الثلاثاء 8 يوليو 2025 09:20 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

أدب وثقافة

رواية ” خيال الحقيقة” الجزء الأول ” عشق الأرواح ”

النهار نيوز
بقلم _ ذكرى أحمد
لم تكن تلك الليلة ذات البرد القارص من ليالي الشتاء الممطرة قادرة على ان تجعل مشاعر تلك الفتاة الجميلة ان تسكن وتتبلد بل جلعتها تشعر بالرغبة في الحركة الدائمة، فاخذت تتجول في ذلك المنزل الذي يبعد عن تلك المدينة الهادئة بعضة كيلومترات، وبعد لحظات من طوافها بجنبات المنزل جلست أمام المرآة التي تتوسط البهو الرئيسي لترى فتاة جميلة ذات عيون جذابة وملامح تبدوا وكأنها اوراق ورود بيضاء ناعمة ، غير ذلك فهي تتمع بحب كل من عرفها عن قرب فى محيط العمل وداخل الأسرة الكبيرة التي تحتويها .
راحت تنظر إلى وجهها الذي بدت عليه ملامح الملل والاكتئاب
بسبب تلك الأحداث والأيام التي أصبحت متشابهة وأحداثها المتكررة إلي أن داهمها النوم فقامت وذهب إلي حجرتها ثم خلدت إلي مضجعها الذي يتوسط دولاب الملابس ومنضدة صغيرة بجوارها كرسي قديم ،
ومذياع نوزماندي قديم ، ثم أخذت تتأمل حجرتها وكأنها تراها لأول مرة .
كانت متعبة مستلقية تختبىء
بين أحشاء مضجعها من البرودة القارصة محاولة الهروب من الحالة التي تشعر بها عن طريق النوم العميق ، وبعد ان تغلبت على يقظتها واستطاعت أن تغمض عيناها للحظات قليلة سيطر عليها شبح التفكير والحيرة، فاستيقظت دون أن تنعم بنومها آخر الليل ، وقبل طلوع الفجر سمعت همسا في أذنيها وإذا بنسيم الهواء يداعب أوراق الأشجار والزهور وكأنه يغازلهما .
ظلت تستمع لهمهمات الهواء وهي مبتسمة، بالرغم من شعورها ببعض القلق والضيق بسبب بعض الأصوات المخيفة التي تسمعها في غرفتها في تلك الليالي الباردة .
استيقظن وذهبت إلي المطبخ وأحضرت كوبا من الشراب الساخن ليساعدها على الدفء ، ثم عادت إلي فراشها متوحشة بشال من الصوف كي تشعر بالدفء ربما تستريح قليلا.
ظلت تستمع إلي الراديو
لكي تخرج من حالة الملل التي تعيشها ،وفجأة وهي مسترخية، شعرت بأشياء قد تبدو غريبة وكأنما أحد يراقبها،لكن الجميع نائم.

السهر ممتع ، والليل ساحر خاصة في ليالي الشتاء الهادئة .
لا ضجيج ولا أصوات إلا أصوات الهواء المنعشة الرقراقة خارج المنزل .
الناس نيام لا يوجد سوى صفير الظلام ، والجميع يرقد في صمت. لكنها اخذت تتذكر كل ما مضى من ذكريات مؤلمة مثلها كمثل الفتيات اللواتي انجرفن وراء قلوبهن ولم يعلمن مصيرهن ،
ظلت على هذا الحال كل يوم تستعيد ذكرياتها وهي
مندمجة في سماع إحدي حلقات المسلسلات الإذاعية،
كي تهرب من الواقع الحزين الذي تعيش فيه إلي خيال ترى فيه كل ما تتمناه ، وإذا بها تغمض عينيها لتغوص بين طيات الحلقة وتتخيل أنها البطلة ، فتسمع صوت يهمس في أذنيها ، قائلا أنت تبدين جميلة جدا ان وجهكِ صافٍ مثل وجوه الصغار ، يحمل في ملامحه الشفافه نقاء روحك وكأنها كأرواح الملائكة .

