أيمن سلامة : إستهداف جسر القرم و الأهداف مذدوجة الاستخدام في النزاعات المسلحة


الأهداف ذات الاستخدام المزدوج هي أعيان أو تقنيات أو منتجات لها تطبيقات مدنية وعسكرية، فعلى سبيل المثال ، يمكن استخدام الجسور لنقل المركبات المدنية أثناء السلم ، والعسكرية ثناء النزاع المسلح ،أيضا هناك العديد من الأعيان المدنية التي يمكن أن تخدم المجهود الحربي للدول الأطراف في النزاعات المسلحة مثل : محطات المياه ،و محطات القوي الكهربائية ،ومستودعات الوقود وغيرها .
يمكن استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج من قبل القوات العسكرية لأنها يمكن أن توفر ميزة استراتيجية للعدو، وعلى سبيل المثال ، يمكن استخدام مصنع مزدوج الاستخدام ينتج سلعًا مدنية لإنتاج أسلحة أو ذخيرة، وبالمثل ، يمكن استخدام محطة توليد الكهرباء ذات الاستخدام المزدوج لتوليد الكهرباء لكل من المنشآت المدنية والعسكرية.
يمكن أن يكون لاستهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج تأثير كبير على مسار النزاع المسلح، من خلال استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج ، فيمكن للقوات العسكرية تعطيل اقتصاد العدو ، وشل بنيته التحتية ، وإضعاف قدراته العسكرية ،وهذا يمكن أن يؤدي إلى نصر أسرع للقوات المهاجمة.
بالرغم من ذلك ، فإن استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج يمكن أن يكون له تأثير كبير على السكان المدنيين، فعندما يتم استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج ، قد يتم قتل المدنيين أو جرحهم ، وقد يتم تدمير البنية التحتية المدنية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى أزمة إنسانية ويمكن أن يضر بسمعة القوات المهاجمة
هناك أمثلة عديدة تذخر بها ممارسات الدول أثناء النزاعات المسلحة و التي زعمت فيها أنها استهدفت مثل هذه الأهداف مزدوجة الاستخدام . فقد قصف صواريخ كروز الأمريكية من البحر الأحمر مصنع الشفاء للأدوية في السودان أثناء حملة القصف التي قادتها الولايات المتحدة عام 1998، وزعمت الولايات المتحدة أن المصنع ينتج أسلحة كيماوية ، لكن المصنع كان يستخدم لإنتاج أدوية مدنية، وأسفر القصف عن مقتل سبعة مدنيين على الأقل وتدمير المصنع.
أيضا قامت القوات الأمريكية بتدمير شبكة الكهرباء العراقية خلال غزو العراق عام 2003،و كانت الشبكة الكهربائية من الأصول العراقية ذات الاستخدام المزدوج ، حيث كانت توفر الكهرباء لكل من المدنيين والمنشآت العسكرية، و تسبب تدمير الشبكة في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع ، مما كان له تأثير مدمر على السكان المدنيين.
قصف القوات الأمريكية في أفغانستان مستشفى أطباء بلا حدود في "قندوز" بأفغانستان في عام 2015،وكان المستشفى عبارة عن منشأة طبية تحمل علامات واضحة ، لكن القوات الأمريكية قصفتها ، مما أسفر عن مقتل 42 شخصًا ، من بينهم 14 من العاملين في المجال الطبي.
استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة عام 2014أثناء الحملة العدوانية الحربية "الجرف الصامد " العديد من الأهداف التي زعمت القوات الإسرائيلية أنها كانت ذات استخدام مزدوج ، مثل المكاتب الإعلامية والمدارس والمستشفيات، وأسفرت الهجمات المختلفة أثناء الحملة الإسرائيلية عن مقتل الألاف من المدنيين و المقاومين المسلحين الفلسطينيين .
يُعد استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج مسألة مثيرة للجدل ، حيث يمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، ومع ذلك ، من المهم ملاحظة أن استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج غير محظور بموجب القانون الدولي ، طالما أن المهاجم يتخذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
يُعد استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج مسألة مثيرة للجدل، حيث يجادل البعض بأنه من المبرر استهداف أهداف ذات استخدام مزدوج إذا كان ذلك ضروريًا لتحقيق هدف عسكري. وفي المقابل يجادل آخرون بأن استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج أمر خاطئ دائمًا ، لأنه قد يؤدي إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
نافل القول ، لا يحظر القانون الدولي للنزاع المسلح صراحةً استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج، ومع ذلك ، فإنه يتطلب أن تتخذ القوات العسكرية جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وقوع إصابات مفرطة في صفوف المدنيين عند استهداف أهداف ذات استخدام مزدوج، وهذا يعني أنه يجب على القوات العسكرية تقييم المخاطر التي يتعرض لها المدنيون قبل استهداف هدف ذي استخدام مزدوج ، ويجب ألا تستهدف الهدف إلا إذا كان من الواضح أن الميزة العسكرية تفوقها المخاطر التي يتعرض لها المدنيون.
صفوة القول : يعد استهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج قضية معقدة لا توجد إجابات سهلة لها، ومن المهم أن يقوم القائد العسكري و في حالات معينة القائد المدني (المسؤول السياسي ) موازنة العواقب الاستراتيجية والإنسانية لاستهداف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج قبل اتخاذ القرار.