الشاعر علي الدرورة يكتب: الإبداع بصمت

طالما دعيت الأصدقاء والمعارف إلى الولوج في عالم الكتابة والإبداع ولو بالشيء القليل من النتاج الأدبي، ولاحظت بأنّ الحماس يأخذ البعض في الكتابة ويبدأ في التخطيط وينجز كتاباً يفاخر به بين أقرانه.
وهذا حدث جميل في حياته بلا شك حيث يستمر في الإبداع فيصدر الكتاب الثاني والثالث والرابع ويستمر دون انقطاع.

وهناك فئة يأخذها الحماس فينتج كتاباً ثم يتوقف؛ لأنني بعيد عنه، وهو في المقابل لا يجد من يحثّه في المضي قدماً في عالم الإبداع فتبرد عنده حرارة الحماس فلا ينتج شيئاً، وهذا أفضل من الذين يسمعون القول فلا يتبعون أحسنه، ولا يرون أنّ ذلك مهما في حياتهم، وأن الإبداع مسألة لا تخصّهم فهو ليس بنهجهم، وقد تجد منهم الجواب بالإيجاب ومن ثم ينسى الموضوع بمجرّد ذهابك عنه.

أدرك بأنّ المسألة نابعة من الداخل، فمن طلب العلا سهر الليالي، ومن سلك طريقاً آخر فذلك قدره، ولا يمكن تحريك العامل الإبداعي في داخله وسوف يظلّ ذلك العامل في سبات عميق.

حسبي بأنّي أبديت وطرحت الأفكار والنهج وبيّنت العوامل الحضارية لهؤلاء والحصاد الإيجابي من العملية الإبداعية وانعكاسها على سيرته الذاتية، وإنّ أيّ إنسان له سيرة ذاتية مهما كان عمله، حتى إن كان عاملاً في الحقل أو بائعاً للأسماك، المهم أنّ السيرة الذاتية تكون مشرّفة، وما أروعها إن كانت تأخذ الصبغة العلمية والثقافية حيث تفاخر الأجيال به ولا سيّما أقاربه وكذلك المقرّبين له.

أن يكون للمرء كتاب مطبوع فهذا يعني أنه دخل التاريخ، وأنّ سجله الذاتي صار مشرّفاً بين الناس.

أن تبدع فهو إبداع يعود إليك نفعه، حتى وإن أبدعت بصمت فلا بُدّ يوماً أن تخرج ذلك الإبداع إلى حيّز النور ويومها تشعر بالقيمة الثقافية التي أنجزتها، وما أروع ذلك الإنجاز.
__________________
منتدى النورس الثقافي.
31 مارس 2021م.
13 / 21