الأربعاء 13 أغسطس 2025 10:07 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

الفنون

طبيب عيون شهير يروي تفاصيل لقاءاته مع ”موسيقار الأجيال” محمد عبد الوهاب

إهداء من موسيقار الأجيال للدكتور عبد العليم محمود
إهداء من موسيقار الأجيال للدكتور عبد العليم محمود

كشف الاستاذ الدكتور عبد العليم محمود استشاري أول طب العيون وعضو اتحاد كتاب مصر القناع عن عدد من فصول كتابه القادم والذي يحمل اسم " أنا ونجوم الفن"، والذى يروي فيه علاقاته بالفنانين والفنانات من نجوم مصر والوطن العربي الذين التقاهم وتعاون معهم خلال الخمسون عاماً الماضية ما بين السعودية وباريس وأمريكا والقاهرة،

وكتب الدكتور عبد العليم محمود عن أول لقاء له مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب يقول:

" الأستاذ الموسيقار الفنان المطرب، مطرب كل العرب بل مطرب الملوك والأمراء الفنان الكبير محمد عبد الوهاب تعرفت عليه أول مرة وذلك بأحد صالونات فندق انتركونتنتال باريس بالعاصمة الفرنسية عام 1983 وكنا جميعا مجموعة مختلفة المشارب فالأستاذ محمد عبد الوهاب وزوجته الفاضلة الأستاذة نهله القدسي مع الفنان الراحل اللبناني محمد سلمان والمذيع القدير والذى كنا نستمع إليه بصوته الجهوري في التقديم لخطب زعيمنا وزعيم الأمه العربية والذي كان متلازما مع الرئيس والزعيم والحبيب جمال عبد الناصر في قمة المد الثوري للقومية العربية آنذاك المذيع الرائد جلال معوض وهو أيضا مذيع حفلات الراحلة العظيمة السيدة أم كلثوم الذي يقدمها في كل الحفلات ، كذلك ثلة من الشعراء والصحفيين الذين كانوا يعيشون في باريس في ذلك الوقت وكذلك الفنان محمد ثروت، كنا جميعا في صحبة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد العزيز بعضنا كان بصحبة سموه والبعض الآخر كان ضيفا عليه، وكان المكان دائما يضج بالزوار من مختلف الجنسيات سواء العربية أو الإسلامية والأجنبية أيضا، فقد كان الراحل العظيم سمو الأمير بدر شغوفا بالثقافة والفن وكان يقضي أوقاتا كبيرة بالقاهرة ويدعو فناني مصر في ضيافته، وأذكر أيضا أن أخيه الراحل سمو الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير مكه المكرمة كان رئيسا لجمعية أحباء عبد الحليم حافظ رحم الله الجميع رحمة واسعة حيث توفاه الله منذ عدة سنوات وتوفي الله سمو الأمير بدر منذ عدة أشهر وقد نعيته في الصحافة المصرية، حقا أعتز به جيدا وكنت أتوق لرؤيته ولكن لم تسعفني الظروف، لذلك أعود لموضوعنا الأساسي وهو قصتي مع الراحل العظيم الفنان محمد بك عبد الوهاب فقد كان يشكو من قصر نظر شديد بعينيه وكان هذا ظاهرا في النظارات السميكة التي كان يرتديها ، المهم أن سمو الأمير بدر الذى كنت مرافقا لسموه طلب مني الكشف علي الموسيقار وقد تم ذلك ووجدت أن إحدي عينيه أضعف كثيرا من الأخري وقد طلبت أن أجري أشعه علي الجمجمة ووجدت بها آثار جلطة بالمخ وسألت الأستاذ الذى أفاد بإصابته بنوع من حالة عدم