الدكتور أيمن سلامة يكتب : إعتداء همجي للمستوطنين الإسرائيليين علي موظفي الصليب الأحمر

تَعَرض موظفي اللجنة الدولي للصليب الأحمر لهجوم برذاذ الفلفل من قبل مستوطنين إسرائيليين يوم 26 أكتوبر 2012 ، خلال زيارة ميدانية مع مزارعين فلسطينيين وبالتنسيق المسبق مع الجيش الإسرائيلي في قرية بورين جنوب نابلس، ورافق الجنود الإسرائيليون المتواجدون طاقم اللجنة الدولية إلى قاعدتهم العسكرية حيث قدموا الإسعافات الأولية لهم جراء ما لحق بهم من إصابات .

هذه ليست المرة الاولي ولن تكون الأخيرة التي يتعرض فيها موظفو اللجنة الدولية للاعتداء أثناء قيامهم بعملهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، فلقد صارت الخروقات الفظيعة للمركز القانوني الدولي الذي تتمتع به اللجنة الدولية للصليب الاحمر وعمالها في الأراضي المحتلة ديدناً إسرائيلياً ممنهجاً .

لا جَرم أن ذلك الإعتداء الهمجي المُوغل في الوحشية يشكل ، وبلا مِرية ، عدواناً علي القيم الإنسانية وامتهاناً للأمم المتحضرة كافة ، التي رفعت مكانة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لأعلي عِليين بسبب إعمال اللجنة لمبادئها الأساسية السبعة التي ما فتئت تتشبث بأهدابها منذ قرن ونيف من الزمان .

تعد اللجنة الدولي للصليب الأحمر المنظمة الإنسانية الرائدة التي تتصدر كافة الهيئات و المنظمات و الجمعيات الإنسانية سواء أكانت حكومية دولية أو غير حكومية دولية أم وطنية ، ففور اندلاع النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية ، وعند حدوث الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير أو الفياضانات أو الزلالزل أو الإنهيارات الجبلية أو الأرضية أوغيرها ، تجد عمال ومنتسبي اللجنة في موقع الحدث ، وبسرعة البرق و الطرف و السهم .

هناك مبادئ أساسية سبعة تنظم وتؤطرعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمرو الهلال الاحمر ، وهي : الإنسانية ، وعدم التحيز ، و الحياد ، و الاستقلال ، و الخدمة التطوعية و الوحدة و العالمية .

يأتي في الصدارة من المبادئ المشار إليها ، مبدأ الإنسانية ، فالحركة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر هي حركة ذات طابع دولي ، وانبجست الغاية الرئيسية من إنشاء هذه الحركة من الرغبة في تقديم المساعدة للجرحي في ميدان القتال دون اي تمييز.

تبذل الحركة الدولية للصليب الاحمر و الهلال الاحمر كل ما أوتيت من جهد لتخفيف آلام المعاناة للمجموعات الأكثر عُرضة للخطر أثناء النزاعات المسلحة فضلاعن الكوارث الطبيعية ، سواء الجرحي و المصابين وأسري الحرب و النساء و الأطفال و اللاجيئن والنازحين و غيرهم .

تَتغيي الحركة أيضا حماية الحياة والصحة و ضمان احترام البشر وتعزيز التفاهم المتبادل والصداقة والتعاون والسلام الدائم بين كافه الشعوب ، و الناظر لهذه الغاية يراها مسطورة حرفيا في ميثاق منظمة الامم المتحدة الذي صدر في عام 1945 .

إعمالاً لمبدأ عدم التحيز، لا تميز الحركة بين الأشخاص على أساس جنسيتهم او عرقيتهم أو قوميتهم أو دينهم ، و المعيار الوحيد الذي يحكم عمل الحركة في شأن تخفيف من يعوزون الغوث الإنساني هو معيار واحد و هو مدى احتياجاتهم مع إعطاء الأولوية لأشد حالات المعاناة إلحاحاً .

يعد الحياد أحد أهم المبادئ السبعة الأساسية التي أكسبت الحركة الدولية للصليب و الهلال الأحمر مصداقيتها لدي الكافة ودون استثناء ، و الحياد يعني عدم انحياز عمال ومنتسبي الحركة إلي طرف من أطراف النزاع اثناء العمليات العدائية العسكرية ، وتنأي الحركة بنفسها عن المشاركة في أي جدل ذي طابع سياسي أو أيديولوجي في أي وقت من الأوقات .

أما التطوعية فتعد أحد الأمارات الكاشفة عن حيدة ونزاهة الحركة وعمالها ومنتسبيها ، فالحركة تعتمد في عملها على الخدمة التطوعية، ولا تدفعها بأي حال من الاحوال الرغبة في تحقيق المكاسب المادية أو المنافع المالية .

يتجسد مبدأ العالمية في عمل الحركة الدولية للصليب و الهلال الأحمر في كونها تقوم بوظائفها الإنسانية في كافة ربوع المعمورة دون ثمة تمييز كما أسلفنا .

ختاماً ، لولا تشبث الحركة الدولية للصليب و الهلال الأحمر بمبادئها السالف ذكرها لما اكتسبت مثل هذه المصداقية والإئتمان من كافة الدول والمنظمات و الأفراد علي حد سواء ، كما أثبتت الحركة أن هذه المبادئ الأساسية ليست مجرد قيم طوباوية نبيلة يصعب ترجمتها للواقع العملي ، ولكن كشفت الممارسات الساطعة و السابقات القاطعة أن الصورة أصدق من الكَلم .