الكاتب الصحفي ياسر حمدي يكتب: بوست الفتنة.. ومحاولة إشعال النار في مصر


صباح الأحد الماضي وقع حريق بكنيسة أبو سيفين بمنطقة المنيرة الغربية بإمبابة نتيجة خلل في التيار الكهربائي؛ مما أدى إلى إنبعاث دخان كثيف من إحدى التكييفات الموجودة بالطابق الثاني بمنى الكنيسة؛ أثناء تواجد العديد من المصلين لتلقي الدروس، نتج عنه وفاة 41 ضحية وإصابة 16 أخرين بسبب الإختناق والتدافع، مخلفاً فاجعة موجعة لكل المصريين على حد سواء.
وبحسب ما رواه بعض المتواجدين بالكنيسة فإن التيار الكهربائي أنقطع عن الكنيسة، وجرى تشغيل المولد الاحتياطي، وبعد تشغيله بحوالي ١٥ دقيقة حدث عطل في أحد أجهزة التكييف فأنطلقت منه بعض الشرارات قادت إلى اشتعال الحريق.
في واقع الأمر فإن بيان وزارة الداخلية كان سريعًا إلى حد ما وحاسماً حينما قال إن التحقيقات الأولية تشير لوجود خلل كهربائي في أحد أجهزة التكييف أدى إلى الحريق، ثم حسمت النيابة العامة الأمر بقولها أن التحقيقات أكدت عدم وجود شبهة جنائية وراء ذلك الحريق.
طبقًا للتصورات الأولية فإن الحريق الذي وقع بالطابق الثاني قاد إلى انبعاث كميات ضخمة من الدخان سببت بدورها حالة من الاختناق للمتواجدين، ومن سوء الحظ أن الحادث وقع يوم الأحد وهو يوم صلاة أساسي بالكنيسة، ثم إن هناك حضانة تواجد بها بعض أبناء المصلين، وحينما حدث الحريق كان هناك تدافع قاد مع الدخان الشديد وضيق المكان إلى إرتفاع عدد الضحايا والمصابين.
في الحقيقة مثل هذا النوع من الحوادث يقع في كل بلاد العالم، لكن الفوضى والإهمال والبناء العشوائي هو الذي يقود إلى إرتفاع عدد الضحايا بمصر مقارنة ببقية بلدان العالم، وهنا لا نشير بالذنب ولا نلوم على الحكومة الحالية فلا يصح أن تتحمل فساد وأخطاء الحكومات المتعاقبة في عهود سابقة، بل تحتاج منا الشكر على إهتماهمها البالغ للأهمية القصوى في سرعة التحرك وعمل اللازم، مقدمة كل الدعم والمساندة، بل وسارع رئيس الوزراء بصحبة عدد من الوزراء المعنيين بالتواجد في أسرع وقت لمكان الحادث والوقوف على أسبابه، وتذليل كل العقابات أمام المصابين وأسر الضحايا ورفع درجة التأهب والاستعداد بالمستشفيات.
خيم الحزن الشديد على وجوه كل المصريين وقدموا واجب العزاء لأنفسهم في مصابهم الأليم، وصارت مواقع التواصل الإجتماعي جميعها مشتعلة بأخبار التعازي والمواساة، وبات الحداد يملء قلوب الناس أجمعين، ولم يتوارى أحد في مصر عن تقديم واجب العزاء سواء مسؤولين أو رموز المجتمع أو حتى الناس العادية، فالجميع انفطر قلبه دمًا على وفاة عدد من المصريين بداخل إحدى دار العبادة في حادث مروع ليس لأي أحد ذنب فيه.
ليخرج علينا المهندس نجيب ساويرس فجأة بعدها ببوست يمكن وصفه بجداره أنه «بوست الفتنة» - بوست إشعال الحرائق والنار في مصر، رفض فيه تلقي العزاء في ضحايا الحريق الذي وقع بالكنيسة، قائلًا: «لن أقبل العزاء إلا بعد معرفة الفاعل»، ليدس السم في العسل، ويحاول الإيحاء بأن الحريق وقع بفعل فاعل، وليس سببه الماس الكهربائي في وحدة التكييف بالمبنى، كما أجمع شهود العيان، والكنيسة، والتحقيقات.