توازن وسقط علي الأرض وبالكشف عليه وجدت حالة من النزيف البسيط بالمخ والذي انتهي بنوع من التليف في منطقة النزيف وكان أن تم الاتفاق علي أن أذهب بالأشعة إلي هيوستن بأمريكا لعرض الأمر والكشف وغيره علي احد المراكز الطبية هناك، حيث كان يعالج أحد أصدقاء الأمير هناك من قبل وتمت الزيارة بعد الحجز لي هناك بالأوراق المطلوبة وبعد المداولات بيني وبينهم وعدت بسلامة الله إلي باريس واستمرت بعد عودتنا للقاهرة ، فقد كنت أزوره بمنزله في الزمالك علي النيل للكشف عليه وقد حدثت مناقشة بيني وبينه حيث نظر الي الناحية الأخري من النيل وقال لي: هل تلاحظ مرور سيارة النقل هناك وبالفعل كانت تمر هناك سيارة نقل فتعجبت جدا رؤية السيارة هناك لعلمي بمقدار قصر النظر الذى كان يعاني منه ، وعندما تسألوني عن تمسكه بالنظافة لحد الهوس أقول بالفعل كانت له طقوس قبل الأكل فقد كان يغسل يديه عدة مرات بالماء والصابون ثم توضع علي منضدة الأكل فوطتان صغيرتان أحداهما علي يمينه والأخري علي يساره وكانت كل منهما بيضاء اللون وبجوار كل منهما الشوكه والسكينه وفي المنتصف طبقان صغيران بهما قطعة صغيرة من الجبن الكاشكابان وزيتونتين اثننتين أسودتين لا ثالث لهما وكوب ما صغير وقطعة من الخبز المحمص وكانت له قدرة علي قطع الزيتون والتخلص من البذرة بأقل مجهود، الغريب أنه لا يستخدم هذه الفوط فلماذا وضعهما هكذا، ، وبعد الأكل يأخذ رشفة من الماء ويقوم ليغسل يديه اللتان لم يمسهما الأكل ، بعد ذلك يدخل إلي غرفته ليصلي ركعتين بعد أن يتوضأ ثم يطلبني إلي داخل غرفته ، الغرفة الخاصة به تبدأ من صالة الطعام وخلال ممر طويل أجد في نهايته باب الطرقة من الناحية اليمني وفي مقابل الباب من الخارج صورة والده الكبيرة المعلقة في مواجهة الباب وهو يرتدي الملابس الأزهرية والعمامة من الأزهر أيضا ، غرفة نوم الموسيقار متوسطة حوالي 4م في 4 م ، علي الجانب الأيسر تجد سريرا كبيرا يستند بظهره إلي الجدار الموازي لنهر النيل ومثبت بهذا الجدار وأعلي رأس النائم صورة كبيرة للوالدة الراحلة أم الموسيقار وهي سيدة ريفيه أنجبت الراحل العظيم ، والصورة موازية تماما لصورة والده التي بالخارج، يطلب مني الأستاذ التفضل بالجلوس علي أحد المقاعد ويجلس هو علي حافة السرير ويمسك بيديه مصحفا متوسطا وبداخله صورة للراحلة والدته وبعد أن ينتهي من قراءة جزء من القرآن يضع الصورة ثانية في المصحف وأبدأ أنا في الكشف عليه وبعد الانتهاء من ذلك أشير عليه بأي جديد أو أضع له القطرات في عيونه ويصر هو علي أن يمسح عيونه بقماش أبيض معطر دافئ ويمسح ويجفف وجهه بقماش آخر من نفس النوعية الأولي ثم يودعني محببا من أمام باب غرفته بحفاوة ما بعدها حفاوة ويبدأ في النوم بعد ذلك ، بعد أن يستدعي الكاميريره هناء لتغطيه وتغلق النور وتغلق الباب بعد ذلك وفي الأسانسير الملحق بهذا المبني كثيرا ما قابلت أحد وزراء العدل السابقين الذى يسألني عن حالة الأستاذ ويطلب مني توصيل التحية له.

