د. نبيل بو غنطوس يكتب: هل ينجح فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا؟! (1)

المؤشرات الأولية تشير إلى أن مخطط الرئيس الروسي حتى اللحظة يصطدم بمقاومة شرسة جدا من الجيش الأوكراني وفي كل المناطق وعلئ كافة المحاور، ناهيك عن مقاومة شعبية لا تقل شراسة عن تلك العسكرية.
في حربه على أوكرانيا، وبعدما حشد قواته لعدة اشهر، ووضع المخطط تلو المخطط، وبعد اجراء التعديل تلو التعديل، وبعدما تظهر جليا، الدعم البشري والمادي الذي يتلقاه بوتين وجيشه من بيلا روسيا الجارة، التي ما بخلت بأي من عدد وأعتدة القتال في الحروب التقليدية والعصرية، إلى الدعم البشري الهائل على الأرض وبالآلاف الذي أمنه المقاتلون الشيشان، وهم المعروفون بشدة بأسهم في حروب وقتال الشوارع إلى ارتكابهم كل الفظائع وصولا الى الافتخار بالتنكيل بالأعداء إذا ما قدر لهم النصر عليهم. يظهرأن بوتين لم ولن يوفر جهدا في حربه على أوكرانيا، خصوصا وان الغرب والاتحاد الاوروبي وحلف الناتو ما زالوا يترددون في الدخول عسكريا وبشكل مباشر علي خط الازمة، وهم يكتفون بارسال العتاد المتطور الى الجيش الاوكراني سيما من الاسلحة المضادة للطيران والدروع، واظهرت الكميات المرسلة وان باعداد متواضعة، قدرتها الفائقة على عرقلة التقدم الروسي في كل المحاور.، الامر الذي بدأ يرخي بظلال من الشكوك لدى الاوكرانيين وخصوصا لدى الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي. زد على ذلك العتب الكبير على قادة الغرب والناتو، الذي لم يحركوا ساكنا لا في الجو ولا على الازض، وزيلينسكي كان يأمل منهم على الاقل، فرض منطقة حظر طيران في اجواء اوكرانيا لاعاقة عمل القوة الجوية الروسية، وعرقلة قدراتها على المهاجمة والتدمير.
حتى الآن يشير الوضع الميداني الى ان مدينة خاركيف ثاني اكبر المدن الاوكرانية باتت محاصرة بشكل تام، في حين ان مدينة خرسون في الجنوب تم تحويلها الى قاعدة امداد للقوة الغازية، بحيث يستمر العمل على التحكم في المناطق الشرقية والجنوبية لبحر آزوف.
ارتال الدبابات والآليات الروسية مستمرة في التقدم في طريقها الى محاصرة مدينة كييف والعسكرة من حولها، ويعرف الرئيس الروسي ان عدم قدرة جيشه على اسقاط مقاومة العاصمة الاوكرانية، فيه تكلفات معنوية على نظامه، وعلى الدور الكبير الذي رسمه للاتحاد الروسي في المستقبل. فالنجاح في المعركة يوصله الى مبتغاه، اما الخسارة فاولى تباشيرها ستكون خسارته لمنصبه وللصورة التي اراد ان يوهم العالم انه عليها، على شاكلة الفياصرة الروس العظام. في حين ان اول انجاز يسعى اليه بوتين اذا ما دخلت قواته الى كييف الاوكرانية، هو القاء القبض على الرئيس فولوديمير زيلينسكي لاضعاف المقاومة الاوكرانية وكسر هيبة الجيش والشعب فيها، الامر الذي ما زال بعيد المنال حاليا.
ومعروف ان الرئيس الاوكراني رفض ترك كييف ودعا الى الصمود فيها حتى النهاية والتي تنماها سحقا للقوات الغازية ودحرا لها. هو يحلم ان يحول اوكرانيا في وجه روسيا الى افغانستان ثانية، يريد اغراقها في وحول يصعب عليها الخروج منها، على غرار الكثير مما كانت تتعرض له الدول الغازية من قبل الدول المستضعفة.
نجاح بوتين في تحقيق مكاسبه، قد يفتح منذ الآن شهية دول كبيرة كثيرة، على وضع يدها على جارات لها صغيرة ومحدودة القدرات، ولنا في ذلك عشرات الأمثلة، كمثل الصين ورغبتها باحتلال جارتها تايوان، ومثل رغبة كوريا الشمالية بأختها الجنوبية، وهونج كونج ووو. الأمر الذي سيجر العالم إلى مواجهات مفتوحة قد تكون مدخلا الى حروب كبرى، إن لم نقل حربا عالمية ثالثة.

...................................

مستشاروخبير سياسي واقتصادي في الشؤون اللبنانية