السبت 23 أغسطس 2025 12:41 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الكاتب الصحفي ياسر حمدي يكتب: حملة «أخلاقنا الجميلة».. واستعادة القيم المصرية

النهار نيوز

في الأسبوع قبل الماضي أطلقت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية حملة «أخلاقنا الجميلة»، وتستهدف تلك الحملة التأكيد على الأخلاق التي تربينا عليها وتأمر بها جميع الأديان السماوية والإنسانية من أحترام الكبير وحسن الجيرة وحسن المعاملة والأمانة والشرف والأدب في التعامل، وتربية أجيال جديدة على العادات والتقاليد المصرية الأصيلة، وتذكر الأجيال الحالية بالقيم الإنسانية.

وتنطلق الحملة على عدة مراحل عبر رسائل المتحدة للخدمات الإعلامية المختلفة، نظرًا لأهميتها القصوى في الوقت الراهن، خصوصًا بعد ما زادت عوامل التأثير على أخلاقنا من خلال وسائل عدة تبث خلالها قيم غريبة على عادات مجتمعنا ويتأثر بها بالسلب، فزادت أهمية هذه الحملة نظرًا لما تهدف إليه من تثبيت منظومة الأخلاق التي تنادي بها الأديان السماوية، في مواجهة الاختراق القيمي الذي تعمل عليه بعض الجهات عبر العديد من الوسائل، وخاصةً السوشيال ميديا لمحو مفاهيم أصيلة في مقدمتها: «أحترام المرأة، والعطف على الصغير، ومساعدة كبار السن، وحسن الجيرة، والشرف والأمانة وغيرها».

الحملة بتقدم القيم الأخلاقية في مشهد تمثيلي سيظل معلق في الأذهان، خاصةً عند الأطفال الصغيرة، ومع الاستمرارية في نشر هذه القيم الأخلاقية بهذه الصورة الرائعة سنخرج جيل ذو قيم، وبالتالي آن الأوان لنضفي الأخلاق فيها لتجميل السلوكيات التي وصلت في بعض الأحيان إلى العنف والقتل بالمجتمع، لذلك فإن مشاهد هذه الحملة المتعددة مهمة للغاية لاستعادة أخلاقنا وقيمنا المصرية العريقة.

من الفيديوهات التي أطلقتها الحملة مجموعة مقاطع من أفلام عربية قديمة يتحدث فيها الأبطال عن قواعد وتعاليم أخلاقية توقفنا عن تذكير الناس بها أو تربيتهم عليها منذ انسحبت الدولة المصرية من أدوارها المختلفة منذ عقدين أو أكثر، وتحولت لسمسار ينظم حركة البزنس بين رجال الأعمال وشركائهم من المسئولين، فلا تعليم ولا تربية ولا إعلام منذ عام ٢٠٠٠ تقريبًا وحتى سقوط النظام في يناير ٢٠١١ لنخرج من «نقرة» لنقع في «دحديرة» وتنفتح علينا بوابات الإسفاف والفوضى والانفلات والإرهاب حتى ٣٠ يونيو وما تلاها من حرب مع وعلى الإرهاب.

شاهدت فيديو أخر مبدعًا ضمن سلسلة الفيديوهات التي تطلقها حملة «أخلاقنا»، الفيديو الذي شاهدته كان ضمن حملة توعية ضد التنمر، وهو سلوك مذموم في مجتمعنا، فالقوي يتنمر بالضعيف والأبيض يتنمر على أسمر البشرة ويسميه «شوكولاتة» والطويل يتنمر على القصير ويسميه «أوزعة» إلى غير ذلك من ألفاظ التنمر التي تعرض لها هذا الفيديو جيد الصنع، والذي يصل برسالته بشكل ممتع وسلس لجمهور لا يقرأ ولا تسمح ظروفه بالاستماع إلى برامج حوارية طويلة، فقدمت له الحملة هذه الكبسولة الأخلاقية المحترمة ضمن حملة تسويق بارعة يجب تحية من أشرف عليها ومن فكر فيها.

أهم ما يميز هذه الحملة العظيمة أنها درامية أكثر من كونها مباشرة، فهى تحضر جزء من الدراما المصرية وتركز على مشهد معين أو ممثل صاحب تأثير، وهذه الأشياء تجعل منها تجربة جيدة جدًا وفكرة عظيمة، وهى أن نقدم هذه النصائح من خلال الدراما، خاصةً وأن الأعمال الدرامية أحيانًا ما تكون أهم من ألف كتاب كما قال الرئيس السيسي عن مسلسل «الاختيار»، لأنه يصل بشكل أسرع للمشاهد أو المواطن.

