الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 03:38 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. محمود ابوعميرة يكتب : دولة التلاوة… صوت يُعيد للأمة بهاء القرآن ومجد قرّائه.

النهار نيوز


في زمن تشتد فيه الحاجة إلى ما يوقظ الروح، ويستنهض الوجدان، ويعيد للقلوب إشراقها وللأمم أصالتها، يسطع في سماء مصر برنامج فريد يُعدّ بحق حدثًا استثنائيًا في تاريخ التلاوة، هو برنامج "دولة التلاوة"؛ هذا المشروع الإعلامي الضخم الذي جاء ليجمع أصواتًا من نور، ويصنع جيلًا جديدًا من القرّاء يتصلون بسلسلة ذهبية تمتد من المدرسة المصرية العريقة إلى حاضرٍ مُشرق ومستقبلٍ أكثر إشراقًا.
إنّه برنامج يليق بمصر ومكانتها التاريخية مع القران الكريم وتلاوته… تلك البلد الذي خرج منه صوت لا يشبه أي صوت، بلد الشيخ محمد رفعت الذي بكَت له المآذن، والشيخ مصطفى إسماعيل الذي حيّر أرباب المقامات، والشيخ عبدالباسط الذي فتح للقرآن أبواب العالم، والشيخ الحصري الذي صار قاعدة التجويد ومنهجه، والشيخ المنشاوي الذي يوقظ القلوب الميتة بتلاوته الجميلة، وغيرهم من قمم التلاوة التي صارت مصر بهم دولةً للتجويد قبل أن يصبح التجويد علمًا، ودولة للصوت قبل أن تُولد المسابقات.


واليوم، يُطل هذا البرنامج العظيم عبر قنوات: CBC – الحياة – الناس – مصر قرآن كريم ليقدم اضخم مسابقة قرآنية في تاريخ البلاد، بالتعاون بين وزارة الأوقاف والشركة المتحدة. بشعار لافت، مؤثر، حيّ الدلالة: "دولة التلاوة… صوت في كل مكان"
شعارٌ يكاد يُلخّص رؤية البرنامج: في أن يكون صوت القرآن حاضرًا في البيوت، والمدارس، والميادين، والفضائيات، فيسمعه الطفل فينشأ على النور، ويسمعه الانسان في كل مكان فيرتوي من المعاني، ويجد فيه سكينة القلب وجمال الروح.
حين يعلو صوت القرآن في إعلامٍ يزدحم بالضوضاء والمشتتات، يصبح "دولة التلاوة" سفير الرحمة والسكينة. فالمجتمع الذي يُسمع فيه القرآن كثيرًا، هو مجتمع تقل فيه القسوة، وتسمو فيه الأخلاق، ويقترب الناس فيه من قيم الجمال والإيمان.
برنامج دولة التلاوة لا يقدم أصواتًا جميلة فقط، بل يقدّم قدوةً وسلوكًا وأدبًا قرآنيًا، المتسابق الذي يقف على المسرح، يعرض قبل صوته احترامه، خُلُقه، هيبته، أدبه، وهو بهذا يزرع في المجتمع رقي المعاني التي مؤداها أن القارئ ليس صانع صوت فقط، بل حامل رسالة.
واليوم وبعد انطلاق البرنامج على العديد من الفضائيات صار كثير من الأسر المصرية والعربية تجتمع حول التلفاز لتستمع إلى التلاوات، فتتذوق المقامات، وتتابع الأصوات الصاعدة، وهكذا عاد القرآن ليكون مركز لأوقات الاسرة المثمرة والمفيدة.
وهكذا عاد النموذج الجميل للطفل بعد تألق برنامج "دولة التلاوة" في الظهور فقدّم للطفل قدوة تشبهه: من خلال طفل مثله، يرتل القرآن، يُكرِّمه الناس، يحترمه الإعلام، تُصفّق له الجماهير، إنها رسالة تقول للطفل: طريق النجومية الافضل والاعلى مقاما في كتاب الله.
فحين يرى الصغير أقرانه على الشاشات، يجتهد ليحفظ، ويستقيم لسانه بالتجويد، ويتعلم الانضباط، ويقترب من المساجد. وهذا أعظم أثر تربوي يمكن أن يُقدّم للأجيال.

