السبت 23 أغسطس 2025 09:15 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. محمود أبوعميرة يكتب: كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة 

د. محمود أبوعميرة
د. محمود أبوعميرة

أرسل لى أحد أصدقاء الفيس فيديو عبر الماسنجر يروى موقفا غاية في الجمال و الروعة لصحابي جليل اسمه أبو الدحداح، ولجمال ما سمعت فقد آثرت أن أجعلها فكرة لمقال جديد استلهم منها العبرة والدرس، وأقدمها للقارئ حتى تعم الفائدة إن شاء الله
يقول الراوى: ذات يوم دخل شاب يتيم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو له قائلا: كنت أقوم بعمل سور لداري فقطعت نخله لجاري، فطلبت منه أن يتركها لي فرفض، فعرضت عليه أن أشتريها منه، فرفض أيضا، فأمر صلى الله عليه وسلم أن يحضروا له الجار فطلب منه أن يترك النخلة للشاب اليتيم، فرفض الرجل، فطلب منه أن يبيعها له فرفض أيضا، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: بع له النخلة، ولك بها نخلة في. الجنة، يسير الراكب في ظلها مائة عام، فتعجب الصحابة رضوان الله عليهم من العرض، وما الذي تساويه نخلة في الدنيا بنعيم الجنة، وهنا رق قلب أبي الدحداح لطلب الرسول الكريم، وسارع بالفوز بما عند الله وما عند الله خير، وأبقى، فقال أبو الدحداح: يا رسول الله إن اشتريت تلك النخلة وأعطيتها للشاب اليتيم يكون لي بها نخلة في الجنة؟ فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: نعم. فقال أبو الدحداح للجار: يا هذا أتعرف بستاني؟ ، قال: نعم ومن في المدينة لا يعرف بستان أبي الدحداح، فقال: بع لي نخلتك مقابل بستاني وقصري وبئري فنظر الرجل غير مصدق. لما سمعه، فوافق، وطلب شهادة الرسول عليه الصلاة والسلام على البيع، وبعد أن تم البيع نادى أبو الدحداح على اليتيم، وقال: خذ هذه النخلة لك فأخذها، ثم نظر أبو الدحداح. مستبشرا إلى وجه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: ألي نخلة في الجنة فقال الرسول له: لا فغضب أبو الدحداح، وقال: لماذا؟ فقال النبي الكريم :يا أبا الدحداح، الله عرض نخلة في الجنة مقابل نخلة في الدنيا، وأنت زايدت على كرم الله ببستانك كله، ورد الله على كرمك وهو الكريم بأن جعل لك في الجنة بساتين من نخل، أعجز عن عدها من كثرتها، ثم قال صلى الله عليه وسلم : كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة .. والعذق الرداح هي النخلة المثقلة من كثرة التمر عليها وظل النبي يكرر جملته أكثر من مرة لدرجة أن الصحابة الكرام تعجبت من كثرة ما لأبي الدحداح في الجنة، وعندها تمنى كل واحد منهم أن يكون مكان أبي الدحداح، وبنظرة تأملية إلى موقف الصحابي الجليل، نجد أنه أعطى كل ما يملك طلبا فيما عند الله، وطلبا لرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتضح أيضا من الحديث مكانة وحب الرسول لليتيم، وحثه وبشكل ملح على قضاء حاجته، وإعطائه حتى يرضى، ولنا أيضا أن نتساءل: ما الذي يجعل شخصا يرفض أن يعطي مما عنده ولو جزءا بسيطا ليدخره في الآخرة لنفسه؟ وما الذي يجعل شخصا آخر يعطى بلا حدود بل يضحي بكل ما لديه في الدنيا طمعا فيما عند الله في الآخرة ، والإجابة تكمن في أن كلا منا له درجة في القرب من الله، والإقبال عليه، ولا يساوى إيمان شخص وقناعاته بإيمان شخص آخر وقناعاته، وكما نعلم فالإيمان يزداد وينقص، لكن الحقيقة التى لا مراء فيها أن الدنيا وما عليها إلى زوال وأن الآخرة فقط هي دار القرار كما. أنه لا توجد سعادة كاملة إلا في الجنة، و درجة الحساسية بالقرب من الله أو إنعدامها هي التي تجعل شخصا لا يفرق بين الحرام والحلال، وتجعل آخر لا يمكن أن تقبل نفسه الحرام؛ لأنه لا يرى إلا الله أمامه في كل شيء .. كما أن الدنيا لا تساوي أن تحزن من مشاكلها وهمومها .. إن قمة الروعة والشعور بالسعادة عندما تعطي كي تسعد الآخرين وهذه السعادة، والإحساس بها لا يستطيع أن يعرف طعمها إلا من أعطى دون أن ينتظر أجرا إلا من الله، وحرى بنا ونحن نستلهم العبر من قصة ابي الدحداح وعطائه الكبير أن نبحث في الأيام المعدودات هذه عن اليتيم والمسكين والجار الذي يعانى مع أبنائه، وصغاره لا يجد لقمة العيش يعانى ظروف وأهوال الحياة التى لا يستطيع الوفاء بمتطلباتها الشاقة له، ولأبنائه حرى بمن أعطاه الله من فضله وبركته أن يسعد هؤلاء الفقراء والمحتاجين .. يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: إن خير ما يصنعه المرء سرور يدخله على الناس، فلنقدم لأنفسنا في الآخرة التى هى دار القرار قبل أن نزول وتزول الدنيا ومن عليها، وقبل أن يأتي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ..
كل عام وأنتم بخير وفضل وبركة و إلى الله أقرب

 أبو الدحداح