المتحف المصري الكبير... ميلاد حضارة تتجدد

في مشهدٍ يختصر خمسة آلاف عامٍ من المجد، تفتح مصر قلبها للعالم معلنةً افتتاح المتحف المصري الكبير، أعظم صرحٍ أثري في التاريخ الإنساني الحديث، ودرّة التاج في منظومة التراث العالمي.

من جوار أهرامات الجيزة الخالدة، يتجلّى فجرٌ جديدٌ للحضارة المصرية، حيث يلتقي عبق الماضي بروح الحاضر، فيتحول المتحف إلى رسالة سلامٍ وجمالٍ ووعيٍ للعالم أجمع.

هذا الإنجاز العملاق لا يمثل مشروعًا ثقافيًا فحسب، بل هو رمزٌ وطنيٌّ وإنسانيٌّ يؤكد أن مصر لا تزال تصنع التاريخ كما صنعته من قبل، وتُعيد للأذهان أن أرض الكنانة مهدُ الفن والعلم والحضارة منذ فجر الإنسانية.

لقد أرادته القيادة السياسية نموذجًا حضاريًا فريدًا يجسّد هوية مصر الحديثة، التي تمسك بخيوط الأصالة والتجديد في آنٍ واحد، وتقدّم للإنسانية صرحًا يليق بعظمة أجدادها وبإبداع أبنائها.

في أروقته تتحدث الآثار بلغة الحجر، وتروي جدرانه قصص الملوك والأنبياء، وتستعيد النفوس عظمة الأجداد الذين شيّدوا المجد بلا حدود.

وها هو المتحف المصري الكبير اليوم يقف شامخًا كأكبر متحف أثري في العالم، يحتضن ما يزيد عن مئة ألف قطعة أثرية، بينها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون في عرضٍ لم يسبق له مثيل.

فكل جناحٍ من أجنحته يحكي فصلًا من فصول العظمة، وكل قطعةٍ منه تهمس باسم مصر التي لا تغيب عن ذاكرة الزمن.

إن افتتاح المتحف ليس حدثًا محليًا فحسب، بل هو عيدٌ عالمي للحضارة الإنسانية، ودليلٌ على أن مصر – رغم ما مرّت به من تحديات – ما زالت قادرةً على الإبهار والإشراق، تسير بثقة نحو المستقبل وهي تحمل في يدها تراث الماضي وعظمة الحاضر.

سلامٌ على مصر التي تبهر العالم من جديد، وسلامٌ على أجدادٍ سكنوا الخلود، وأحفادٍ يصنعون الحاضر والمستقبل بعزمٍ لا يلين.

فمن أرض الجيزة، حيث تلتقي الشمس بأجنحة التاريخ، تُعلن مصر للعالم أن الحضارة لم تمت... بل عادت لتُولد من جديد في ثوبٍ من نورٍ يُدعى المتحف المصري الكبير.