فالأسرة التي يجتمع أفرادها حول القرآن هي أسرةٌ مرتبطة بالله، مترابطة فيما بينها، يتزايد فيها الودّ، وتتحسن فيها العلاقات، وهذه الأسر تُنشئ أبناءً أقوياء، ثابتين، متوازنين، ولطالما كانت الأسرة المصرية تفتخر بأن فيها "قارئًا" يقرأ في المناسبات، أو طفلًا يحفظ، أو شابًا يتلو، واليوم يعود هذا المجد من جديد عبر منصة إعلامية ترفع من قيمة القران والقراء.
كما ان المستمع العادي يجد نفسه أمام أصوات قرآنية تُعيده إلى مدرسة العمالقة، وتفتح له أبواب التذوق الفني والنفسي لمعاني القرآن، فكل تلاوة تُسمع في هذا البرنامج، هي رسالة إلى العالم بأن مصر ما زالت وستبقى رائدة مدرسة التلاوة.
نعم لم يحظ القارئ المصري منذ عقود بمنصة إعلامية بهذا الحجم، واليوم صار الطفل و الشاب الذي يتلو في البرنامج مشاهدًا من ملايين الناس في مصر والعالم العربي.
أن ما اعلنه البرنامج من جوائز من خلال منحه جائزة مليون جنيه للتجويد ومليون للترتيل، ليس مجرد تشجيع، بل رسالة تقول: ان الصوت القرآني ثروة… والقارئ قيمةٌ لا تُقدّر بثمن، فيما يعد قيام البرنامج بتسجيل مصحف بصوت الفائزين خطوة تاريخية تعطي القارئ فرصة ليضع بصمته في سجل الخلود القرآني، ويكتب اسمه بين الكبار، وتصبح تلاوته مرجعًا للأجيال.
وتفعيلا للدور الرائد برنامج دولة التلاوة تسافر اللجنة القائمة عليه كل ارجاء مصر لتبحث وتنتقي، وكأنها تعيد ما كانت تفعله الإذاعة المصرية في زمن النفائس، فتبحث عن الموهبة التي ترفع اسم مصر عاليًا في سماء التلاوة.
سادسًا: كيف يعيد البرنامج مصر إلى مكانتها القرآنية في العالم؟
فمنذ بداية القرن الماضي، كانت مصر عاصمة التلاوة، بلا منازع، لكن مع غياب المنصات الكبرى، وتراجع الدعم للفنون الصوتية الدينية، ضعُف حضور القراء الجدد، أما اليوم، فإن برنامج "دولة التلاوة" يعيد لمصر ما تستحقه من مكانة عظيمة في هذا الاطار.
نعم لقد كانت مصر وستظل مدرسة فريدة، تصنع الصوت القرآني وتعلمه للعالم.
البرنامج يؤكد هذا الدور، ويمدّه إلى المستقبل، وسوف تكون قادة على استعادة دورها الريادي كمنبع لعلم التجويد والترتيل والاصوات المبهرة التي تعكس روعة الانسان الحقيقية.
أن القارئ المصري ليس مجرد قارئ، بل هو مدرسة قائمة بذاتها، وبرنامج دولة التلاوة ان شاء سوف يصنع جيلاً جديدًا من هؤلاء العمالقة ويعيد الى اذهان العالم المقامات الصوتية المصرية، والأداء الوجداني، والإحساس، والمدرسة الخاشعة، وكلها عناصر يعيدها البرنامج إلى الواجهة ان شاء الله.

إن "دولة التلاوة" ليس مجرد مسابقة، ولا مجرد برنامج، إنه مشروع لإحياء البشر من باب القرآن، وبناء جيل جديد من حملة النور، وصناعة أصوات تستطيع أن ترفع راية مصر في المحافل القرآنية العالمية.
إنه برنامج يعيد للنفس أجمل ما يمنحها الروعة وهو روح القرآن الكريم، كما يعيد لمصر ما تستحقه من ريادة على مستوى الصوت القرآني، ويمنح للمجتمع كله ما يحتاجه من سكينة، وجمال، وقرب إلى الله، إنه رسالة تُكتب بحروف من نور: فمن رفع صوت القرآن… رفع الله ذكره، ورفع به وطنه.
نعم ستبقى مصر معلمة وملهمة ورائدة في كل مجالات الحياة وعلى مستوى كل العلوم والوان المعرفة، كما ستبقى بأصواتها، ومدارسها، وأجيالها القادمة عبر برنامج دولة التلاوة .. صوت القرآن في كل مكان.

دولة التلاوة مصر