فساويرس يعلم أكثر من الجهات الأمنية، ويعرف أكثر من كهنة الكنيسة، والمصلين الذين كانوا فيها، وربما أكثر من الضحايا الذين ارتقوا، وها هو لا يحرمنا علمه في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ الوطن - اللحظة التي أثبتت أن أي حديث عن الفتنة الطائفية، محض هراء، أي حديث عن عنصري الأمة لا محل له من الإعراب، فنحن جميعًا مصريين فقط، يجمعنا الوطن والوطنية والإنسانية.
الحقيقة تعليق ساويرس يشبه التعليقات التي كان يصدرها لنا أصحاب المخططات الغربية المعادية للوطن ولوحدته الوطنية، ويستهدف بها الدولة المصرية بضرب وحدتها عن طريق إحداث الفتنة الطائفية بين قطبي المحروسة، متناسياً في الوقت نفسه مواقف وبطولات المصريين من المسلمين وهم يحاولوا إنقاذ إخوانهم من الحريق وهم يضربون أروع الأمثلة في الوحدة والأخوة.
يا نجيب يا غير ذلك في الوقت الذي انشغلت فيه بلملمة أطراف المؤامرة لم تشاهد حضرتك الملحمة الوطنية التي جسدت معدن المصريين، وعبرت عن قوة الحب الذي يجمع بينهم وهم يتدافعون لإنقاذ ضحايا الكنيسة غير عابئين بما يلحق بهم من أذى أو ضرر نتيجة اقتحامهم النيران المشتعلة المتوهجة، ليؤكد هذا الحادث الموجع تفرد مصر بشعبها الواحد المترابط عن باقي كل دول العالم، وأنها عصية على مثيري الفتن سواء في الداخل أو الخارج، ويؤكد على الترابط الفريد من نوعه بين كل المصريين.
يا هندسة الملحمة كان أبطالها محمد وأحمد وجرجس ومينا وحنا ومحمود، حضرتك وأثناء تواجدك بقصرك الفاره كان المسلمين في المنطقة يهبوا لإطفاء الحريق وإنقاذ الأطفال بدون تردد، ودخلوا وسط النيران المشتعلة والدخان الكثيف القاتل بدون حسابات، كان شغلهم الشاغل هو نجدة إخوانهم وأطفالهم الذين تحاصرهم النيران وتحيط بهم من كل مكان.
لحظة تواجدك بمكتبك وسط التكييف والهدوء تلملم خيوط مؤامرتك الدنيئة محمد يحيى تمكن من دخول الكنسية مقتحماً النيران بشجاعة كبيرة، لينقذ الأطفال وخرج بهم إلى فرصة أخرى من الحياة، واصيب بكسر في الساق اليسرى، وعلى إثره نٌقل لمستشفى إمبابة العام لتلقى العلاج اللازم، وجميع الجالسين على القهوة الواقعة على ناصية شارع الكنيسة هبوا مسرعين وكسروا الباب عشان يخرجوا إخوانهم المحاصرين داخل النيران.
يا ساويرس جيران الكنيسة المسلمين قفزوا على سطح الكنيسة من البيت المجاور لها وكسروا الأبواب والنوافذ ودخلوا في وسط النيران المتوهجة ولم يبالوا بمخاطر ذلك على حياتهم - ومجموعة أخرى وقفت حاملة البطاطين لتتلقى من يقفز من الشرفات.. وآخرون نقلوا الضحايا بسياراتهم الخاصة والموتوسيكلات، والدموع تزرف من عيون مصر كلها شرقًا وغربًا.
ألم تشاهد كل هذه المواقف البطولية الخالدة، ألم ترى تضامن الدولة الفوري ووضع السيسي جميع أجهزتها في خدمة المصابين حتى يتعافوا، ألم ترى ما فعله فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ومساندته لإخوتنا و فتحه مستشفيات جامعة الأزهر لمصابي الكنسية، ألم ترى موقف النجم العالمي محمد صلاح وهو يتبرع ب 3 مليون لمصابي الحادث، وسؤالي لك كم تبرعت أنت؟، وماذا فعلت مع مصابي الحادث؟!.
وكما قال الدكتور جمال شعبان، بقولك يا هندسة خليك في مهرجان الجونة ومدرسة الرقص الشرقي ومطربي المهرجانات - بلاش تهييج وتأجيج للفتنة، عايز تعرف مين الفاعل؟، أنت الفاعل الحقيقي بإهمالك العمل الخيري وعدم رعاية البسطاء والفقراء في العشوائيات ورعايتك فقط للمهرجانات.. عزائي لكل المصريين ما عدا أبواق الفتنة اللي مش عايزين يقبلوا العزاء.