ويروي الدكتور عبد العليم محمود قصة استماعه لأول لحن لأغنية "أسألك الرحيل" من موسيقار الأجيال، حيث يقول:

" كنا في معية صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد العزيز رحمه الله نتناول طعام الغذاء في مطعم "لوكوك" أي مطعم الديك بالفرنسية

كانت الجلسة ممتعة للغاية وتسامرنا وضحكنا وتبادلنا أحاديث شتي وترك لنا سموه الفرصة كاملة للحديث كل عن ذكرياته حقا فلقد كان سموه عطوفا مضيافا رفيقا بالجميع وكان يجلس إلي جواره الموسيقار الراحل العظيم موسيقار الأجيال الأستاذ محمد عبد الوهاب وكان يرتدي كوفيه أنيقة حمراء اللون خوفا من إصابته بالبرد مع أن الجو كان مكيفا ودافئا وكان الملاحظ أنه يغطي أنفه بهذه الكوفية الأنيقة وعند تناول الغذاء كان يبعدها عن أنفه وفمه،

وكان يجلس علي الجانب الأيمن لسموه الممثل اللبناني العزيز الراحل محمد سلمان وكان لظرفه وظرافته ونكاته فك التحفظ لوجود سمو الأمير

وكان مجلسي أمام سمو الأمير وبجانبي الراحل العزيز الإذاعي العظيم الأستاذ جلال معوض والذى كان يمهد لخطب الزعيم الراحل الرئيس جمال عبد الناصر وكذلك الراحلة العظيمة السيدة أم كلثوم كوكب الشرق في أوج تألقها

أذكر وأتذكر هؤلاء فقط لأنها كانت جلسة مقتصرة حيث كانت رغبة سموه أن تكون هكذا المهم أنه كانت هناك إشارة من سمو الأمير للأستاذ جلال معوض بشئ ما والذى مال علي أذني وهمس لي وأسر لي بأن أسأل الأستاذ محمد عبد الوهاب عن آخر مؤلفاته بل وآخر أغانيه

بالفعل سألت الموسيقار فتمهل وبانت وظهرت علي أساريره علامات الترقب والسكون والسكوت وكانت هذه عادته قبل أن ينطق بأي كلمة قد تحسب عليه ، كان محافظا بالفطرة ثم نظر إلي سمو الأمير وكأنه كان يعرف أن هذه كانت رغبة الأمير في سماع رأيه ثم تبسم وضحك ضحكة خفيفة وقال لي بالفعل عند أغنية وقد لحنتها فعلا وأطلقت عليها "أسألك الرحيل" وستغنيها المطربة الكبيرة نجاة الصغيرة عند وصولي للقاهرة وكنت وهي نتبادل الغناء سويا من هنا من باريس ، فصفقنا جميعا طالبين منه الغناء فنظر الأستاذ إلي سمو الأمير الذى رحب جدا وابتسم طالبا من الأستاذ أن يبدأ في الغناء وطالبا منا الهدوء والمتابعة وجلسنا وهدأنا وكأن علي رؤوسنا الطير وانطلق الأستاذ إلي الكلام بعد أن مهد له الأستاذ جلال معوض بديباجته المشهورة : أيها الأخوة المواطنون ها قد انفتح الستار عن الأستاذ الموسيقار موسيقار الأجيال الأستاذ محمد عبد الوهاب عن أغنيته الرائعة أسألك الرحيل"

قال الأستاذ أرجوكم وبعد أذن سمو الأمير أن تتكتموا أمر هذه الأغنية أو حتي أي كلمة عنها، لأنها حتي الآن في طي الكتمان وأنها أعز أغنية عندي ولها وضع خاص في قلبي " وانطلق يغني وكنا نستمع له بمنتهي الحب والتقدير وننظر إلي سمو الأمير أخونا الأكبر ووالدنا الذى كنا نكن له كل الاحترام والمحبة وبعد أن فرغ الأستاذ محمد عبد الوهاب من الأغنية كنت أو كنا لست أدري نتساءل بين أنفسنا عن اهتمام الأستاذ بهذه الأغنية وفحواها بل ومحتواها وكذلك معناها " أسألك الرحيل" وفي هذا الوقت بالذات ، وهل كان الأستاذ يعني شيئا بمعني "الرحيل" حقا نظرنا لبعضنا البعض وترقرقت الدموع في أعيننا ونظرنا إلي الأمير فوجدنا هذه الدموع أيضا مترقرقة في أعين الأمير.

وبعد الأغنية انطلقنا جميعا في التصفيق الحاد حتي انتبه إلينا رواد المطعم من فرنسيين ولبنانيين وانطلقوا للاقتراب منا ومشاركتنا فرحنا ولكن هيهات فقد أبي الأستاذ محمد عبد الوهاب ان يغني مرة أخري والشئ الغريب الذى لاحظناه عند عودتنا إلي الفندق "انتركونتننتال باريس" أنه لم يحضر للتسامر معنا هذه الليلة واعتذرت حرمه السيدة نهله القدسي لغيابه

حقا فلقد كنا نتوجس بشئ ما قد يحدث للموسيقار وأنه تنبأ برحيله فغني هذه الأغنية

لم يدم انتظارنا طويلا ففي نفس العام انتقل الأستاذ إلي بارئه رحمه الله رحمة واسعة

الدكتور عبد العليم محمود مع الأمير بدر بن عبد العزيز

الدكتور عبد العليم محمود مع الأمير بدر بن عبد العزيز

إهداء من موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب إلي الأخ العزيز الدكتور عبد العليم ، مع منتهي شكري وتقديري لمواهبه الطبية الرفيعة

الموسيقار محمد عبد الوهاب

نجاة

موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب السعودية الدكتور عبد العليم محمود أغنية أسألك الرحيل نجاة الصغيرة