الجمعة 29 مارس 2024 10:23 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب: أحمد جاد الرب...كنت نبؤته ومازال قدوتي

النهار نيوز

(.عُرِفَتْه منذ فجر حياتنا نَفْسُا كريمة على الخَصاصة وَالأَذَى ،ويملك شجاعة المحاربين الافذاذ،وفوق هذا بانه لم يخضع في يوم من الايام لرغبة، ولم تسكنه من اي موقف رهبة،ولا يمسك عليه طوال عمره هفوة ،ولا يخشى في الحق إِلا اللّهُ،وكل هذا بعض من الصفات التي تحلى بها وجعلته في نظرنا بطلا يحلق فِي الفَضَـاءِ مَـعَ النّسور .
واحقاقا للحق لم أر مثله منذ نعومة أظافرنا، انسانا متقد القريحة ، حاضر البديهة ، جاهزا لكل سؤال في اي مجال درس متجدد قشيب غير رتيب، فيبحر بنا في خضم بحره الذي لاساحل له، وما أكثر ماكان يلطّف احاديثه بما حفظه من الشعراء والأدباء من ظريف المزاح، وبما يرويه الرواة والوعاة من طُرف ملاح فيطوّف بنا في الآفاق و يسبح بنا في فضاءات المعارف ليأتي بكل طريف منها .
انه اخي وحبيبي ورفيق عمري اللواء اركان حرب احمد جاد الرب عثمان واحد من ابطال حرب اكتوبر العظيمة الذي شارك في تحرير القنطرة شرق،فكانت اول بشارات الانتصار التاريخي،البار بأسرته ،والمحب لرفاق عمره الذين لا يرضى لهم الهوان ،ولا يسمح ان تمس سماتهم الخدوش من اللئام.
كانت كلماته عن الوطنية وعشقه لمصر الحبيبة تسْرِي في مشاعرنا كالنسيم ، فتَغْزُ القُلُوبَ فَتَسْتَاقُ الأحَاسِيسَا،فملأْ زماننَا أحاسيس وطنية، حتى فاض الفؤاد بحب مصر، فعم كل من قصد.
كان اذا تكلم عن عشقها رقصت القلوب على ايقاع حروفه ، واذا انشد شعرا عنها على مسمعنا ، سحر الغيدا ، وفـجر الاعـواد نغما .
كنت نبؤته بان سوف أكون صحفيا ذو شأن ، ومذيع يملك مقومات الحضور من شكل ومضمون،حتى انه كان يطرب من نبرات صوتي الرخيم، ومخارج حروف الكلمات بكل السكنات والوقفات ما بين فواصل الجمل،حتى انه كثيرا ما طلب مني ونحن فتيان اعادة خطب الزعيم جمال عبدالناصر .
وكان ومازال احمد جاد الرب قدوتي رغم تقارب العمر ،في الإصرار والعزيمة والانضباط،وتحمل مسؤولية الكلمة والحفاظ على العهد،والتزام الوعد،فعشقت حتى الأماكن التي وطئت فيها أقدامه،ومنها السودان تلك السمراء التي فيها الطبيعة عذراء ضاحكة،وتتعلم من عينيها أسباب الهوى،ويبتسم فيها الفجر النضير،الذي له فيها إيقاع مدهش وأهازيج مبهجة وألحان راقصة فتستقبله الروح طرباً وهي نشوانه، من حكاويه عنها حيث قضى فيها بعض من اوقات دراسته في الكلية الحربية .
فرسمت حكاياته عن السودان في خيالي سحرالاماكن،حتى لمست واقعها وانغمست في فتنتها ،عندما زرتها فوقعت اسير هواها لكونها فريدة، شكلها خليط من العناصر المتغايرة والمتاقضة التي رسمتها الجغرافيا تارة ولون لياليها بشرة البشر ، ودونها التاريخ والسحر وطرق التصوف وصور الجمال وعربات نصف النقل المحملة بالرشاشات والقوافل والتمويه.