أيمن سلامة : انضمام فنلندا للناتو ..... قضايا استراتيجية حاكمة

فور الإعلان عن انضمام فنلندا رسميًا إلى حلف شمال الأطلسي، أمس الثلاثاء، أكدت موسكو أن الاتحاد الروسي سيضطر إلى اتخاذ تدابير مضادة يكفلها القانون الدولي ، سواء ذات طبيعة عسكرية تقنية أو غيرها، من أجل وقف التهديدات لأمن روسيا القومي التي طرأت بانضمام هلسنكي إلى الناتو.

وأوضحت موسكو أنه نتيجة لمضاعفة خط التماس المباشر بين الناتو وحدود الاتحاد الروسي، فإن الوضع في منطقة شمال أوروبا تغير بشكل جذري، بعد أن ظلت فنلندا المجاورة لروسيا دولة محايدة لعقود طويلة .

يطرح الانضمام الفنلندي غير المفاجئ لحلف النيتو ، خاصة بعد الحرب الأوكرانية الروسية ، العديد من التساؤلات الهامة حول الباعث و المآل .

أولا : بخصوص نشر قواعد حلف الناتو في فنلندا

من المهم الإشارة إلي أن اتخاذ القرارات بشأن إنشاء قواعد الناتو ووضعها يتم بالاتفاق مع جميع الدول الأعضاء؛ لذلك ، لن تكون هناك قواعد لحلف شمال الأطلسي في فنلندا ، بشكل آلي ، ولم يقم الناتو بإنشاء قواعد جديدة منذ نهاية الحرب الباردة، ومع ذلك ، مع تصاعد التهديدات الروسية ، نشرت وحدات قتالية متعددة الجنسيات للرد السريع في أوروبا الشرقية .

ثانيا : بخصوص إمكانية حصول فنلندا على أسلحة نووية

لن يضع الناتو أسلحة نووية في فنلندا دون موافقة فنلندا حتى لو كانت هناك مثل هذه الموافقة ، فمن غير المؤكد ما إذا كانت فنلندا سترغب حتى في نشر أسلحة نووية بسبب قربها من الحدود الروسية. كما يحظر القانون الفنلندي حاليًا استيراد الأسلحة النووية ، وفي ذات الوقت توجد أسلحة الناتو النووية المتمركزة في أوربا ، في بلجيكا وهولندا وإيطاليا وألمانيا وتركيا. بالإضافة إلى ذلك ، تمتلك الدول الأوروبية فرنسا وبريطانيا أسلحتها النووية الخاصة.

ثالثا : الانفاق الدفاعي لفنلندا بعد الانضمام

وفقًا للتقديرات ، تبلغ حصة فنلندا من التكاليف الإدارية لحلف الناتو حوالي 55-60 مليون يورو سنويًا. بالإضافة إلى ذلك ، فإن هدف الناتو هو أن تنفق كل دولة من الدول الأعضاء ما لا يقل عن 2٪ من ناتجها القومي الإجمالي على الإنفاق الدفاعي.

رابعا : التجنيد الإجباري

لا يتم إرسال المجندين أو جنود الاحتياط للقتال خارج حدود فنلندا، كما في السابق ، على سبيل المثال في عمليات إدارة الأزمات ، يمكن الاستعانة بجنود الاحتياط المتطوعين بالإضافة إلى الجنود المحترفين ، ولا يتأثر التجنيد الإجباري بعضوية الناتو وحتى بصفتها عضوًا في الناتو ، فإن فنلندا مسؤولة بشكل أساسي عن الدفاع عن نفسها ، ولا يتخذ الناتو موقفًا بشأن كيفية إدارة دوله الأعضاء للدفاع.

سادسا : تأثير الانضمام علي طبيعة قوات الدفاع الفنلندية

إن تأثير عضوية الناتو على الأفراد النظاميين لقوات الدفاع في أوقات السلم ليس بالغ الأهمية: قوات الدفاع متوافقة بالفعل مع الناتو ، وأفرادها معتادون على العمل بالتعاون مع الناتو، كما شارك الفنلنديون بالفعل في عمليات مشتركة لإدارة الأزمات مع الناتو .

