الخميس 6 فبراير 2025 08:55 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

ايمن سلامة : الإعادة القسرية للاجئين بعد انتهاء النزاع المسلح في سوريا

النهار نيوز

في ظل انتهاء النزاع المسلح في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، تظل مسألة الإعادة القسرية موضوعًا قانونيًا وإنسانيًا معقدًا. يجب على الدول المضيفة، خاصة في أوروبا، أن تلتزم بمبدأ حظر الإعادة القسرية، مع التركيز على إجراء تقييم دقيق للوضع الأمني والإنساني في سوريا. كما يجب أن تُراعى حقوق اللاجئين المكتسبة خلال فترة لجوئهم، مع تعزيز التعاون الدولي لضمان عودة آمنة وكريمة لمن يرغبون في العودة طوعًا. يبقى الهدف الأساسي هو حماية كرامة اللاجئين وضمان احترام حقوقهم الأساسية، بغض النظر عن تغير الظروف السياسية في بلدهم الأم.

يمثل مبدأ حظر الإعادة القسرية (Non-Refoulement) جوهر اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967، حيث يُحظر على الدول طرد أو إعادة اللاجئين إلى بلد قد يتعرضون فيه للاضطهاد أو التهديد بحياتهم أو حريتهم. يُعد هذا المبدأ حجر الزاوية في حماية اللاجئين بموجب القانون الدولي، ويُعتبر ملزمًا سواء للدول الأطراف في الاتفاقية أو غير الأطراف، باعتباره جزءًا من القانون الدولي العرفي.

تعريف الإعادة القسرية

يقصد بالإعادة القسرية أي إجراء تتخذه دولة مضيفة يؤدي إلى إعادة شخص قسرًا إلى بلد المنشأ أو أي بلد آخر حيث توجد أسباب حقيقية للاعتقاد بأنه سيكون معرضًا لخطر الاضطهاد، التعذيب، أو المعاملة غير الإنسانية أو المهينة. ينطبق هذا المبدأ بغض النظر عن وضع الشخص كمُعترف به كلاجئ رسميًا أو غير ذلك.

الإعادة القسرية في ظل انتهاء النزاع المسلح

تثير مسألة الإعادة القسرية للاجئين السوريين في حال انتهاء النزاع المسلح، لا سيما بعد سقوط نظام بشار الأسد، تساؤلات قانونية وإنسانية عميقة. إذ تتداخل مجموعة من المعايير القانونية والسياسية لتقييم إمكانية إعادة اللاجئين، ومدى التزام الدول بمبدأ حظر الإعادة القسرية في ظل تغير الظروف في بلد المنشأ.

1. التقييم القانوني للأمان في سوريا

حتى بعد انتهاء النزاع المسلح وسقوط النظام، يتعين تقييم الوضع الأمني والإنساني في سوريا بعناية. يقتضي القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما المادة 33 من اتفاقية اللاجئين، النظر في ما إذا كانت الظروف في سوريا قد تغيرت بشكل جوهري بحيث:

  • لم تعد هناك أسباب حقيقية للاعتقاد بوجود خطر التعرض للاضطهاد.
  • تحقق عودة آمنة وكريمة ومستدامة.

في هذا السياق، لا يُعتبر مجرد انتهاء الأعمال العدائية المسلحة دليلاً كافيًا على زوال خطر الاضطهاد أو الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، خاصة في ظل احتمال وجود انتهاكات من جماعات مسلحة متبقية أو غياب سلطة مركزية فعالة.

2. معيار "التغيير الجوهري"

يتطلب القانون الدولي إثبات "تغيير جوهري ومستدام" في بلد المنشأ قبل اتخاذ قرار بإعادة اللاجئين. يعني ذلك أن الوضع الأمني والسياسي يجب أن يشهد تحسنًا كبيرًا ودائمًا، بما يضمن عدم تعرض العائدين للاضطهاد أو الانتقام، سواء من الحكومة الجديدة أو الجماعات المسلحة أو الفصائل المحلية.

3. مخاطر الإعادة القسرية الجماعية

تمثل الإعادة القسرية الجماعية خرقًا صارخًا للقانون الدولي. في حال قررت دولة ما إعادة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين دون إجراء تقييم فردي لحالاتهم، فإن ذلك يُعتبر انتهاكًا لمبدأ حظر الإعادة القسرية. يتطلب القانون إجراء مراجعات فردية لكل حالة لتحديد ما إذا كانت هناك مخاطر فردية على الأشخاص المعنيين.

4. الاعتبارات الإنسانية

لا يمكن إغفال الجانب الإنساني عند الحديث عن الإعادة القسرية، حتى بعد انتهاء النزاع. قد يكون اللاجئون قد أمضوا سنوات في دول اللجوء، وأقاموا حياة جديدة فيها، بما في ذلك العمل والتعليم والاندماج في المجتمع المحلي. يُعد إجبارهم على العودة قسرًا تجاهلاً لهذه الاعتبارات، وقد يؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية جسيمة.

التزامات الدول الأوروبية

مع ازدياد الدعوات في بعض الدول الأوروبية لتقييد طلبات اللجوء للسوريين وإعادة النظر في أوضاعهم القانونية، يجب على هذه الدول:

1. الالتزام بمبدأ حظر الإعادة القسرية:

o الامتناع عن إعادة اللاجئين السوريين دون إجراء تقييم شامل وموضوعي للوضع في سوريا.

o ضمان وجود آليات قانونية للطعن في قرارات الإعادة.

2. مراعاة حقوق الإنسان الأساسية:

o ضمان أن تكون أي عودة طوعية حقًا طوعية وليست تحت ضغط الظروف السياسية أو الاقتصادية.

3. التعاون مع المنظمات الدولية:

o العمل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) لضمان توفير الدعم اللازم للعائدين.

العودة الطوعية كبديل للإعادة القسرية

تشدد المبادئ التوجيهية للمفوضية السامية للأمم المتحدة على أن العودة الطوعية هي الحل الأمثل للاجئين، لكنها يجب أن تكون مستنيرة، آمنة، وكريمة. في حال اللاجئين السوريين، يتطلب ذلك:

  • تقديم معلومات دقيقة حول الأوضاع في سوريا.
  • ضمان عدم تعرضهم للاضطهاد أو التمييز عند العودة.

توفير دعم لإعادة الاندماج في مجتمعاتهم الأصلية