فزعت وفتحت عينيها في دهشة ملتفة بنظرها يمينا ويسارا داخل الغرفة لكنها لم تجد شيئا
فقالت في نفسها ، من الممكن أن يكون هذا خيالي المريض الذي دائما يجرفني معه إلي تخيلات المراهقة والحب العفوي
ولكنها عندما اغمضت ثانية ولكنها عندما اغمضت عيناها ثانية تكرر ذلك مرة أخري.
بدأ قلبها يرتعد خوفا ، واصبحت في حيرة ، هل تفتح عيناها أم تبقى عالقة بين الخيال والحقيقة ولكن عقلها لم يتوقف عن
التساؤل لا تعلم ماذا تفعل فهي قلقة جدا من هذا الأمر.
في اليوم الثاني حدث نفس الشيء الذي حدث في الليلة الماضية ، والخوف والقلق والحيرة باتت تنتابها، هل هو جن ام ملاك ام ماذا ؟
ظل هذا الصوت يهمس كل ليلة بكلمات تقشعر لها الأبدان ، تسمع تمتمة في أذنها وكأنها سحر يجعلها مقيدة التفكير
ملقاة الجسد وكأنها مكتوفة الأيدى ، بقلبا مضطربا دقاته تزداد ، و أنفاس ترتفع ، تنتابها
خوفا و قلق و توتر ، وعقل مشتت ، وأفكار مبعثرة ، كلها أشياء جعلتها تبقى في مكانها إلي أن ظهر بصيص الفجر،
في كل ليلة يأتي الهاجس بصوته الساحر وكلماته الغامضة،،
حتى جاءت الليلة الحاسمة وظهر لها رجلا وسيما أو شبيها للرجال ، ظهر واختفى ثم ظهر مرة أخرى، أحست برعشة في جسدها ، صوتها مختنق كل مرة تحاول أن تصرخ لكن لا جدوى،
كانت لديها تساؤلات كثيرة ولكن عندما تقابلت الأعين تلاشت كل الهواجس والتساؤلات، ولم يبقى سوى العشق الذي جعل من الخيال حقيقة فتقابلا بقبلة طالت بينهما كادت تختنق
حاولت أن تبتعد عنه و تسأله من يكون، فمد يده إليها وجذبها نحوه بلهفة وعمق ، وكأنه مشتاقا إليها منذ سنوات ثم قال لها أعلم ماذا تردين قوله ولكني لن ادعك تهربين مني ، وسأجعل كل شئ مر بحياتك ماضي لن يتكرر
أنت من حقي أنا ، وليس مهما أن تعرفي من أنا ، كل ما عليك معرفته هو أنني أشعر بأننى كالأرض التي لم ترتوي منذ زمنا ، ثم صمت قليلا.
بدأت تسأله من أنت ومن أين أتيت ؟
فجذبها إليه وأسكتها بقبلة ثم قال لها أنا ما بقي لك من الحياة . أنا من عاش دون قلب وأنت بعيدة عنه أنا ما مضى وما سيأتي،
انا كل ما تحلمى به وتتخيله من سعادة سأكون أنا حبيبك الأول والأخير فلقد ظللت كثيرا في أنتظارك
قالت بصوت مرتعش قلق متوتر مرتجف يوجد صراع في داخلي بالرفض لحبك ويوجد أيضا شعور رائع يجذبني إليك وأنت تتحدث معى !!
ثم شعرت بنسمة باردة لمست جبينها ففتحت عيناها وحدقت النظر في الغرفة فلا أحد موجود معها !!!
وما كان منها إلا أن واصلت النوم وأكملت تخيلاتها الوردية وأثناء هذه التخيلات أكملت حديثها الممتع معه .
لكنها فزعت وانزعجت ثم نهضت واقفة لن أدعك تتمكن مني .
رد عليها قائلا شئتي أم أبيتي
فأنت لي سوف ترى السعادة
بكل ألوانها ، وأنت بين ذراعي
