الثلاثاء 22 أبريل 2025 02:25 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

أدب وثقافة

قراءة نقدية لقصيدة (أحبك بشكل مختلف) للشاعرة التونسية آمال صالح

د.آمال صالح / د. حمزة علاوي
د.آمال صالح / د. حمزة علاوي

أحب بشكل مختلف...

لا تقف هنا لأنها نقطة
احمل آهاتك ولا تعاديها
أرسمها وردا أو حتى هوسا من العطر
حين يخرج من وجدك
مثل مصباح من نور

لا تقف أمام هذا الوجع
أغمض عينيك
وسافر إلى نقطة أبعد
أرسم بيد الموت
آثارا جديدة
تعلم أن لا تقف
وحدها الأيام تعلمنا السفر
والزمن ينبض في الذاكرة بشكل مختلف
الحب فيك بشكل مختلف
كل شيء لا يوحي لك بالوضوح
بين المكان والزمن
اتركه يرتوي من عطرك
إنها المسافة بينك وبين الآخر
حلم لحقيقة أخرى
لا يهم إن كنت مختلفة
سوف أكون مثلما أنا
أراقص الحب في شوارع مزروعة
بنقاط وحروف بدون كلام
كل اللغات توحي بالسلام
رغم العنف
رغم الاستسلام
لا تقف
احمل آهاتك ولا تعاديها
وارقص ولا تخف
أنك مختلف

