الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب : ”كمنجتي” …تعزف الحبَ وتنزف الأحزان


(.كلما غمست الغربة أظفارها في جسدي المنهك كما يغمس الوجع في محبرة الأنين ،ليوشم في الروح مفردات الالم،أعانق كمنجتي و أنظر إلى صورهم،فتنهمر سيول الأنغام الحزينة من عيني وتغرق معها ايامي،فتسبح اطيافهم وجع في دمائي حتى ان حياتي اصبحت في بعدهم شمس فيه الشحوب وترتدي جلباب الغروب ، تسحب خلفها أشعة ثيابها البراقة ، و تلّوح بكف قرصها للوداع.
(. فمن غير "الكمان"يعزفُ الحبَ،وينزفُ الأحزان،ولو كان بالإمكان من دمع الكمان أن أُقاسم الوتر أحزاني،وأحضن الوطن بالأحضان ما ترددت لحظة،لقد قررت الا أتوقف عن العزف على"الكمان"حتى اجعل ُقلبَ الأمل الواقفِ في بابِ الدمعةِ حرفَ نداءٍ يرثينا في لحظات ِالصمت ِالصوفيّ.
(. اعزف على اوتاره أنغاماً منتحبة تتطهّر فيها كلمات العشق كما يتطهّرُ قلب ُالغيمة ِمن الماء الآسِنٌ،فالعزف على الكمانِ يبحر بنا عبر أوتاره الي عالم الأحاسيس الدافئة كي يعبر عن أفراحنا وأحزاننا وماضينا ومستقبلنا من خلال المقامات العربية والشرقية والأندلسية بمسمياتها المختلفة فما بين الصبا والبياتي والكرد الحجاز الى الراست والنهاوند والنوا أثر والحجاز كار كرد والسيكاه والهزام مروراً بالمقامات الأندلسية .
(. ايها القوس الموجوع والوتر الشحي الحزين،في نفسي ظمأ لا يرويه إلا رؤية الأحبة ,وفي قلبي ظلمة لا ينورها إلا سراج وجههم وفي روحي جمر لا يطفئه إلا ضحكات قلوبهم وفي حياتي فراغ لايملأه إلا قربهم.
(. ها أنا اطلق قوسي وامنح كمنجتي حق البوح فتطالبني ان اعزف أنغاماً منتحبة تتطهّر فيها كلمات العشق كما يتطهّرُ قلب ُالغيمة ِمن الماء الآسِنٌ، فتبادلني الأوجاع نحيب أحزان ليل ِكصرخات جوعى أغانيهم انين يرقص ما بين الاوتار كراقص فوق جمرات النار .
(. عزفت حتى تألم"الكمان"ُكالمطرِ المرِّ على صدر ِالأمل المهزومِ وكالريح ِعلى اجساد العراه ،فقررت الا أتوقف عن العزف ،حتى اجعل ُقلبَ الأمل الواقفِ علىى بابِ الدمعةِ حرفَ نداءٍ يرثينا في لحظات ِالصمت ِالصوفيّ.
(. ما أروع هذا العزف َالنازف فوق عذاباتنا ِكقدّاس ِسكينتهِ البيضاء في نفوس ُالحيارة،وعلى بساط الحنين، حيث نتحول الي أرواح تسكن حروفا الذكريات، والتعليقات، والطرائف، والمواقف، والشوارع، والحارات تمرح وتسرح في اعماقنا، ابتسامة بريئة على الشفاة، وفي العيون بريق دموع، تحن لتلك الأيام التي تنادي، وتنهال من ذاكراتنا كما المطر.
(. فبها ومنها وإليها تذكرت كل المواقف… تذكرت كل الاحبة الذين فقدتهم في الرحلة… وكل ما كسبت أو اكتسبت وتعلقت عيناي بألوان طيف.