إذا تعرضت دولة من دول الناتو للهجوم بطريقة تؤدي إلى تفعيل المادة 5 من المعاهدة الأساسية للتحالف العسكري ، فمن المحتمل أن يشارك الجنود الفنلنديون في الدفاع عن الدولة بطريقة مختلفة عما كانوا سيفعلونه بدون عضوية فنلندا في الناتو ، كما يعتمد نوع المشاركة المتوقعة من فنلندا على الدولة العضو التي يتم الدفاع عنها. على سبيل المثال ، في الدفاع عن دول البلطيق ، من المحتمل أن تلعب فنلندا دورًا أكبر من تركيا على سبيل المثال.

سابعا : الحدود الفنلندية الروسية بعد الانضمام

لن تؤثر عضوية الناتو على تشغيل نقاط العبور الحدودية على الحدود بين فنلندا وروسيا. سيستمر إصدار اللوائح عبر الوطنية المتعلقة بمراقبة الحدود الفنلندية من الاتحاد الأوروبي ، وليس الناتو.

من السهل ملاحظة حقيقة أن الناتو لا يؤثر على تشغيل نقاط العبور الحدودية عندما تنظر إلى معبر Storskog النرويجي الحدودي في الشمال ومعبر Estonian Narva الحدودي في جنوب فنلندا.

إستونيا والنرويج دولتان في الناتو ، وفنلندا ليست كذلك ، ولكن مع ذلك ، تعمل نقاط العبور الحدودية لهذه الدول على الحدود مع روسيا وفقًا لقواعد شنغن المشتركة .

ثامنا : صناعة الدفاع الفنلندية

من المتوقع أن تحدث مردودات إيجابية لعضوية فنلندا في الناتو، حيث تروج العضوية لأعمال الصناعة الدفاعية مع دول الناتو ، ويعزز فرص الصناعة في تطوير المنتجات المختلفة ومشاريع الابتكار.

تاسعا :بحر البلطيق هل يصير "بحر الناتو"

على الرغم من انضمام فنلندا الآن إلى حلف الناتو ، فإن بحر البلطيق لن يصبح بعد البحر الداخلي لحلف الناتو ، وإذا انضمت السويد أيضًا ، فيمكن عندئذٍ تسمية بحر البلطيق "البحر الداخلي للناتو". ، وهذا لا يمنع روسيا من استخدام بحر البلطيق ، كما يسمح القانون البحري الدولي بذلك، ومع ذلك ، فإنه يضعف الإمكانات التشغيلية للأسطول الروسي في ظروف استثنائية في بحر البلطيق.

عاشرا : كيف تشارك فنلندا في الدفاع عن دول البلطيق كعضو في الناتو؟

كان الدفاع عن دول البلطيق وبولندا والنرويج صعبًا على الناتو لأن فنلندا والسويد تغيبتا عن جبهة الناتو، فمن شأن عضوية فنلندا وكذلك السويد أن توحد الدفاع، و عندما تنضم السويد أيضًا إلى حلف الناتو ، ستصبح السيطرة على بحر البلطيق سلسة تقريبًا.، ومن المحتمل أيضًا أن تشارك مقاتلات فنلندا من طراز F-35 في تقاسم أعباء الناتو من خلال المشاركة لاحقًا مع السويد في ترتيبات المراقبة الجوية في منطقة البلطيق

حادي عشر : كيف سيتأثر أمن فنلندا إذا بقيت السويد خارج الناتو؟

إذا بقيت السويد خارج الناتو تمامًا ، فسيكون من الصعب الدفاع عن شمال أوروبا بشكل موحد. بالإضافة إلى ذلك ، قد يصبح التعاون الدفاعي الوثيق بين فنلندا والسويد أكثر صعوبة إذا لم يكن كلا البلدين عضوًا في الناتو.