا

هن نساء تعلّمن حرفا تقليدية أب عن جد ومنهن من درسنها وتعلمنها بطريقة أو بأخرى فترسخت في شخصياتهن وتجاوزت صفة المهنة لتكون عقلية وممارسة وجدانية تستمد طقوسها من التراث التونسي الأصيل ومن عادات وتقاليد العائلة والحي والجهة، يُعرفن بالحرفيات أتقن صناعات يدوية لا غنى عن الفكر والقلب عنها لذلك صمدن وأصررن على ممارستها رغم العراقيل والصعوبات .
ضعف التمويلات وانعدام الدعم وانسداد أفق التسويق وغلاء المواد الأولوية مكبلات أعاقت هذه الفئة الناشطة في مختلف المنتوجات التقليدية صناعة وتزويقا وابتكارا من زرابي،مواد تجميل طبيعية،حلويات وملابس تقليدية ،حلي....مُطَوِّعين موادا طبيعية من طين،نباتات،معادن خشب وغيرها مستنزفين طاقاتهم الذهنية والبدنية والمادية لصناعة أشياء إما ترسيخا للمخزون التراثي التونسي أو تطويرا له أو تجديدا وابتكارا ،واعترافا بكل ذلك ثمّنت رئيسة رابطة الحرفيات التابع للإتحاد الوطني لمرأة بتونس عفيفة المزابي دور الحرفيات وفي نفس الوقت عبرت عن إستياءها من الوضعية الإجتماعية التي يعشنها داعية السلط الجهوية والمركزية إلى دعم المعارض الخاصة بالحرفيات في ظل ارتفاع معلوم المشاركة في معارض تونسية كبرى مما يجعلهن يشعرن بخيبة أمل في حاجة إلى اهتمام على الأقل على المستوى المعنوي والإنصات إلى مشاغلهن ومشاكلهن وفق قولها .
عزيمة وثبات
هالة المستيري متحصلة على شهادة جامعية في اللغة الإسبانية وأمام قلة فرص التشغيل ركزت على هوايتها وهي تزويق الحلي بتوظيف الأزهار بعد تجفيفها تضررت من جائحة "الكورونا" فأغلقت محلّها وحولت نشاطها إلى المنزل مؤكّدة على حرصها على النجاح في هذه الهواية التي حولتها إلى مهنة فأصبحت حرفية في الحليّ من طراز عال رغم الصعوبات واشتكت هالة من ارتفاع معلوم المشاركة في المعارض التونسية الكبرى التي تمثل لها فرصة هامة للتعريف بنفسها وبيع منتوجاتها باعتبار أن مشكل التسويق يبقى عائقا كبيرا في طريق العديد من الحرفيات خاصة صاحبات المشاريع الصغرى ، نفس الإشكال عبرت عنه الحرفية نادرة الهرقلي مختصة في صناعة وتزويق الفخّار التي قالت في أسف " أنا متمسكة بهذه الحرفة لأن أمي كانت تمتهنها وعلمتني إياها ورغم غياب الدعم ارتفاع أثمان المواد الأولوية وقلة مصادر التسويق فإني متشبثة بها وأحرص على تطويرها مما جعلني أطور من نشاطي و أستعمل محامل أخرى لتزويقها بمختلف المواد "، سارة بن عمر حرفية شابة وهي مهندسة في الصناعات الغذائية اختارت الإختصاص في صناعة الصابون على الطريقة الباردة وتقطيع الأعشاب والزهور اشتكت من نفس المشاكل المتواصلة مؤكّدة غياب أي مؤشر لتحسين الوضعية التي تتعقد من سنة إلى أخرى وفق قولها ،وغير بعيد عن هذا الإختصاص فالحرفية سميرة بن نصر تشتغل ايضا على صناعة الصابون واستخراج الزيوت عبرت عن تفاءلها بتحسن وضعية القطاع مقارنة ببداية جائحة الكورونا راجية أن يصل إلى مرحلة الإنفراج .

اصالة وتراث
رجاء زغوان حرفية في خياطة وتطريز اللباس التقليدي التونسي إشتكت من الإرتفاع الصاروخي لأسعار المواد الأولية مما جعل المعادلة صعبة بين الكلفة وثمن البيع خاصة وأن عملها مناسباتي مرتبط بحفلات الزفاف وإلى جانب حفاظها على الطباع التقليدي لأزياء العروس فإنها تحرص على تطويرها حتى تكون مواكبة للعصر وفق قولها ،تربية النحل وبيع العسل بأنواعه نشاط يندرج أيضا ضمن الصناعات التقليدية بحكم تاريخيته هكذا وصفت الفلاحة خديجة قريسة نشاطها الذي ورثته أب عن جد قائلة "العمل متعب ومضني ولكن لا نشكو من اي إشكال والحمد لله نحرص على كسب ثقة الحريف فرأس مالنا ضمانه الطبيعة ونجاحنا مرتبط بكمية الأمطار أمارس في تربية النحل وكذلك أبيع زيت الزيتون الأصلي والوضعية مستقرة من فضل الله "، التطريز على السلاّت المصنوعة من مادة الحلفاء ومحامل أخرى نشاط اختصت فيه الشابة آزر بكوش قالت أنه ورثته عن والدها الذي كان معروفا ايضا بصناعة الآلات الموسيقية التقليدية وترك ورشة وحرصت كل العائلة على مواصلة المحافظة على هذه الحرفة واعتبرت آزر أن الإشكال الذي تواجهه يتمثل في مخلفات الكورونا والخوف من رجوعها بقوة مما قد يعطل نشاطها من جديد ، واضافت الحرفية وحيدة العماري أنها تعلمت التزويق على عدة محامل كهواية حتى اختصت في ذلك عصامية التكوين وتنشط في إطار مشروع صغير بتمويلات محدودة ودعت السلط المعنية بدعمها حتى يكبر مشروعها وتتمكن من توسيع مجالات نشاطها ، مجال الإكسسوارات التقليدية يلاقي بدوره إقبالا كبيرا من العديد من الفتيات والنساء وهو نشاط تمارسه السيدة نادية الرايس منذ سنوات قالت انها تمارس هذه الحرفة يدويا إلى جانب حرصها على إنجاز إبتكارات أخرى مؤكّدة أن أسعار المواد الأولية تضاعفت ثلاثة مرات وأن العديد إستغلوا وضعية "الكورونا" للكسب السريع مضيفة بالقول" لولا حبي الشديد لهذا النشاط لانقطعت عنه ".