د.آمال صالح تكتب:من أنا ؟

لازالت روحها ترفل في أحلام الطفولة... عالم مضيء، سماءه زرقاء صافية... لم تسأل نفسها يوما...لماذا في النهار تعشق النظر إلى السماء...لم تدرك حقيقة ما إذا كان صفاء اللون الأزرق هو الذي يشدها... أم هو التحليق في ذلك الفضاء الواسع...؟؟!
وفي الليل كان السكون هو الذي يشدها لإرسال عمق وجدانها يخاطب النجوم...كانت تحب ذلك البريق... يأخذها ويأسرها في عالم بعيد... لها وحدها... تطلق العنان فيه لخيالها... أو ربما هو من شكل ذلك الخيال...
وأصبح يكبر بها كل يوم وكل ليلة... اللحظات والزمن أصبحا من نسيج مغاير...أحست أن الوقت له وقع مختلف...وصوته يتلاشى مرات حتى تتوه في ماهيته...ثم يأتي يقرع أبواب فهمها الصغير...
والمكان تراه يعبر... يحكي لها... يسليها أحيانا...وأحيانا أخرى يبكيها...
تلك الطفلة في... كنت مدركة تماما انها كانت غريبة الأطوار...
مزاجها من بلور... يخدش بسرعة...تبكي بسرعة وعلى أتفه الأسباب...
هذا الخيال الذي كان يتملكها... كان يغيبها على الواقع...
كانت في المعهد... تجلس دائما في المقاعد الأمامية، مدركة تماما مشكلتها في التركيز.
بالرغم من ذلك كانت تفشل في أن تركز أكثر من ربع ساعة في درس الرياضيات... تفرح أول وهلة، قائلة لنفسها الحمد لله أفهم تفسير أستاذ الرياضيات... ثم تستفيق على صوت الجرس...لا لم تنم.. فقط خانتها نظرتها التي سافرت من خلال نافذة القسم... ولم تعد... ...كانت الحاضرة الغائبة في نفس الوقت، لغز مبهم لم تفهمه... وإلى حد الآن لم تجد له تفسير...
ثم لماذا في مادة العربية...خيالها يلازمها... وتحظى بإعجاب أساتذتها... بمدحون جمال التعبير ولكن عيبا واحدا يتكرر معها ويحرمها أحيانا من التفوق هو: الاستطراد...
تحب دائما أن تترك الكلام يتوه في كل مناحي الممكن من الفكرة... تعشق أن تجزء تفاصيله المملة حتى تجعل منها الموضوع الرئيسي...والعجيب أنها من كثرة ما تلقت هذه الملاحظة... تدرك تماما أنها بصدد الوقوع في الاستطراد ولا تريد أن تخرج منه...ولتذهب الأعداد إلى الجحيم...!!!!
كيف لهذه الطفلة... التي لم تغادر أفكارها سور خيالها...
كيف لهذه الطفلة العاشقة للفضاء...لزرقة السماء... لبريق النجوم...
كيف لهذه الطفلة...التي لم تطور أساليب بيانها...لم تنمي ثقافتها الإجتماعية...لم يعلموها أن صفاء السماء بعيد عن
تلون البشر...وان الحقيقة تطوع وتصبح شيئا آخر يشبه عالما يقتضي المصلحة... ويقتضي عناوينا لم تكن مدرجة في شوارع روحها المسافرة إلى عالم موازي...
كيف لهذه الطفلة... بسرعة تدخل عالم الكبار... وأول جملة تقولها لنفسها ... يا إلهي في عائلتي لا تتناول الأمور هكذا...
ولماذا كل حديثهم عن الغنى المادي...وتطول الأحاديث إلى حد يصل إلى التكالب المادي...
أول صدمة مع الزمان والمكان ... واغتراب في عمق الروح...!!!