أيمن سلامة : مساعدات الغرب غَيضٌ في سوريا و فَيضٌ في تركيا


كشف الزلزالان المدمران في سوريا وتركيا عن استمرار ثقافة الاستعلاء الثقافي التي ما برح الغرب يتبناها ، ويصر إلا ويتبناها حتي أثناء الكوارث الطبيعية التي لا تفرق بين لون أو عرق أو جنس أو قومية .
وبالرغم أن الغرب هو الذي سطر ميثاق منظمة الأمم المتحدة ، وصدر في ديباجته العبارة الأثيرة " المساوة بين الشعوب صغيرها وكبيرها " ، ثم كَرر ذات العبارة لكن في إشارة إلي الدول أعضاء منظمة الأمم المتحدة ، لكن هيهات هيهات .
فالإمبريالية الثقافية متعددة الجوانب ما برحت تسود وتهيمن علي مشهد العلاقات الدولية الذي لا يحكمه ميزان ولا ينظمه قسطاس ، فأدوات الإمبريالية الثقافية تهدف دوما إلى خلق والحفاظ على علاقات غير متساوية بين الحضارات، وتفضيل الحضارة الأقوى للغرب دوما ، وتشجع الإمبريالية الثقافية علي فرض ثقافة الغرب على المجتمعات الأقل قوة.
في خضم المشهد الذي لا تخطئه عين ، والذي يرسخ مثل هذه الثقافة الامبريالية البغيضة ، تتري أخبار الزلازل الذي ضرب تركيا و كأن سوريا لم يضربها زلزال أو حتي أحد من الآحاد ، ويعزي البعض حتي في شح المساعدات الإنسانية لسوريا مقارنة بالدولة الجارة تركيا لقانون قيصر الأمريكي ، وتارة أخري للجزاءات الدولية التي فرضها الإتحاد الأوروبي ضد سوريا .
لا تعدو هذه المبررات الواهية إلا زر للرماد في العيون و حفظ ماء الوجه للغرب ، لكن عين الحقيقة المجردة تتمثل وتتبسط في ديدن الغرب العنصري التمييزي الذي يربط الإغاثة بالمصلحة ، و يرهن التعاون بالنفعية ، و يحجر الحاضر علي الماضي ، و بيت القصيد في هذا الصدد يتلخص في عبارة واحدة " مصالح الغرب في تركيا و لا منفعة له من سوريا " .
يدرك المتخصصون أن المساعدات الإنسانية قوامها الحياد، و عمادها عدم التحيز، وديدنها الخدمة الطوعية ، و حجر أساسها عدم التمييز ، ولذلك فالتمييز العنصري تجاه الشعب السوري جريمة يندي لها الجبين باقل وصف .
الحالة السورية دليل دامغ علي الجور المبين ، و برهان ساطع علي الظلم الفج ، و السفور دون ساتر، و الجنوح دون رابط ، والكيل المطفف للعدالة ، و الادعاء المزيف بحقوق الانسان .