بالصور... نفايات مستوردة من إيطاليا تهدّد صحّة التونسيين

لاتزال تداعيات قضية النفايات التي قامت بتوريدها إحدى الشركات التونسية من إيطاليا بطريقة غير قانونية تلقي بظلالها على الشارع التونسي وبالأخص محافظة "سوسة"(تقع في الساحل التونسي) مكان هذه النفايات التي توزعت بين ميناء مدينة سوسة وأحد المستودعات بمنطقة أخرى من نفس المحافظة تسمى"المُوردين" والذي شب فيه صباح الأربعاء 29 ديسمبر 2021 حريق هائل رغم انه يخضع إلى المراقبة الديوانية .
بداية الحادثة كانت يوم 20 جويلية 2020 حيث حطت باخرة بميناء مدينة "سوسة" التونسية قادمة من إيطاليا محملة ب282 حاوية تضم نفايات بلاستيكية سامة ادّعت الشركة التونسية الموردة أنها نفايات مرخص فيها واستدلت بما يفيد من تراخيص من سلط رسمية تونسية إلا أن الديوانة التونسية بالميناء امتنعت عن السماح عن إخراجها إلا بعد المعاينة وبعد ما تم نقل 69 حاوية من الميناء إلى منطقتي "الموردين" وحاوية إلى"سيدي عبد الحميد"(أحد أحياء مدينة سوسة) أخذت عينات من النفايات الموجودة كشفت أنها مغايرة للمواصفات والمعايير المرخص لها دولية وأنها فضلات يومية وقع جلبها إلى تونس لردمها لا غير وفُتح تحقيق في الغرض كشف ان هناك مافيا بين إيطاليا وتونس تنشط في مجال ردم النفايات .
التحقيقات القضائية تدين
أسفرت التحقيقات عن إيقافات في صفوف عدة أطراف مسؤولة منها وزير تونسي سابق للبيئة وتم ختم البحث في شهر جوان 2021 و وأثبت القضاء التونسي أن كل هذه النفايات التي تم الكشف عنها منذ شهر جويلية 2020 لا تتطابق مع معايير إستيراد النفايات في العالم وتم في شهر جوان إنهاء التحقيق في هذه القضية ووجه حاكم التحقيق إلى المكلف العام بنزاعات الدولة مراسلة طلب فيها التصرف في تلك النفايات بعد انهى عملية التحقيق وتم إثر ذلك توجيه تهمة التدليس والتوريد الممنوع لعدد من المتهمين وضبطت الآجال القانونية لإرجاعها إلى البلد المصدر إيطاليا في 20 جانفي 2021،ومن جهتها أصدرت المحكمة العليا الإيطالية قراراها النهائي القاضي بإجبار الشركة الإيطالية المصدرة لهذه النفايات بإعادتها إلى إيطاليا على حسابها الخاص وفق ما أكّده النائب في مجلس نواب الشعب التونسي مجدي الكرباعي ،إلا أنها إلى اليوم لم يقع إرجاعها إلى إيطاليا وتعطل المسار القانوني ومن جهته أكد رئيس لجنةالاصلاح الاداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب التونسي بدر الدين القمودي الذي أدى زيارة معاينة إلى ميناء سوسة قائلا" لابد من الوقوف على مختلف الاخلالات في صلة بأجهزة الديوانة التي سمحت بدخول هذه الحاويات التي ما كان لها ان تدخل لولا تواطىء من العديد من الاطراف من هنا وهناك ساهمت في مخالفة القانون لأن هذه النفايات سوى كانت بلاستيكية أو منزلية لا يجوز توريدها الجانب الاخر الذي نريد ان نعمق فيه للبحث ماذا تحتوي هذه الحاويات؟ فلاشيء يؤكد انها نفايات بلاستيكية أو منزلية المهم في النهاية ان نحمل كل طرف المسؤولية على ما ارتكبه من جرم في حق المجموعة الوطنية بتوريد هذه السموم الوافدة من دولة أخرى حيث أصبحت تونس مزبلة اوروبا ومعرّة لكل المسؤولين الذي ساهموا في هاته العملية والجانب الآخر الاهم ان لا تعاد مثل هذه التجاوزات مستقبلا".
السلط الإيطالية تتفاعل ولكن...!
واغتنم الرئيس التونسي قيس سعيد يوم الثلاثاء28 ديسمبر 2021 زيارة وزير الخارجية الإيطالي"لويجي دي مايو" إلى تونس وشدد على ضرورة التسريع بتسوية ملف النفايات الإيطالية في اقرب الآجال ووعد الوزير الإيطالي من جهته بمواصلة التحرك والتنسيق حتى يتم تحميل المسؤوليات وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم الإيطالية بشأن ملف النفايات وأن بلاده متفهمة لموقف تونس ،من الغد وقعت عملية حرق المستودع الموجود بمنطقة "الموردين" الذي يضم 69 حاوية من هذه النفايات على ملك الشركة الموردة والذي يخضع إلى مراقبة ديوانية وقضى رجال الإطفاء ساعات طويلة لإخماد اللهيب الذي انتشر على أكثر من 4 آلاف متر مربع وفيما أكّد مساعد وكيل الجمهورية والناطق الرسمي باسم محكمة سوسة1 معز اليوسفي أن الأبحاث لا تزال جارية ولم يكشف بعد إن كان عملية الحرق بفعل فاعل أو لسبب آخر فإن نشطاء في المجتمع المدني بالجهة يؤكّدون أن الحادث يقف وراءه من لهم مصلحة في حرق هذه النفايات وشككوا في الشركة الموردة لهذه النفايات لأنها عجزت عن إرجاعها إلى إيطاليا في انتظار أن تصل الجهات القضائية التونسية إلى التعرف عن الحقيقة في ملف تعمق تعقيداته وطالت حيثياته وزادت فيه حالة احتقان الأهالي خاصة وأن هذه النفايات كلما مكثت يوما زادت مخاطرها وخاصة الحاويات المتواجدة في الميناء والتي أكد مسؤولون هناك أنها تفرز في سائل يشكل خطرا محدقا فيما لازال المواطن التونسي يتساءل متى سترجع هذه النفايات إلى إيطاليا ؟ لأنها قنبلة بيئية موقوتة كما وصفها رئيس الجمعية التونسية للسلامة الصحية والبيئية يامن العايد.