الكاتبة المصرية رشا عبدالمنعم تكتب: الصورة الأخيرة

كانت رائحة الضياع تسكن أركان بيتها الذي كنت أدخله بقلب يؤمن بأن الحياة زائلة فأخاف أن أبادلها أنفاس سجائرها ، كانت تلح علي أن أمسك بين أصابعي الرقيقة سيجارة لتلتقط لي صورة المرأة الحديثة التي فقدت شرقيتها دفعة واحدة لتكتسح أسواق العمل تاركة أسواق الخضروات التي ماعادت النساء تتردد عليها لذا قرر مدير شركة الأغذية المجمدة أن يعقد صفقة القرن التي أطاحت بصحتنا حين اشترى كل الخضروات ليحولها من عناصر مفيدة إلى أخرى مسرطنة تصيب الأرحام بالعقم والرئة بالضيق والأمعاء بالإتساع حتى صرنا جميعا لنا هيئة واحدة لاهي مستطيلة ولا مربعة بل دوائر تلف حول نفسها متمركزة في ذات الإطار الذي اسكن في دمنا سرطان اليأس والإستسلام لحياة فارغة وجامعات تشبه المراحيض ومدارس تقوم بدور المستشفيات الحكومية التي تكتظ بالعديد من جرحى الحرب الفكرية هكذا كنت أرى في دخان سيجارتها حياتنا المتردية ،فرفضت أن أشاركها التدخين لكنها أصرت أن تصدره لي بطريقة غير مباشرة الدخان كان يملأ المكان وما كان علي سوى أن أشهقه وأزفره حتى شعرت بأن ملامحي تغيرت؛ لون الشفاة تبدل من لونه الوردي إلى بني داكن ومحيط العين يتسع ليطفئ لمعة السواد في النن وأحبالي الصوتية تفقد أنوثتها فقمت من مجلسها أنظر في المرآة كي تخبرني ماذا حدث فوجدت صورتي آخر سيجارة تحترق