الكاتب السعودي رياض الفريجي: حكاية مكسور خافت آفل


عندما تراه اتجه للوحدة و انجذب للعزلة فلا تتهمه بالجنون أو الحالة النفسية الغريبة , تأكد أن معه عذره الذي تجهله .. إنه يحب الليل , وحديث النفس .. تعوّد على الفقد و الألم والوجع الذي حاول جاهداً أن يكتمه لكنه هذه المرة انفجر ، فابتعد عن الكل !
تقترب منه فلا تستطيع الغوص في أعماقه ولا تتعرف عن حقيقته مهما حاولت !! يؤثر فيه مقطع يوتيوب بسيط يحكي مشهد حزيناً أو يحوي لقطة لطفل يبكي أو مشرد تائه .. وعندما تسأله لماذا نزلت دمعتك ؟ لا يملك جواباً لأنه فعلاً لا يعرف السبب ..و أنت ترى ذلك شيئاً تافهاً !! أو تصرفاً غبياً !!
شاهدته يعزف مقطوعة الحزن في صوتيات جواله لئلا يراه أحد تارة يسجلها صوتاً بمقام الصبا , وأخرى بمقام الحجاز , و ثالثة دون صوت نصاً في صفحات المذكرات ..
اتهموه بأن تفكيره بالي و دماغه "ناشف" ، يحزن فجأة ويتغير مزاجه بكلمة يحاول التخلص من ذلك فلا يستطيع ! في أغلب أحواله صامت ، يختلق الأعذار ، يكرر الخطأ أكثر من مرة , ويمنح ثقته دائماً لبني البشر رغم يقينه من أنه سيخدع !!
يمتطي صهوة سيارته ويقطع بها طرق مدينته ذهاباً واياباً مسرحاً الطرف متوقفاً عند أحد المقاهي و مرة أخرى عن أحد الحدائق يتأمل المتنزهين و يحاور السحاب فيدعو له كل من يراه بأن يشفيه الله ، و حينما تمطر السماء لايملك إلا أن يخرج للهواء الطلق ليصيبه من قطراته فيشعر بانتعاش و سعادة ..
أمنياته طامحة منسية لم تتحقق .. وجعه مؤلم مكتوم لا ينطق .. أحلامه وردية تحطمت و أصابها الحرق ..
يكتب رسائل الواتس اب فلا يرسلها .. يستيقظ في الصباح فيمحوها كلها و يستغرب انه كتبها البارحة ! لايعرف أن يدافع عن نفسه ولايبرر أفعاله !
صديق الجميع لكن لا صديق له ! لا يقدر على إيلام أحد .. مسالم حتى تجرأ عليه البعض بالاعتداء !!
يحب بصدق ,بعمق، بل بسذاجة واندفاع فيهب كل مشاعره دفعة واحدة، ثم يتركه المحبوب دون سبب ! يشعر بالخذلان و الغدر ..
يفهم الجميع ولا أحد يفهمه ، يحتضن الكل ولا أحد يحتضنه ، يخفي حزنه بابتسامة ...
و يقوم مجدداً ليتحمل الضربات القاسية ..