الأربعاء 5 نوفمبر 2025 07:25 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أشرف محمدين يكتب: أن تكون صديقًا لشريك حياتك… أرقى مراتب الحب

النهار نيوز

في زمن تتسارع فيه الخطى وتبهت فيه المعاني تحت ضجيج الحياة، يبقى الزواج القائم على الصداقة هو الملاذ الأجمل للحب الحقيقي. فأن تكون صديقًا لشريك حياتك، لا يعني مجرد التفاهم أو المودة، بل يعني بلوغ أعمق درجات الحب وأكثرها نضجًا وإنسانية.

كثيرون يظنون أن الحب وحده يكفي لاستمرار العلاقة الزوجية، وأن المشاعر الدافئة قادرة على تجاوز الخلافات والأزمات. لكن الحقيقة أن الحب، كي يعيش، يحتاج أن يتحول إلى صداقة. فالصداقة هي المساحة الآمنة التي يُمكن للزوجين أن يكونا فيها على طبيعتهما دون خوفٍ أو حذر.

الصداقة بين الزوجين لا تُولد صدفة، بل تُبنى على مواقف صغيرة تُثبت مع الوقت أن هناك سندًا حقيقيًا لا يُحاسب على الضعف، بل يُسانده. فأن تكون صديقًا لشريك حياتك، يعني أن تراه إنسانًا لا دورًا، أن تفهم احتياجه للراحة والقبول قبل الحكم والمقارنة.

في الصداقة الزوجية، لا يكون الحديث واجبًا بل متعة، ولا يكون الصمت علامة جفاء بل طمأنينة. هي علاقة يُقاس عمقها بصدق الشعور، لا بعدد الكلمات. فالصديق الحقيقي هو من يمكنك أن تكون أمامه كما أنت، دون خوفٍ من فقدانه.

الزواج الذي لا يقوم على الصداقة يشبه بيتًا بلا شبابيك، قد يبدو متينًا من الخارج، لكنه يفتقد النور والهواء. أما الزواج القائم على الودّ والاحترام والفهم، فهو وطن صغير، يشعر فيه كل طرف أنه في مكانه الآمن.

أن تكون صديقًا لشريك حياتك، يعني أن تكون له مرآة صادقة، تُنصت أكثر مما تُجادل، وتختلف دون أن تهدم ما بُني بينكما. فالصداقة لا تُلغى بخلاف، بل تُقاس بقدرتنا على البقاء رغم الاختلاف.

وفي الصداقة الزوجية لا مكان للمنافسة أو الأقنعة، بل للمساندة الحقيقية. حين ينجح أحدكما، يفرح الآخر كأنه هو، وحين يتعثر أحدكما، يمد الآخر يده دون منٍّ أو تذكير. فالعلاقة التي تقوم على الاحترام المتبادل تُعيد تعريف الحب، ليصبح راحةً وسكينة لا مجرد شغفٍ مؤقت.

الصداقة في الزواج لا تُلغي الشغف، بل تُعمّقه. لأن الشغف المبني على الاحترام يعيش أطول، والقلوب التي تتحدث وتضحك معًا لا تبرد مهما مرّت بها السنين. أما الأزواج الذين ينسون معنى الصداقة، فيعيشون غرباء تحت سقفٍ واحد.

الزيجات الناجحة ليست تلك التي تخلو من الخلافات، بل تلك التي يبقى فيها الاحترام والحوار والصداقة حاضرة رغم كل العواصف. فالحوار بين الأصدقاء يُذيب الجفاء ويمنح العلاقة مرونة تنجو بها من الانكسارات.

وفي النهاية، أن تكون صديقًا لشريك حياتك يعني أن تمنحه الأمان قبل الحب، والفهم قبل العتاب، والاحترام قبل الكلمات. فالحياة الزوجية ليست معركة لإثبات القوة، بل رحلة لاكتشاف المعنى الأجمل للحياة.

كونوا أصدقاء قبل أن تكونوا أزواجًا، وازرعوا بينكم حوارًا صادقًا ودفئًا لا يخلو من الدعابة، لأن الصداقة وحدها هي التي تضمن أن يبقى الحب حيًّا مهما تغيّرت الأيام.

فمن يجد في شريك حياته صديقًا حقيقيًا، فقد امتلك الدنيا مرتين: مرةً بالحب، ومرةً بالطمأنينة.