ارجوك لا تستسلمي لليأس الذي قتلك وقتل كل جمال فيك دعيني أنفض عن قلبك الغبار حتى يعود كما كان فأنا لن أدع الأقدار تلعب معي نفس اللعبة مرة أخرى !
أليس حراما عليك أن تمنعي نفسك من السعادة التي خلقها الله لنا كيف لك ان تبقي هكذا تعيشين في الخيال فقط
لقد دمرتي حياتك بهذا الجفاء.
حبيبتي لا تقلقي من حبي فأنا أعلم أنك ترفضين حب الجسد والشهوة وحب التملك فأنا يكفينى أن تكوني معي بأحاسيسك ، وأبتسامتك الجميلة، هذا كل ما أريده يكفيني نظرة من نظراتك و لمسة من يداك الناعمتين .
قالت لا لن أحقق لك غرضك ولن تصل لهدفك هذا ، وفجأة انتفضت من مكانها ثم نظرت حولها فلم تجد أي تغيير في الغرفة .
لكنها سمعت صوت المربية تقول لها دقت الساعة السابعة ألا تذهبين إلي عملك ؟
تبسمت وقالت الحمد لله كان
حلما وهاجسا ، لن أسهر مرة آخرى ، لكنها تأثرت بعض الشئ وتمنت أن يأتي هذا الحلم مرة أخري بل مرات عديدة .
تحركت ببطئ شديد تلملم أغراضها وكأنها مجبرة على الخروج ثم ارتدت ملابسها ونزلت مسرعة ،وهي في طريقها إلي العمل اصطدمت بشخص مر بجانبها بأقصى سرعه،
أعتذر لها والتفت إليها قائلا:- سيدتي الجميلة تحياتي لك لقد تأخرت علي عملي ، وتركها في عجالة وهي مازالت واقفة مندهشة متجمدة لاتتحرك
واقفة في ذهول ، عقلها مسلوب ، عرقها ينساب علي جبينها وقلبها يدق وأنفاسها تعلوا
من هذا ؟
أنه يشبه من رأيته في خيالي !!
أخذت تراقبه ولكنه لم يلتفت إليها وأختفي عن انظارها بين المارة ،وهي مازالت تقف مكانها تائهة حائرة بين الحلم والحقيقة !
بعد قليل استفاقت من غيبوبتها لتجد نفسها ملقاة على الأرض والناس من حولها يحاولون إنعاشها .
رجعت إلي البيت لا تنطق وكأن احبالها الصوتية انقطعت.
دخلت إلي غرفتها واستلقت على مضجعها دوم وعي ، وداهمها نوم عميق جدا .
كانت تحاول أن ترى ذاك الرجل في منامها مرة أخري ، لكنها لم تستطيع رؤيته.
استيقظت في الصباح الباكر لتمارس حياتها الطبيعية ، لكن وهي في عملها شعرت بتعب شديد فذهبت إلي المستشفى الذي كان بمقربة من عملها ، وهنا حدث شئ لو أنه مخططا له ما كان تم تنفيذه بهذه الدقة، للمرة الثانية تقابلت مع ذاك الشخص الذي صدمها بالأمس !!
لكن هذه المرة وقف هو يتذكر أين رأها وتذكر أنه قابلها وهو في طريقه للعمل فألتفت إليها وهو مبتسم فوجدها تنظر إليه بدهشة وتأمل !!!
سألها لما تنظري إلي هكذا ؟
ردت قائلة في نفس الوقت الذي نطق هو أيضا في نفس واحد لقد رأيتك في أحلامي !!!
فتعجب كلا منهما من رد الفعل هذا وابتسم كلاهما للآخر !
بعد إنتهاء الفحص الطبي عليها طلب منها أن تنتظره حتى ينهي عمله ويخرج معها لكي يقص لها الحلم ، فأحمر وجهها خجلا وتركته على وعد منها أن يتقابلا إن شائت الأقدار.
رواية خيال الحقيقة الجزء الأول عشق الأرواح