الأديب تامر محمد عزت يكتب: فتاة المقابر (معا إلي الأبد)


سأروي على حضراتكم حكاية غريبة ،
الحكاية حدثت في عشرينيات القرن الماضي ما بين 1920 --1930 في ألمانيا.
اُتهم طبيب باتهام غريب جدا والتي اتهمته هي زوجته..التهمة أنه على علاقة غرامية بسيدة ميته!
وانه كل ليلة يذهب إلى المقابر ويمكث هناك طوال الليل يتحدث معها وهي ترد عليه!
المحكمة بالقطع شكت في قواهم العقلية ..وبعد التحقيق من قبل الاطباء النفسيين وجدوه عاقلا بما يكفي ولأنها كانت شديدة الغيرة أدى هذا إلى إسقاط القضية ولكي نقطع الشك باليقين..تم استخراج الجثة ودفنها في مقبرة أخرى غير معلومة المكان.
لكن..بعد عدة سنوات
وبعد وفاته وجدوا في مذكراته الآتي :
" كنت أعيش بين الهند وأستراليا.. وسافرت إلى ألمانيا في بعثة طبية... التقيت هناك كما يقولون بـ(نصفي الآخر) الجميلة "ماريا"..كانت مريضة بالسل...مسكينة تلك الفتاة... فقد تُوفي أخ لها بالسل أيضا وتوفي أخيها الثاني صعقا بالكهرباء وعندما تزوجت تلك الفتاه أصابها ذلك المرض اللعين وأجهضت وتخلى عنها زوجها وهرب .
في البداية تعاطفت معها على الرغم من خطأ أن يتعاطف الطبيب مع مرضاه ولكن هذا التعاطف تحول إلى عشق .
في إحدى الليالي أخبرتها بأني اعرفها منذ زمن..لم تصدق في البداية ولكنها صدقت بالأدلة التي أخبرتها عنها
وسألتني كيف ذلك؟
قلت لها :انها كانت تظهر لي في المنام.
لم أنس روعة بريق عينيها وارتفاع حواجبها الرفيعه من الدهشة بالرغم من شحوب وجهها إلا أنها كانت فائقة النضارة في عيني، حرصت على علاجها؛ كي أتزوجها ولكن الموت كان أسبق من العلاج..ورحلت.
قبل وفاتها بيوم قالت لي كلاما عجيبا..اخبرتني انها سوف تزورني في المنام..كما كانت في السابق.
في البداية انقبض قلبي وأن هذا يعني أن هناك أمر سوء سوف يحدث ويبدو أن كُشف عنها حجاب الموت ورأت ما بعد ذلك.
و بالفعل..أوفت بوعدها ولكن بعد سنوات من زواجي بأخرى.
زارتني كثيرا وطلبت منّي التحرر من سجنها الحجري التي تسكنه، لم افهم في البداية، وتكرر المنام بكل تفاصيله ،لدرجة أن شبح روحها كانت تلاحقني في كل مكان.
لذلك كنت أزورها كل ليلة... زوجتي شكت في سلوكي وقواي العقلية.
وذات ليلة.. اقتحمت قبرها..كنت الهث من الرعب والخوف.. كنت بلا وعي ولا عقل.. فتحت القبر ووجدت شيء أغرب من الخيال، وجدت " ماريا " بجسدها وجمالها كما كانت رغم مرور الأعوام...لم اصدق نفسي، بكيت من الفرح والسعادة وبدون أن أشعر بنفسي... رفعتها من تابوتها وضممتها إلى صدري وهممت بتقبيلها، ولكن زوجتي قد أتت في تلك اللحظة وصرخت في رعب، شعرت أن صراخها يكاد يوقظ الاموات..اتهمتني باتهام آثم..بأنني على علاقة شاذة مع ميته، ولكن المحكمة أثبتت برائتي وأنني سليم نفسيا وعقليا.
وأعادوا دفن "ماريا " في مقبرة أخرى .
انفصلت عن زوجتي وبقت ماريا تزورني في منامي ليلاً واذهب إليها كل صباح في مقبرتها الجديدة ولكن بدون أن اقتحمها.. فشبح روحها يكفي..حتى يحين الوقت وتذهب روحي من هذه الدنيا ونبق معا كروحين إلى الأبد ".