الجمعة 26 أبريل 2024 07:41 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

السياسة والبرلمان

الدكتور أيمن سلامة : ماكرون لم يجبر الضحايا الجزائريين

النهار نيوز

ندد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس السبت، بـ"جرائم لا مبرر لها بالنسبة إلى الجمهورية"، إثر إقامة مراسم رسمية إحياءً للذكرى الستين لقتل متظاهرين جزائريين في 17 أكتوبر عام 1961 في باريس. وتأتي هذه التصريحات ضمن مسار بدأه ماكرون لتهدئة ذاكرة الحرب الجزائرية ومحاولة تحقيق مصالحة بين البلدين، ولا تزال العلاقات الثنائية متأثرةً بذكريات النزاع الدامي بين فرنسا وجبهة التحرير الوطني الجزائرية خلال حرب الاستقلال بين عامي 1954 و1962.

في ظل حضور أقارب ضحايا غلبتهم الدموع في أحيان كثيرة، شارك ماكرون في المراسم التي أقيمت على ضفاف نهر السين بالقرب من جسر بيزون الذي سلكه قبل 60 عاماً متظاهرون جزائريون وصلوا من حي نانتير الفقير المجاور، تلبيةً لدعوة فرع جبهة التحرير الوطني في فرنسا .

كان نحو 12 ألف جزائري اعتقلوا ونقلوا إلى مراكز فرز في ملعب كوبرتان وقصر الرياضات، وأماكن أخرى. وإضافة إلى عدد كبير من الجرحى، قتل العشرات، ورُميت جثثهم في نهر السين. ولم تتمكن عائلات كثيرة من العثور على جثث أبنائها الذين اختفوا في تلك الليلة.

إن من ينسى ماضيه محكوم عليه بتكراره، لذلك فالسياقات التاريخية التي تتميّز بسجل حافل بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، يبقى تخليد الذكرى ضروريًا للغاية لاحترام الحقّ في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والجبر وضمانات عدم التكرار.

إن الاعتراف بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ضروري لاستعادة الضحايا كرامتهم والسماح للمجتمع باستعادة الثقة والتقدم نحو ثقافة السلام .

ينبع واجب تخليد الذكرى من مصادر القانون الدولي الأساسيّة والثانوية، ويشكّل التزامًا للدول حيث ارتُكبت انتهاكات لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني، لا مجرّد خيار لها .

يقع علي الدول واجب توفيرالجبر لضحايا انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي طبقًا لقوانينها المحلية والتزاماتها الدولية، ومع أخذ الظروف الفردية في الاعتبار، هناك العديد من أشكال جبر الأضرار التي يمكن أن توفرها الدول للضحايا و عائلاتهم : رد الحقوق ( التعويض العيني ) والتعويض المالى وإعادة التأهيل والترضية والضمانات بعدم تكرار الانتهاكات.

‌ إن رد الحقوق أو ما يعرف بإعادة الحال إلي ما كان عليه ينبغي ، متى أمكن ذلك، أن يعيد الضحية إلى وضعها الأصلي قبل وقوع انتهاكات قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي، ويتضمن رد الحقوق ، استرداد الحرية والتمتع بحقوق الإنسان والوضع الاجتماعي والحياة الأسرية والمواطنة ، وعودة المرء إلى مكان إقامته، واسترداد الوظيفة التي حرم منها الفرد ، وإعادة الممتلكات التي صادرتها الدولة .

‌ أما فيما يتعلق بالتعويض المالي ، فينبغي دفع التعويض المالي عن أي ضرر يمكن تقييمه اقتصاديًا ويكون ناتجًا عن انتهاكات قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي، كما ينبغي أن تتضمن الترضية وضمانات عدم التكرار المترتبة على المساعدة القانونية أو مساعدة الخبراء، كلما أمكن، أياً من الأمور التالية أو كلها: الكف عن الاستمرار في الانتهاكات، و التحقق من الوقائع والكشف الكامل والعلني عن الحقيقة إلى الحد الذي لا يتسبب معه هذا الكشف في إلحاق المزيد من الأذى بلا ضرورة أو تهديد سلامة الضحايا أو الشهود وغيرهم ، والبحث عن جثث الذين قتلوا أو اختفوا والمساعدة في التعرف على الجثث وإعـادة دفنها طبقـا للممارسات الثقافية للأســر والمجتمعــات، و إصدار إعلان رسمي أو قرار قضائي يعيد كرامة وسمعة الضحايا والأشخاص ذوي الارتباط الوثيق بهم وحقوقهم القانونية والاجتماعية ، و تقديم اعتذار علني، بما في ذلك الاعتراف العلني بالوقائع والقبول بالمسئولية؛ والعقوبات القضائية أو الإدارية ضد الأشخاص المسئولين عن الانتهاكات، و إحياء ذكرى الضحايا وتكريمهم ، و الحيلولة دون تكرار الانتهاكات.

ختاماً ، إن ما فعله الرئيس الفرنسي لا يعدو أن يكون إلا أحد أشكال الجبر السابق الإشارة إليها ، ويحق لأسر الضحايا أن يطالبوا الدولة الفرنسية بما يقرروه من أشكال أخري تشفي غليلهم و تداوي جراحهم .