أعتقد أنها تجربة جيدة للغاية من الممكن أن نحصل منها على فوائد عدة، ونحن بالفعل نمتلك رصيداً هائلًا من الأعمال الفنية التي تسمح لنا بتقديم هذا النوع من حملات التوعية، كما أنه بإمكان القائمين على الحملة الاستعانة بالأعمال الإذاعية أيضًا، مثل برنامج «كلمتين وبس» للراحل العظيم فؤاد المهندس، وبرنامج «طريق السلامة» الذي كانت تقدمه أيات الحمصاني وكان لها تأثير رائع، إضافة إلى «وقال الفيلسوف» الذي كانت تقدمه القديرة سميرة عبد العزيز وإسلام فارس، كل ذلك وسيلة رائعة لعمل حملة توعية خاصةً إذا تم دمج الأصوات الإذاعية بمشاهد من السينما.

أيًا كان الأمر فقد تعرضت الأخلاق في العقدين الماضيين لإهمال كبير في مجتمعنا بأعتبارها ليست شيئًا ماديًا ملموسًا في زمن طغت فيه المادة على كل شئ، وتوافق فيه الناس على قواعد غير أخلاقية من الأساس مثل «معاك قرش تسوى قرش» و«الجنيه غلب الكارنيه» أي المادة غلبت القيمة والمكانة الإجتماعية، ونسينا جميعًا قول الشاعر «وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا».

ساد نوع من العمى والجهالة منعنا أن نرى أن قيم الصدق والتضامن والتكافل والالتزام بالمواعيد والوعود والمواثيق هي أساس أي تعامل سائد بين الناس في الدنيا طبقًا للقواعد التي أرسها الله بين عباده ليحيوا بسلام، وجميعها تزيد من الفضيلة والأخلاق الحسنة بين بني البشر، وتبني مجتمع قائم على فعل الخير لا الشر الذي بات منتشر بسبب تدني المستوى الثقافي والأخلاقي في ظل تعدد وسائل الإتصال المختلفة والتي يستغلها البعض لتغيير القيم الإنسانية ونشر القيم الغريبة والشاذة على مجتمعنا.

الرئيس السيسي أدرك أن الأخلاق هى ضمانة تماسك المجتمع وكانت هناك اجتهادات مختلفة في هذا الاتجاه، أظن أن هذه الحملة هى أكثرها توفيقًا لما للإعلام من قدرة سريعة على التأثير إذا أحسن المسئولون فيه القيام بمهمتهم، وتؤكد جدوى تدخل الدولة في الإعلام لصيانة الوجدان العام للأمة.

والواضح أن هناك جهدًا متكاملًا من الدولة ككل لطرح هذه الحملة تزامنًا مع توقيت الحوار الوطني، وهو للتأكيد على فكرة الوعي، فالحوار الوطني بالتأكيد يتمثل في المحور السياسي والمحور الاقتصادي وآخر إجتماعي، ويعتقد أن من أساسيات المحور الإجتماعي هو الوعي والأخلاقيات ومحاربة الظواهر السلبية في المجتمع، ما يعني أنها رسالة للحوار الوطني للاهتمام بمنظومة القيم في مصر.

وأخيرًا علينا أن نتذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف الذي رواه أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وفي رواية أخرى «صالح الأخلاق» كي نستحضر في قلوبنا قيمنا الجميلة لنربي عليها أولادنا لنعود لما كانت عليه أخلاقنا التي كانت تميزنا عن غيرنا.. ولابد أن نستلهم من السيرة النبوية العطرة ما يعظم من جهودنا من أجل هذا الوطن الغالي، ولتكن صحوة وطنية قومية نزرع فيها الأمل والثقة ومقومات الوعي والعمل، وأن نستلهم منه القدوة الحسنة في إرساء قيم الحق والعدل والسلام للبشرية، وأن نقتدي بتعاليمه ومنها إتقان العمل، والدعوة إلى الأمن والسلام والأخلاق الحميدة والخير للناس أجمعين.

حملة أخلاقنا الجميلة الكاتب الصحفي ياسر حمدي ياسر حمدي المولد النبوي الشريف القيم المصرية أبو هريرة أخلاق النبي الرئيس السيسي المتحدة للخدمات الاعلامية