يستفز عنوان قصيدة (الشاعرةآمال)رؤية المتلقي،ومغالقه الذهنية،فيذهب سارحا،ومارحا بين افق توقعاته، باحثا عم هو مختلف، كي يخرج من دائرةالمألوف، ويعيش الحدث ورحابه؛فضلا عن خلق جوا من التفاعل مع القصيدة ،او الحدث الشعري.
لا تقف هنا لأنها نقطة
احمل آهاتك ولا تعاديها
أرسمها وردا أو حتى هوسا من العطر
حين يخرج من وجدك
مثل مصباح من نور ؛
يحمل خطاب الشاعرة للذات الغائبة،طاقة انفعالية وعاطفية، مشحونه بالغموض- المكان، والنفي، وهذا ما يعطي المتلقي قوة تدفعه للبحث في اعماق الجملة الشعرية وصولا الى الدلالة النفسية،التي تعاملت معها عواطف ومشاعر الشاعرة.تغني نصها بالفضاء اللغوي والدلالي:الجمل الانشائية، الخبرية، والانزياحية - مثل: مصباح من نور،والمقابلة اللفظية -الورد ،العطر؛الآهات والهوس ؛ وهذا ما يحرك ذهنية المتلقي لالتقاط الدلالات التي تكمن خلف هذه الالفاظ اللغوية.يمنح الامر والنهي النبرة الايقاعية،ويظهر التوتر والقلق في خطاب الشاعرة. يحضر التوازي والامتداد للسطر الشعري،وفقا لانفعالات الشاعرة الذي ينم عن قلقها الوجودي،فضلا عن تحقيقه الدلالة الجمالية لهندسة النص.اظهرت الشاعرة المفارقة الشعرية بين ما تود من الآخر ان يضمر آهاته ومعاناته،ويمظهرها وردا اوعطرا يفوح من حزنه كنور من مصباح ؛تهدف الشاعرة من وراء ذلك ألا يظهر حزنه ،فعليه ان يكابر، يقاوم قسوة مايحل به . مازجت بين الصورة البصرية والحسية للوصول الى الدلالة الجمالية في صياغة النص .
(لا تقف أمام هذا الوجع
أغمض عينيك
وسافر إلى نقطة أبعد
أرسم بيد الموت
آثارا جديدة)؛
تمنح النص السيرورة الزمنية، الصورة المجازية،والدلالة البصرية ؛وتتخذ من الوجع كناية عن حالتها النفسية، وفيض اثارتها الحسية. جسدت ثنائية المرئي-واللامرئي،هذه التضادية تمنح الجملة الشعرية ايقاعا بصريا،ودلالة الرفض الجاثم بين طيات خطابها. اصبحت الذات الاخرى في متاهة افق بصرها، وتلاشي رؤيتها، انها ظلمة العين التي تتلاطم بها الاوهام التي تسوقه الى مسافات الغيبة.تستمر بصياغة الجمل الانشائية الامرية في نصحها وارشادها.تروي نصها بالتورية البلاغية لاثارة ذهن المتلقي،فالموت ليس له يد،ولكن المقصود التحدي وتحمل الصعاب؛ كما ان هذه التورية كسرت افق المتلقي
(تعلم أن لا تقف
وحدها الأيام تعلمنا السفر
والزمن ينبض في الذاكرة بشكل مختلف
الحب فيك بشكل مختلف )؛
تستمر الشاعرة بتكرار اللازمة حفاظا على تماسك النص واستمرار الايقاع اللفظي، وتحقيق دلالة استمرارية الزمن المبنية على استعمال الشاعرة للافعال- المضارع، والامر؛ فضلا عن توظيفها لاسترجاع الماضي من خلال الذاكرة.وظفت مفردة 'ينبض' للدلالة على ديمومة زمن الحدث.تعمل الشاعرة على تكثيف النص بالافعال المضارعة التي تحمل دلالة الحاضر، الحركة والتغيير محدثة نوعا من التناسق اللغوي ،الجرس الصوتي، والبعد النفسي ،؛ فضلا عن انتقالاتها من -تعلم ،تعلمنا-وهذا مايمنح النص ايقاعا موسيقيا، يعزز دلالة النصح والارشاد.تشد هذه الانزياحات البلاغية من أزر المتلقي لمتابعة النص،وتشوقه لقراءته. تتخذ من الذاكره بدلالتها الزمنية حضور الماضي في زمن المضارع ؛وهذا ما يولد ثنائيةالوعي والشعور للشاعرة، واللاشعور المكنون في الذاكره. تكرر لفظة -مختلف-كايقاع صوتي، يعزز التركيب البنيوي للقصيدة من خلال علاقاته مع الدلالات الاخرى . يعبر التكرار اللفظي عن وجهتين :التشابه في الشكل،والاختلاف في المضنون ، في الاولى دلالة الزمن،والثانية تحمل الدلالة الرومانسية -الحب .تستخدم الزمن بصيغ مختلفة-الايام ، السفر، والذاكرة، حتى تستفز رؤية،وفكر المتلقي،وهروبه من دائرة الملل.
(كل شيء لا يوحي لك بالوضوح
بين المكان والزمن
اتركه يرتوي من عطرك
إنها المسافة بينك وبين الآخر
حلم لحقيقة أخرى
لا يهم إن كنت مختلفة
سوف أكون مثلما أنا
أراقص الحب في شوارع مزروعة
بنقاط وحروف بدون كلام )؛
تمنح الشاعرة المتلقي صورة ضبابية لرؤية العالم لماحول الآخر ،وتتخذ من صورتي المكان والزمان تعبيرا مجازيا عن صورة الحياة لجفرافية الذات الاخرى .تجعل من-العطر-صورة حسية تنسجم مع عاطفته واحساسه.تستخدم الشاعرة ثنائية الثابت -مثلما انا -والمتغير -مختلفة -وهذا ما يحمل دلالة الثقة بالنفس. توظف الرقص كدلالة لتحرير الجسد والفكر؛وتتخذ من النقاط والحروف علامات سيميائية، ولغة صامته،يفك شفرتها المتلقي.
(كل اللغات توحي بالسلام
رغم العنف
رغم الاستسلام
لا تقف
احمل آهاتك ولا تعاديها
وارقص ولا تخف
أنك مختلف)؛
تحقق الاتساق النصي من خلال ترابط الصور الشعرية، والثنائيات الضدية:السلام، والعنف.تكرر لفظة'رغم'لتحقيق دلالة الانفعال،والصمود؛فضلا عن التكرار المعنوي،وهذا ما يعزز السياق الدلالي للنص. اختتمت النص بتكرار اللازمة /لاتقف../كي تحافظ على وحدة النص؛ وصياغة التوازي التركيبي للانساق الشعرية بين المثبت والنفي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم الدكتور حمزة علاوي مسربت - العراق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

آمال صاح شعر تونس العراق قراءة نقد