السبت 23 أغسطس 2025 04:16 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

أدب وثقافة

تامر محمد عزت يكتب: قصة رواية

د. تامر عزت
د. تامر عزت

السماء تمطر، والبرق يرسل وميضه إلى داخل الغرفة، والرعد يعلن عن غضبه، بالتأكيد غاضبًا منّي، انتهز تلك الأجواء الجوية وأعد كوبا من الشاي الساخن رغم عدم ميلي للسهر، عقارب الساعة تشير إلى الثامنة مساءً، إذن لا بأس بقليل من الكافيين مع صحبة رواية، دموع الامطار تنهمر على زجاج النافذة المغلقة، تنساب بغزارة محدثة خيوطا متعرجة، لا اتفائل، يبدو أن الرواية كئيبة، اجلس واتخذ وضع القراءة وانطلق داخل الرواية، بضع صفحات ويخفق قلبي، فقد صدق حدسي، بطل الرواية بالفعل في حالة اكتئاب؛ كونه خريج سجن إثر قضية سياسية، ونقله من المدينة إلى الأرياف كنوع من أنواع العقاب النفسي، اتعاطف معه في البداية، طبيب في وحدة صحية فقيرة يعالج الفقراء من البشر بأدوية فقيرة، كيف نصنع من الفسيخ شربات؟ ، هكذا حدثتني نفسي وأنا أتابع خطوات هذا الطبيب، يجد البلهارسيا و هي تأكل كبد المرضى، عسر البول، دماء، جهل، فقر، أمراض، لا وعي، شبق زوجة العمدة والتي أقصى حلمها غرفة بحمام، هربت من قضاء الله - البيت الضيق الكثير اللحم- إلى قضاء الله- الدار الواسعة وزوج ضعيف جنسيا-، تحاول إغراء الطبيب ويعرف من خلال هذه الحادثة العارضه أن الممرضة وقعت في حبه، تبًا، الشاي اتخذ سبيله إلى البرودة، أنهض لأقدم لنفسي عرض ٱخر وهو الينسون، يكفي فقر دم من الشاي اللعين، أدخل بقدمي إلى أجواء الرواية مرة ثانية، إيقاع هاديء، حب مُحرم، عشق ممنوع، انتظر ما يمنع الممرضة من الوقوع في براثن الحب الحرام، بالطبع كما توقعت، السيدة متزوجة، ولم تخبره إلا بعد أن قبّلها عنوة، وهي استسلمت لهذا الحب العابر، فزع بطلنا علم بزواجها من غفير الوحدة، وتبين أنه غرق في هذه الورطة، تبًا مرة أخرى، نصف كوب الينسون أصابه البرودة مثل بعض تفاصيل الرواية، القصة إلى الآن عادية وبلا أي أكشن، المطر توقف عن الهطول، لن استسلم، سأبقى مع الدكتور..، مهلا، لا أعرف إسمه إلى الآن، ولا وصفه ولا شكله، هل الكاتب نسي أم قصد ذلك؟، لا يهم، تتدخل الشرطة في الأحداث، وها هي قضية تزوير تظهر في بداية حكم الرئيس الجديد، بعد مقتل الرئيس السابق في العرض العسكري، يُهدد بطلنا بالسجن مرة أخرى، ويشارك في التزوير وهو مكفهر الوجه، عابس الملامح، ولكن لا باليد حيلة، بداية رئاسية جديدة بالتزوير، ونِعم، نعود للحب الممنوع، تتفق معه الممرضة ذات الجمال الريفي و القوام الدافيء والجسد الذي يبغى الجنس ولكن في المدينة وليس في الريف، ويحتال البطل على نفسه ويغفل ضميره إرضاءً لشهوته، ويلتقي الجسدان في أرض رخيصة يحرسها قوّاد يتلاعب بقواعده وقوانينه لصالح جيبه الواسع، تأخذني الرواية لمنعطف جانبي عن الغجر والجازية التى رأت بعينيها وشهد جسدها وسمعت بأذنيها كل أنواع القاذورات التى يفعلها أدنى جنس الأرض، أُغتصبت، وسمعت السباب والشتائم، وانتهك جسدها آناء الليل وأطراف النهار، ويقف بجوارها طبيبنا في محنتها، تتوالى الأحداث في فتور، أسمع قطرات المطر وهي استأذن على زجاج النافذة وكأنها تطالب بالدخول، يبدو أن الطبيعة تفاعلت مع الرواية، إنها دموع جديدة، تُرى لماذا؟، سرعان ما علمت بحمل الممرضة، البذرة التى زرعها الطبيب في غير حقله، تواجهه، يطلب منها أن تتطلق من زوجها ويهربا بعيدا، لا تقدر، ابن عمها، نحن من الارياف، ليست بهذه السهولة نصنع حياتنا، زوجها لا ينجب وهو يعلم هذا السر الذي أخفاه عن الجميع، بطنها ستكبر وسوف يعلمون بالفضيحة، ويصبح مصيره مثل مصير الترزي المسيحي الذي وضع نطفته في رحم سيدة مسلمه في الحرام، وعندما انكشفت، وضعوه على الحمار في وضع مقلوب، وتم طرده من البلدة شر طرده وقُتلت المجرمة تحت رضاء الحكومة والمجتمع، لا لا لا، هناك حل، لن يكون مصيره مثل الترزي، هو أذكى منه، ماذا يفعل؟ ، جاءت الفرصه إليه دون عناء، جاء زوجها يطلب منه مبلغ من المال للخروج إلى الصحراء في مأمورية، أعطاه المال بكل سهولة، وبالفعل كما توقع بعد عدة صفحات طويلة، أكلته الضباع، و نهشت لحمه وعظمه وخرجت أمعاءه من تجويف بطنه، قاتل، ظن أنه القاتل، احتار وسأل سؤالا وجوديا:هل حقا قاتل أم كان يدافع عن حبه؟ جاءت الإجابة كما توقعت من زوجته وعشيقته التي وجدها في حالة استثنائية، لطخت وجهه وملابسه بالطين، الوحل كانت الاجابة، تراشقت بالألفاظ، قاتل.. قاتل.. قاتل. وجد نفسه أخيرا الإجابة، وجاءت الموافقة على نقله من الأرياف.

تنفست الصعداء بعد أن أتممت الرواية والتي توحدت معها وجدانيا في ليلة ممطرة كثيرة البكاء على الإنسان.

1b0fa2fe67ec581420ae81972d5fc5bd.jpg